رئيس الحكومة العراقية يطالب بتشديد عقوبة محلل سياسي تكريسا لنهج تكميم الأفواه

الحديث عن المحظورات السياسية والدينية في العراق بات بمثابة انتحار للصحافيين والناشطين وحتى المحللين.
الخميس 2023/11/09
تحت المجهر

بغداد - أعرب مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية في العراق عن استغرابه من استمرار رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في ملاحقة المحلل السياسي محمد نعناع، على الرغم من صدور حكم سابق بسجنه لستة أشهر مع وقف التنفيذ، ما يشير إلى رغبة حكومته في تكريس نهج تكميم الأفواه ومنع أي انتقاد للطبقة السياسية.

وقد تقرر مؤخرا تشديد العقوبة بحق نعناع وعدم الاستدلال بأحكام التنفيذ، بعد اعتراض رئيس الوزراء على هذا الحكم.

وأكد مركز النخيل أهمية حق التقاضي وحث الجميع على طلب المساعدة من القضاء، واعتبر أن من الأجدر برئيس الوزراء التصدي للأشخاص والجهات التي تهدد الأمن القومي للعراق وتسعى لزعزعة الاستقرار الأمني.

ونشر المحلل السياسي عدة تدوينات على موقع إكس بشأن ملاحقته معتبرا أن الهدف تصفيته بسبب انتقاده السوداني، وجاء فيها:

ثم نشر تغريدة أخرى لاحقا يشكر من دعمه، قائلا:

ويخشى ناشطون في مجال الدفاع عن حرية الرأي والتعبير في البلاد، من نهج الحكومة والمؤسسات التابعة لها باللجوء إلى سلاح "الملاحقة القضائية" في حال توجيه انتقاد لأداء المسؤولين والحديث عن حالات فساد منتشرة في أغلب مفاصل الدولة العراقية، ويقولون إن هذه الممارسات تكرس الفساد أكثر وتقلص هامش الحريات الضيق أساسا.

ويرى مختصون في حقوق الإنسان أن الحديث عن المحظورات السياسية والدينية في العراق بات بمثابة انتحار للصحافيين والناشطين وحتى المحللين على شاشات التلفزيون.

ويأمل المركز أن يكون القضاء العراقي منتصرا لحرية الرأي والتعبير، وأكد رفضه استغلال حرية الرأي للإساءة للأشخاص والمؤسسات. ويعتبر المركز هذه الدعاوى المستمرة جزءا من محاولة للتقليل من حرية التعبير وتكميم الأفواه، ويدعو إلى وقف هذه الاضطهادات القضائية غير المبررة.

وعبّر متابعون للشأن الإعلامي عن أن واقع الحريات في العراق اليوم بات قاتما، فأي إعلامي أو شخصية عامة تحاول أن تنتقد ظاهرة معينة، فإنها ستدخل ضمن محاذير قانونية يستخدمها السياسيون لقمع حرية التعبير عن الرأي وحقّ الوصول إلى المعلومة ومنع المساءلة المجتمعية.

وأضافوا أن المعلومات التي تُنشر وتتعلق بملفات فساد في مؤسسات الدولة بدلا من أن تكون محركا لمؤسسات الدولة لتحقق فيها والتأكد منها، باتت سببا لتحريك دعاوى ضد إعلاميين وصحافيين، وهو لن يكون عاملا مساعدا في بناء دولة مؤسسات، كما إنه لن يسهم في سيادة القانون التي تتطلب من المسؤول أن يكون على قدر تحمّل الانتقادات والتعامل مع المؤسسات الأخرى سواء كانت منظمات أو الإعلام أو مؤسسات حقوق الإنسان، للحفاظ على حقوق المواطن وليس على حقوق المسؤول.

◙ واقع الحريات في العراق بات قاتما اليوم
◙ واقع الحريات في العراق بات قاتما اليوم

ولا توجد إحصاءات دقيقة بشأن عدد الانتهاكات لحقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي في العراق، لكن هذه القضايا باتت شبه يومية. ويحتاج ضمان الحريات إلى قوانين تترجمه، فلا يمكن للحكومة أن تكون عاملا مساهما وحيدا في مكافحة الفساد أو تطبيق سيادة القانون أو بناء نظام يهدف إلى بناء المواطن ورعاية حقوقه. وتضع المنظمات الدولية المعنيّة بحقوق الإنسان العراق في منطقة ما دون مستوى وجود الحريات الأساسية المدنية والسياسية.

ويعتبر خبراء إعلام أن تأثير تراكم مثل هذه التقارير سيكون سيئا على العراق أمام المجتمع الدولي، كما يمكن أن يتم استغلال ذلك سياسيا في المحافل الدولية. فالعراق اليوم يفتقد لعضوية مجلس حقوق الإنسان الدولي، كما إنه لا يمتلك مفوضية لحقوق الإنسان فعّالة بسبب انتهاء عضوية مجلس المفوضية وعدم تشكيل مجلس جديد، وهو ما يسيء لتصنيف العراق في التحالف الدولي لحقوق الإنسان، بعد أن حصلت المفوضية العراقية على تصنيفات جيدة لكن التراجع الأخير الذي حدث سينعكس على ذلك التصنيف.

ويطالب ناشطون باتخاذ تدابير حقيقية تحمي الحريات والحقوق، فالطريقة الوحيدة لكبح الحكومة عن التجاوز على الحريات، هي إعطاء المجال للمؤسسات الأخرى الديمقراطية الصحافية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان للعمل ومنحها مساحة كاملة، إذ أن المنظومة الديمقراطية هي مجموعة مؤسسات تنفيذية ورقابية وحقوقية ومدنية وإعلامية، تهدف إلى حماية هذه الحقوق والحريات.

وبحسب منتقدين للحكومة، فإن الدستور العراقي والمواثيق الدولية التي وقّع عليها العراق المتعلقة بالحريات، ليسا سوى فخّ يقع فيه العامل في هذا المجال. فالعاملون في مجال الحقل الإعلامي والتعبير عن الرأي يواجهون السلطة التي بإمكانها استخدام القوة لإسكاتهم، بالإضافة إلى ثغرات عديدة في قانون الإعلام تتيح لها معاقبة كل منتقد، لذلك يجب توفير أدوات وضمانات لممارسة حق التعبير عن الرأي، وإلا سيكون العمل في مجال التعبير عن الرأي مغامرة لا يضمن صاحبها سلامته في أي وقت من الأوقات.

 

5