رئيس أعلى من الهياكل الدستورية والحزبية في دستور تونس الجديد

التمهيد للقطع مع نظام حكم شبه برلماني كرّس تشتتا سياسيا.
الأربعاء 2022/06/15
جمهورية جديدة لإنهاء إضعاف الدولة بنظام شبه برلماني

مع اقتراب الكشف عن مسودة الدستور الجديد في تونس تتزايد الإشارات إلى مضامين هذا الدستور من قبل الهيئة المعنية بتقديم مقترحات في عملية صياغة هذه المسودة، ما جعل ملامح نظام الحكم وعدة مسائل أخرى في المرحلة المقبلة تتضح حيث باتت البلاد أقرب إلى اعتماد نظام حكم رئاسي يقطع مع نظام الحكم شبه البرلماني الذي كان معتمدا في السابق والذي كرس انقساما وتشتتا سياسيا غير مسبوق في البلاد.

تونس - مهد رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة في تونس الصادق بلعيد (أستاذ قانون دستوري) الطريق لعودة البلاد إلى نظام رئاسي عندما أكد أن الرئيس في الدستور الجديد -الذي من المرتقب أن يُعرض على استفتاء شعبي في الخامس والعشرين من يوليو المقبل- سيكون أعلى من الهياكل الدستورية والحزبية وسيتولى بنفسه تكليف رئيس الحكومة.

وتنظر أوساط سياسية تونسية إلى هذه الخطوة بتفاؤل لأنها قد تقطع مع نظام الحكم المعتمد في تونس طيلة العشرية الماضية، وهو نظام شبه برلماني أثبتت الأزمات التي عصفت بالبلاد فشله رغم تشبث حركة النهضة الإسلامية به.

وفي حوار له مع القناة الوطنية الأولى العمومية قال بلعيد الذي كلفه رئيس الجمهورية قيس سعيد برئاسة هيئة استشارية لوضع مقترحات للدستور الجديد إن “الرئيس في الدستور الجديد سيتولى اختيار وتعيين رئيس للحكومة”، موضحا أن "الحكومة ستُصبح هيئة حُكمية لتقديم المبادرات ومهمتها ليست تنفيذية".

وفي دستور 2014 الذي علق قيس سعيد العمل بأغلب أبوابه وفصوله، تُمنح للرئيس صلاحية اختيار رئيس حكومة لكن ذلك يتم باقتراح من الحزب الذي يفوز بأغلبية في البرلمان كما يختار رئيس الحكومة أعضاء حكومته.

وأشار بلعيد إلى أن الهيئة الحكمية ستكلف بالملفات الاقتصادية وستكون محركا للاقتصاد، مشيرا إلى أن دور البرلمان سيكون تشريعيا فقط. وقال إنه لا داعي إلى إدراج الهيئات الدستورية والمحكمة الدستورية في فصول الدستور الجديد كما هو الحال في دستور 2014.

الصادق بلعيد: الرئيس سيتولى اختيار وتعيين رئيس للحكومة

وتصب جل المؤشرات في صالح تنصيص الدستور الجديد المرتقب -الذي لم تر مسودته التي ستعرض على الاستفتاء النور بعد- على اعتماد نظام حكم رئاسي، خاصة أنه يحظى بشعبية في الشارع التونسي الذي أرهقته الصراعات السياسية التي ترجعها أوساط تونسية إلى نظام الحكم شبه البرلماني في الأعوام الماضية، وهو نظام استفادت منه حركة النهضة الإسلامية وفقا لتلك الأوساط.

وأقرّ رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري في تصريحات صحافية بـ"وجود إجماع بين مكونات اللجنة الاستشارية على اعتماد النظام الرئاسي"، مشددا على أن "هناك من طالب باعتماد نظام رئاسي بحت فيما طالب آخرون باعتماد نظام رئاسي معدل، ولكن لا أحد طالب باعتماد النظام البرلماني".

وتابع الناصري أنه "من الممكن أن يكون رئيس الجمهورية رئيسا للسلطة التنفيذية ويتولى اختيار رئيس الحكومة، وأن تكون السلطة التشريعية مستقلة وممثلة في البرلمان وفي غرفة تشريعية ثانية تسمى غرفة الجهات الشبيهة بمجلس المستشارين، ولكن عوض أن يعين الرئيس المستشارين يتم انتخاب شخصين عن كل محافظة لتمثيل جهتهما. أما السلطة القضائية فيجب أن تكون مستقلة بذاتها".

وكان التونسيون قد رجحوا في الاستشارة الإلكترونية كفة اعتماد النظام الرئاسي والتخلي عن النظام البرلماني المعدل الذي تضمنه دستور 2014 والذي اتهم بتشتيت السلطة ما تسبب في إضعاف الدولة.

ومع اقتراب موعد الاستفتاء الشعبي على الدستور الذي تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التحضير له، بدأت ملامح مسودته تتضح من خلال إشارات المشاركين في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس سعيد.

وكان الصادق بلعيد أكد في فترة سابقة أن الدستور الجديد سيتخلى عن الفصل الأول من دستور 2014 الذي يتحدث عن الإسلام دينا للدولة، وهو ما أثار حفيظة حركة النهضة والتيارات الإسلامية التي سعت إلى استغلال الملف لحث أنصارها على مواجهة قيس سعيد ومنظومته الجديدة.

مع اقتراب موعد الاستفتاء الشعبي على الدستور بدأت ملامح مسودته تتضح من خلال إشارات المشاركين في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس سعيد

وكان العضو في اللجنة الاستشارية التي تعد لمشروع دستور جديد في تونس أمين محفوظ كشف الأسبوع الماضي أن حظر الإضرابات في الدستور سيجري في قطاعي القضاء والأمن.

وقال إنه لن يسمح للقضاة ورجال الأمن، بالإضافة إلى العاملين في قطاع الجمارك، بالإضراب. وسيدرج هذا المنع في الدستور الذي يجري إعداده ليعرض على الاستفتاء يوم الخامس والعشرين من يوليو المقبل.

وأعلن الرئيس التونسي في الخامس والعشرين من يوليو الماضي عن حزمة من الإجراءات الاستثنائية التي جمّد بموجبها عمل البرلمان وحل الحكومة، قبل أن يبادر بحل البرلمان بعد أن عقد عدد من النواب جلسة افتراضية اُعتبرت مساسا وتهديدا لأمن الدولة ومصالحها، مع ما تضمنته من محاولة لتقويض الإجراءات التي اتخذها الرئيس بموجب الفصل 80 من الدستور.

وأقرّ قيس سعيّد لاحقا خارطة طريق سياسية بدأت باستشارة إلكترونية، على أن يتم تنظيم استفتاء شعبي في الخامس والعشرين من يوليو المقبل حول دستور جديد، وصولا إلى انتخابات تشريعية خلال نهاية العام الجاري.

اقرأ أيضا: 

حذف المرجعية الإسلامية من الدستور يثير جدلا في تونس

4