رئيس الأركان المصري يستكشف العقيدة العسكرية الإسرائيلية ما بعد 7 أكتوبر

كيف ستتعامل القاهرة مع أمر واقع يريد نتنياهو فرضه في ممر فيلادلفيا.
الجمعة 2024/09/06
مجرد استكشاف

القاهرة- هدفت زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد خليفة، الخميس، من خلال تفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة، إلى استكشاف العقيدة العسكرية الإسرائيلية لما بعد 7 أكتوبر.

أتت الزيارة بعد أن اتضحت الصورة من تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي أصر على البقاء في ممر فيلادلفيا وعدم نطق كل قادة الجيش الإسرائيلي بما يخالف ذلك؛ ما يعني اتفاقهم معه أو أنها خطتهم في الأصل، وأن هذا هو الأمر الواقع الجديد الذي على مصر التهيؤ له.

سمير فرج: ظهور رئيس الأركان على الحدود مع غزة رسالة حسم وصرامة
سمير فرج: ظهور رئيس الأركان على الحدود مع غزة رسالة حسم وصرامة

وجاءت زيارة الفريق خليفة غداة تمسك نتنياهو باستمرار السيطرة على الممر الحدودي بين غزة وشمال سيناء، بما يتعارض مع اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب وملحقها الخاص بترتيب أوضاع الممر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.

وحاولت مصر تغيير هذا الواقع بالأدوات الدبلوماسية في الفترة الماضية، معلنة قيامها بضبط الحدود وإنهاء ظاهرة الأنفاق منذ سنوات، غير أن نتنياهو يتشبث بعدم الخروج بحجة أن جزءا كبيرا من الأسلحة التي حصلت عليها حركة حماس أتت من خلال أنفاق عديدة أسفل الممر، مكنتها من القيام بعملية طوفان الأقصى، في اتهام مبطن لمصر وتحميلها مسؤولية ذلك.

وتبدو مساحة المناورة صعبة أمام مصر في التعاطي مع الواقع الجديد في ظل تمسك نتنياهو بأن السيطرة على الممر مسألة غير قابلة للتفاوض، ولم تفلح التسريبات التي خرجت عبر وسائل إعلام إسرائيلية للتهدئة أخيرا في تغيير هذه المعادلة، إذ يعود الرجل كل مرة ويزداد تصلبا للبقاء في الممر.

وفُسرت زيارة رئيس الأركان المصري على أنها تحوي رسالة احتجاج على ما يجري في ممر فيلادلفيا، لكنها بلا أنياب، لأنها لم تفض إلى إجراءات تتوازى مع التصريحات التي يطلقها نتنياهو من حين إلى آخر بشأن عدم الخروج من فيلادلفيا، خاصة أن تشدده حتى الآن أخرج الأمر من خانة المناكفة والمراوغة إلى فعل يتعلق بعقيدة عسكرية جديدة يرسم معالمها في هذه المنطقة.

ويمكن أن تحقق زيارة الفريق أحمد خليفة نتائج عكسية وتظهر للمصريين قبل الإسرائيليين أن القاهرة ليس بيدها ما تفعله سوى تسجيل حضورها والوقوف على الواقع الجديد الذي فرضه نتنياهو.

لكنّ خبراء عسكريين مصريين يرون الأمر مختلفا، وأن الزيارة تتضمن رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل.

◄ المناورة صعبة أمام مصر في التعاطي مع الواقع الجديد، في ظل تمسك نتنياهو بأن السيطرة على الممر غير قابلة للتفاوض

وأشار الخبير الإستراتيجي ورئيس جهاز الشؤون المعنوية بالجيش المصري سابقا اللواء سمير فرج إلى أن زيارة الفريق أحمد خليفة تنطوي على رسالة واضحة وهي أن القوات المسلحة “جاهزة ومستعدة ومتأهبة لأي طارئ قد يحدث”.

وأكد لـ”العرب” أن ظهور رئيس الأركان على الحدود مع غزة رسالة حسم وصرامة يفيد مضمونها بأن “القوات العسكرية مستعدة على الجبهة”، ومصر إن طال صبرها الإستراتيجي “لا تقبل باستمرار واقع ترفضه كليا”.

ولفت الخبير الإستراتيجي إلى أن وجود رسائل عسكرية بالتوازي مع الرسائل الدبلوماسية ضرورة تفرضها الظروف الراهنة، حيث تعي القاهرة أن نتنياهو فشل في تحقيق أهدافه ولم يعد أمامه سوى إلقاء المسؤولية على الآخرين، كأن يزعم تهريب السلاح من مصر إلى حماس، ويتجاهل حصول المقاومة في الضفة الغربية على سلاحها، والتي لا توجد حدود بينها وبين الأراضي المصرية.

ويعلم نتنياهو أن سقف التصعيد المصري لن يتجاوز الحدود الدبلوماسية لحرص القاهرة على عدم إشعال المنطقة، وأن أي خطوة قد تتضمن نوعا من الشكوى الرسمية لجهات دولية سيقابلها الرجل بفتح ملف وجود قوات مصرية نوعية في المنطقة (ج) التي نصت اتفاقية السلام على خلوها من المعدات العسكرية الضخمة، وأن مصر حصلت على موافقة ضمنية من إسرائيل في سنوات الحرب على الإرهاب.

وقال المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء نصر سالم إن رئيس الأركان المصري مارس مهامه لتذليل الصعاب وتوفير عناصر الأمن والأمان للجنود المتواجدين على الحدود، والتعرف على مطالبهم واتخاذ القرارات التي تذلل الصعوبات في ظل التوتر بين مصر وإسرائيل.

نصر سالم: زيارة الفريق خليفة تؤكد أن مصر تستعد لكل الاحتمالات
نصر سالم: زيارة الفريق خليفة تؤكد أن مصر تستعد لكل الاحتمالات

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن وجود الجنود في الصف الأمامي مع القطاع الملتهب يتطلب تواجد القادة بشكل مستمر لرفع الروح المعنوية، وذلك من طبيعة القيادة المصرية التي تتواجد في الميدان على مختلف الاتجاهات الإستراتيجية.

وأضاف أن زيارة الفريق خليفة تفهم أيضا في سياق الرد على نتنياهو وتأكيد أن مصر تستعد لكل الاحتمالات، وأن الحدود مع غزة محل اهتمام كبير من الجيش المصري، ويحتاج الوضع إلى وجود قيادة بهذا الحجم لإرسال إشارة تؤيد عدم وجود مجال للتهاون حيال أي حادث قد ينجم عن تصرف “أرعن” من جانب إسرائيل.

وشدد متحدث الجيش المصري العقيد غريب عبدالحافظ في بيان له على أن الفريق أحمد خليفة “تفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي، وبدأت الجولة بالمرور على القوات المكلفة بتأمين معبر رفح البري”.

ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر مصري رفيع المستوى لم تسمه، الأربعاء، قوله إن تصريحات نتنياهو بشأن ممر فيلادلفيا “رسالة استباقية إلى واشنطن (يفيد محتواها) برفضه أي مقترحات لوقف إطلاق النار بغزة وإجهاض لجهود التهدئة والإفراج عن الأسرى”.

وفي وقت سابق أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الانسحاب من ممر فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة لن يمثل مشكلة أمنية لإسرائيل.

وذكر رئيس حزب “معسكر الدولة” المعارض بيني غانتس أن الممر “لا يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، ويمكننا الانسحاب منه والعودة إن اقتضت الضرورة”.

1