رئيس الصندوق السيادي القطري من الخسائر الجانبية للمقاطعة

لندن – قدمت الحكومة القطرية صيغة مخففة لتغييرات مفاجئة في إدارة صندوقها السيادي بالإعلان عن “مغادرة” الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار الشيخ عبدالله بن محمد آل ثاني، دون تقديم أسباب لذلك.
وسارع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني خلال ساعات لإصدار أمر بتعيين رئيس تنفيذي جديد هو منصور إبراهيم آل محمود. ويقضي القرار بتنفيذ أمر التعيين والعمل فور صدوره ونشره في الجريدة الرسمية.
ويأتي القرار بعد تغييرات كثيرة أجريت على جهاز قطر للاستثمار خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد مقاطعة السعودية والإمارات ومصر والبحرين للدوحة منذ 5 يونيو 2017 بسبب دعمها للإرهاب.
وتؤكد التغييرات المفاجئة التي أعلنت أمس عن فشل محاولات إصلاح المشاكل العميقة في إدارة الصندوق السيادي، الذي يعاني من سلسلة طويلة من الفضائح والتحقيقات الجنائية في عدد من بلدان العالم بسبب تهم بالفساد والاحتيال وتقديم الرشاوى وخاصة في بريطانيا وفرنسا.
وعكف الصندوق على تسييل أصول بقيمة عشرات مليارات الدولارات منذ فرض المقاطعة العربية على قطر لتخفيف الأزمات الاقتصادية وشح السيولة نتيجة موجة نزوح الأموال عن قطر بعد تراجع ثقة المستثمرين الأجانب بمستقبل اقتصاد البلاد.
ورغم عدم الكشف عن سبب “الاستقالة” المفاجئة، إلا أن بعض التقارير أشارت إلى أن الرئيس التنفيذي قفز قبل أن تتم الإطاحة به بسبب ارتباك الاستثمارات والفضائح وتسجيل خسائر كبيرة في بعض الصفقات.
وكان قد تم تعيين الشيخ عبدالله بن محمد آل ثاني رئيسا لجهاز قطر للاستثمار في ديسمبر 2014 بعد أشهر من وصول الشيخ تميم إلى سدة الحكم في إطار تعديلات جذرية لاستئصال مراكز النفوذ المرتبطة بالعهد السابق لإدارة الصندوق السيادي.
وواجهت الاستثمارات القطرية في بريطانيا الكثير من الفضائح وأثارت جدلا واسعا بشأن أهـدافها، كما واجهت الكثير من العقبات بسبب المشاريع التي يقـول البعض إنها لا تلائم هوية المدن البريطانية.
وبعد فترة فتور، صعدت الدوحة رهانها على الاستثمار في بريطانيا في مارس الماضي وأعلنت أنها تعتزم استثمار 5 مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا خلال السنوات القليلة القادمة.
ويرى المحللون أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر بسبب غموض مستقبل الاقتصاد البريطاني وهو يدخل اليوم مخاض الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وسط تصاعد الانقسام داخل المجتمع البريطاني بشأن تفاصيل الطلاق الأوروبي الشاق.
وقطر من بين أكبر المستثمرين في لندن وتمتلك معالم بارزة مثل ناطحة السحاب شارد ومتجر هارودز والقرية الأولمبية وحصص في شركة متاجر التجزئة سينسبري ومطار هيثرو في لندن، إضافة إلى فنادق فخمة.
كما تملك حصة في بنك باركليز الذي ساهم في إنقاذه خلال الأزمة المالية العالمية قبل 10 سنوات، والتي لا يزال يحقق فيها مكتب مكافحة الاحتيال والجرائم المالية الخطرة في بريطانيا.
وقد أعلن المكتب في يوليو الماضي عن إعادة توجيه تهم جنائية إلى بنك باركليز بتلقي مساعدة مالية غير قانونية بمليارات الجنيهات الإسترلينية من مستثمرين قطريين.
وتأسس جهاز قطر للاستثمار عام 2005 لإدارة واستثمار عائدات الدولة من صادرات النفط والغاز. واضطر الصندوق لبيع الكثير من الأصول لمساعدة البنوك والشركات القطرية منذ مقاطعة قطر من قبل الدول الأربع.
وتشير أرقام معهد صناديق الثروة السيادية (أس.دبليو.أف انستتيوت) المختص بتتبع الصناديق السيادية إلى أن جهاز قطر للاستثمار يملك أصولا بنحو 320 مليار دولار.
وأعادت الدوحة ترتيب الكثير من الاستثمارات منذ إعلان المقاطعة لأهداف سياسية تفتقر إلى الجدوى الاقتصادية بغرض استرضاء بعض الدول لتخفيف عزلتها والاتهامات الموجهة إليها بدعم الإرهاب وخاصة في الولايات المتحدة.
وواجهت الاستثمارات القطرية معارضة واسعة وأثارت التساؤلات في بلدان الربيع العربي، بسبب غموضها وارتباطها بخطط لدعم جماعات الإسلام السياسي.
ويشير معارضون قطريون إلى تبديد أموال طائلة في السنوات الماضية بعيدا عن المعايير الاقتصادية لإدارة الاستثمارات، بلغت ذروتها في إغداق الأموال على حكومات الإسلام السياسي.
وهيمن الطابع الارتجالي والاستعراضي على كثير من الاستثمارات في الدول الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا، والتي صاحبتها الكثير من اتهامات الاحتيال والفساد ودفع عمولات كبيرة.
وواجهت الاستثمارات الباذخة في بريطانيا حيث تستثمر قطر مليارات الدولارات، تساؤلات كثيرة أدت إلى إلغاء عدد من المشاريع العقارية العملاقة. وطالبت تقارير بضرورة إجراء تحقيقات في مصير العمولات التي تصاحبها والتي يمكن أن تصل إلى تنظيمات إرهابية.
وفي فرنسا أدت احتجاجات الى إلغاء مشروع طرحته قطر قبل عامين لإنعاش الضواحي الفرنسية، بعد اتهامات بمحاولة التوغل في أوساط المسلمين الذين يسكن كثير منهم في تلك الضواحي.