"رئاسيات تونس".. الاختبار الرابع بعد ثورة 2011

تونس - يتوجه أكثر من 9 ملايين ناخب تونسي اليوم الأحد إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الدولة، في رابع انتخابات رئاسية مباشرة بعد ثورة 14 يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وكان المجلس الوطني التأسيسي ( برلمان مؤقت) قد انتخب في ديسمبر 2011 المنصف المرزوقي رئيسا والذي شغل المنصب حتى انتخاب الرئيس السابق الباجي قائد السبسي في ديسمبر 2014.
وفي الثاني من يوليو الماضي، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، الناخبين إلى المشاركة في انتخابات رئاسية يوم الأحد الموافق 6 أكتوبر 2024، وفق بيان للرئاسة.
وعقب ذلك بيومين، أعلن فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي ستنطلق في 14 سبتمبر وتتواصل حتى 4 أكتوبر الجاري، بينما تجري الحملة في الخارج خلال الفترة من 12 سبتمبر وحتى 2 أكتوبر.
وأوضح بوعسكر أن الانتخابات ستجرى داخل تونس يوم 6 أكتوبر، على أن يكون 5 أكتوبر هو يوم الصمت الانتخابي.
وفي 23 أكتوبر 2011، أقبل التونسيون بكثافة على صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات عقب الثورة لتشكيل المجلس الوطني التأسيسي الذي اختار في 12 ديسمبر من العام ذاته المعارض المنصف المرزوقي رئيسا للبلاد.
هيئة الانتخابات في تونس أعلنت في 2 سبتمبر الماضي قبولها بشكل نهائي 3 مرشحين فقط للانتخابات الرئاسية
وفي 23 نوفمبر 2014، أدلى المواطنون بأصواتهم لانتخاب رئيس الجمهورية من بين 27 مرشحا، أسفرت الجولة الثانية منها في 21 ديسمبر عن فوز زعيم حزب “نداء تونس” الباجي قائد السبسي بنسبة 55.68 في المئة على حساب المرزوقي.
وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2019، فاز قيس سعيد برئاسة البلاد بعد حصوله على نسبة أصوات بلغت 72.71 في المئة.
وتعد انتخابات اليوم الأحد، رابع سباق رئاسي عقب ثورة 2011، في ظل تقلبات سياسية واقتصادية شديدة تشهدها البلاد.
وأفادت هيئة الانتخابات بافتتاح جميع مكاتب الاقتراع في الخارج في 4 أكتوبر، لاستقبال المصوتين في الانتخابات الرئاسية.
وأوضحت في بيان، أن التصويت داخل تونس سيجري الأحد بتاريخ 6 أكتوبر، بينما خصصت أيام 4 و5 و6 من الشهر نفسه للتصويت بالخارج.
وفي مؤتمر صحفي الخميس الماضي بالعاصمة، قال رئيس الهيئة إن “عدد الناخبين التونسيين بالخارج وصل أكثر من 630 ألفا”.
وأضاف بوعسكر “الانتخابات الرئاسية تجرى في 59 دولة في العالم، منها 10 دول تجرى فيها لأول مرة منذ 2011، بينما بلغ عدد مكاتب الاقتراع 400 مكتب”.
وقال إن “إجمالي الناخبين المسجلين بلغ 9 ملايين و753 ألفا و217 ناخبا”، مشيرا إلى أن الانتخابات داخل تونس تجرى في نحو 5 آلاف مركز اقتراع.
ومن بين 17 ملف ترشح لانتخابات الرئاسة، قررت هيئة الانتخابات في أغسطس الماضي، قبول ملفات 3 مرشحين بصورة أولية، هم الرئيس الحالي قيس سعيد، وأمين عام “حركة الشعب” زهير المغزاوي، ورئيس “حركة عازمون” (معارضة) عياشي زمال، الأمر الذي دفع 6 من المرفوضة ملفات ترشحهم للطعن أمام الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الإدارية، والتي بدورها أيدت قرار الهيئة.
5
أحزاب يسارية في تونس دعت إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها اليوم الأحد
وقدم عدد من المرفوضة ملفات ترشحهم طعونا إلى المحكمة الإدارية، والتي قضت بين 27 و29 أغسطس في أحكام نهائية بقبول طعون 3 مرشحين، ما يعني إعادتهم إلى السباق الانتخابي، وهم عبداللطيف المكي وعماد الدايمي ومنذر الزنايدي، إلا أن هيئة الانتخابات لم تعتمدهم.
وفي 2 سبتمبر الماضي، أعلنت هيئة الانتخابات في تونس قبولها بشكل نهائي 3 مرشحين فقط للانتخابات الرئاسية.
وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، في مؤتمر صحفي “الرئيس قيس سعيد، والعياشي زمال، وزهير المغزاوي، الذين اعتُمدت ترشحاتهم في 10 أغسطس الماضي، هم فقط المعتمدون نهائيا للانتخابات الرئاسية، ما يعني رفض أحكام المحكمة الإدارية بإعادة 3 آخرين إلى السباق الرئاسي”.
وبعد تجاهل هيئة الانتخابات تنفيذ قراراتها، دعت المحكمة الإدارية في 14 سبتمبر لإعادة 3 مرشحين للرئاسيات، لكن مجلس البرلمان التونسي أقر في 20 سبتمبر إحالة مشروع قانون أساسي قدمه 34 نائبا، يقترح سحب سلطة المحكمة الإدارية على الانتخابات لصالح محكمة الاستئناف.
ووفق الاختصاصات الراهنة، ينظر القضاء الإداري في الخلافات بين المواطنين ومؤسسات الدولة عبر جلسة يجتمع فيها 27 من القضاة، بينما تنظر محكمة الاستئناف في النزاعات القائمة بين المواطنين في جلسة مكونة من 3 قضاة.
وفي 27 سبتمبر، أيد 116 نائبا مشروع القانون، مقابل 12 نائبا صوتوا ضده، فيما تحفظ عليه 8 نواب.
وينص الفصل 46 من التعديل بعد إقرار المشروع على أنه “يتم الطعن في قرارات هيئة الانتخابات من قبل المترشحين المقبولين من الهيئة أمام محكمة الاستئناف بتونس، وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التعليق أو الإعلام”.
حركة النهضة تقاطع المشاركة في الانتخابات الرئاسية بحجة "عدم وجود أيّ مناخ ديمقراطي ملائم" للانتخابات
وفي 2 سبتمبر، أوقفت السلطات التونسية المرشح الرئاسي العياشي زمال، بتهمة “تزوير تزكيات” لخوض الاستحقاق الانتخابي.
ونقلت إذاعة “موزاييك” المحلية عن مهدي عبدالجواد، العضو بحملة زمال الانتخابية، قوله “تم فجر الاثنين إيقاف المرشح زمال، وتحويله إلى منطقة الحرس الوطني بطبربة من ولاية منوبة، من أجل تهم تتعلق بافتعال (تزوير) التزكيات”.
وفي 6 سبتمبر، أعلنت حملة زمّال أن النيابة أمرت بسجن الأخير، في انتظار محاكمته، لتقضي محكمة جندوبة (شمال غرب) في 18 سبتمبر بسجن زمّال “عاما و8 أشهر”، بتهمة “تزوير تزكيات”.
كما أصدرت المحكمة ذاتها في 25 سبتمبر، حكم بالسجن 6 أشهر إضافية بحق زمّال، من القضية ذاتها.
وفي الأول من أكتوبر الجاري، قضت المحكمة الابتدائية تونس 2 (بمنطقة سيدي حسين غرب العاصمة) بسحن زمّال 12 عاما، بواقع 3 سنوات سجن لكل ملف من ملفات القضية الأربعة المتعلقة بتزوير تزكيات.
وقضت المحكمة أيضا بالسجن 12عاما في القضية ذاتها بحق سوار البرقاوي، أمينة عام “حركة عازمون” التي يقودها زمّال.
وفي 3 أكتوبر، قبل 3 أيام فقط من الاستحقاق الانتخابي، أصدرت محكمة الاستئناف بجندوبة، حكما نهائيا بسجن زمّال، سنة و8 أشهر إثر إدانته بتهمة “تزوير تزكيات” استخدمها في دعم ملفه للترشح.
وفي 13 سبتمبر، تظاهر الآلاف من التونسيين بدعوة من الشبكة التونسية للحقوق والحريات (ائتلاف جمعيات وأحزاب يسارية وليبرالية)، تنديدا بواقع الحقوق والحريات في البلاد، مطالبين بوقف ملاحقة السياسيين والحقوقيين والإعلاميين وإطلاق سراح المعتقلين.
وفي 22 سبتمبر، شارك عدد من التونسيين في مسيرة احتجاجية رفضا للتعديلات المقترحة على مشروع قانون تقدم به 34 نائبا برلمانيا لسحب صلاحيات الرقابة على الانتخابات من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف.

وفي 27 سبتمبر، تظاهر عشرات الناشطين قرب مقر البرلمان، تزامنا مع تمرير مشروع القانون بتأييد 116 نائبا.
والجمعة 4 أكتوبر نظم مئات التونسيين، مسيرة شعبية وسط العاصمة تونس تدعو “لاستعادة” المسار الديمقراطي، ورفضا لتعديل القانون الانتخابي، وتواصل “التضييقات” على المعارضين والناشطين.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في 9 سبتمبر رفضها اعتماد بعض الجمعيات (لم تسمّها) لمراقبة الانتخابات الرئاسية بحجة تلقيها “تمويلات أجنبية مشبوهة”.
وأجرى الرئيس سعيد عدة تغييرات شملت رئيس الحكومة وعددا من الوزراء وبعض الولاة.
اقرأ أيضا:
وفي 8 أغسطس 2024، أعلن سعيد تكليف وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدوري، برئاسة الحكومة خلفا لأحمد الحشاني، الذي عيَّنه في الأول من أغسطس 2023، بعد إنهاء مهام رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن.
وأجرى سعيد في 25 أغسطس الماضي، تعديلا موسعا في تشكيلة الحكومة شمل 19 وزيرا و3 كتّاب دولة، مستثنيا من ذلك 5 وزارات هي: الداخلية والعدل والصناعة والمالية والتجهيز.
وعقب أسبوعين، وتحديدا في 8 سبتمبر، عين سعيّد، ولاة في 9 محافظات كان المنصب فيها شاغرا، وغيّر 15 واليا بمحافظات أخرى، قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
ودعت 5 أحزاب يسارية في تونس، ممثلة في أحزاب “العمال” و”التكتل” و”الاشتراكي” و”القطب” و”المسار الديمقراطي الاجتماعي”، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها اليوم الأحد، بدعوى أنها “لن تُجرى في ظروف ديمقراطية”.
كما تقاطع حركة النهضة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بحجة “عدم وجود أيّ مناخ ديمقراطي ملائم” للانتخابات.
وتشهد البلاد استقطابا سياسيا منذ أن بدأ سعيد، في 25 يوليو 2021، فرض إجراءات استثنائية تضمنت حلّ مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى سياسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس بن علي (1987 ـ 2011).