رئاسة ترامب تترنح وسط تصاعد دعوات لعزله

واشنطن - تبدو رئاسة دونالد ترامب على حافّة الانهيار، بعد يومين على أعمال العنف التي اجتاحت مبنى الكابيتول وهزّت أميركا وأثارت صدمة في العالم.
ومع تصاعد دعوات للاستقالة وخطط لإجراءات عزل وسَيل من الانتقادات لرئيس متّهم بتقويض المؤسّسات وصبّ الزيت على النار، بات ترامب قبل 12 يوما على انتهاء ولايته منعزلا في البيت الأبيض ووحيدا إلى حدّ كبير.
وأعلن ترامب في تغريدة مقتضبة الجمعة، أنّه لن يحضر مراسم تنصيب جو بايدن رئيسا.
وأشاد بايدن بقرار ترامب، وقال من ويلمينغتون في ولاية ديلاوير "قيلَ لي أثناء مجيئي إلى هنا إنّه أشار إلى أنّه لن يحضر التنصيب".
وتابع بايدن "إنّها إحدى النقاط القليلة التي نتوافق بشأنها"، مضيفا "إنّ عدم حضوره أمر جيّد"، معتبرا أنّ ترامب "شكّل إحراجا للبلاد".
وقال بايدن "إنّه فاقد لأهليّة الحكم، وأحد أكثر الرؤساء العديمي الكفاءة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركيّة".
لكنّ الرئيس المنتخب أكّد أنّ حضور نائب الرئيس مايك بنس أمر "مرحّب به".
وجاء في تغريدة ترامب "إلى جميع مَن سألوا، لن أحضر مراسم التنصيب في 20 يناير".
وترك بايدن الجمعة للكونغرس مسؤوليّة إطلاق آليّة لعزل ترامب قبل 12 يوما من انتهاء ولايته، الأمر الذي يُطالب به العديد من النوّاب الديمقراطيّين بعد أحداث الكابيتول.
وقال بايدن إنّ "الطريقة الأسرع" لخروج ترامب من الرئاسة هي "أداء اليمين في 20 يناير".
وتابع "ما يحصل قبل أو بعد، هو قرار يتعيّن على الكونغرس اتّخاذه. لكنّ ما أتطلّع إليه هو مغادرته المنصب".
وسعى ترامب لدرء حملة جديدة يقودها المعسكر الديمقراطي لمساءلته، بينما حذفت شركة تويتر حسابه نهائيا بسبب احتمال قيامه بالتحريض على المزيد من أعمال العنف.
وتعرضت تويتر لضغوط متزايدة لاتخاذ إجراءات بعد الفوضى التي وقعت الأربعاء في واشنطن.
وطالما كان موقع تويتر الوسيلة المفضلة لترامب للتواصل مع أنصاره وسبيله لنشر مزاعمه الكاذبة حول تزوير الانتخابات مع نحو 90 مليون متابع.
وقالت شركة تويتر "بعد المراجعة الدقيقة للتغريدات الأخيرة لحساب دونالد ترامب والظروف المحيطة بها، أوقفنا الحساب نهائيا بسبب خطر حدوث المزيد من التحريض على العنف".
وأضافت الشركة أن خططا للاحتجاجات المسلحة المستقبلية تنتشر على تويتر وعلى غيره، بما في ذلك هجوم آخر مقترح على الكابيتول في 17 يناير.
واستخدم ترامب حسابه الرسمي في ما بعد الجمعة لينشر تغريدتين قال فيهما "لن يتم إسكاتنا" و"تويتر غير معني بحرية التعبير". وقال إنه يبحث بناء منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي.
وسرعان ما حذفت تويتر التغريدتين.
وكان استخدام ترامب المنتظم لتويتر جزءا أساسيا من حملته عندما هزم الديمقراطية هيلاري كلينتون للفوز بالرئاسة في عام 2016. ومنذ ذلك الحين، استخدمه لإشعال حماس قاعدته السياسية بهجمات على الديمقراطيين وأي من الجمهوريين الذين يعارضونه.
ودعت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي ترامب إلى الاستقالة، وقالت إنها أصدرت تعليماتها إلى لجنة القواعد بمجلس النواب للمضي قدما في اقتراح المساءلة وسن تشريع استنادا إلى التعديل الخامس والعشرين للدستور الأميركي، الذي ينص على إقالة الرئيس إذا كان غير قادر على أداء مهامه.
ويأمل الديمقراطيون، الذين قالوا إن المساءلة قد تطرح في مجلس النواب هذا الأسبوع، أن تؤدي التهديدات بالمساءلة إلى تكثيف الضغوط على نائب الرئيس مايك بنس والحكومة لتفعيل التعديل الخامس والعشرين للإطاحة بترامب قبل انتهاء ولايته بعد أقل من أسبوعين.
وأعلنت بيلوسي أنّها تواصلت مع الجيش الأميركي للتأكّد من أنّ ترامب لن يكون قادرا على استخدام الرموز النوويّة، متوعّدة بأنّ الكونغرس سيتحرّك إذا لم يتنحّ سريعا.
ووصفت بيلوسي ترامب بأنه "مختل"، وقالت إن الكونغرس عليه أن يفعل كل ما في وسعه لحماية الأميركيين منه.
ويعتقد بعض منتقديه أنّ الطريقة الأسهل هي أن يصمت الرئيس الخامس والأربعون ويترك نائب الرئيس مايك بنس يتولّى منصبه بحكم الأمر الواقع حتّى 20 يناير، موعد أداء بايدن اليمين.
ويرى وزير الأمن الداخلي السابق جيه جونسون، أنّ أيّ شخص لديه تأثير ضئيل على ترامب يجب أن يوصل إليه رسالة بسيطة "اصعد في طائرة الرئاسة وارحل إلى مارالاغو وابق هناك".
وقال السناتور الجمهوري بن ساسي لإذاعة "أن.بي.آر"، إنّه "كلّما قام بأمور أقلّ خلال الأيّام الـ12 الأخيرة، كان الأمر أفضل"، مضيفا "لقد كذب دونالد ترامب على الأميركيّين والأكاذيب لها تداعيات".
ودعت صحيفة وول ستريت جورنال التي يملكها رجل الأعمال روبرت مردوخ، الذي كان حليفا لترامب، في مقال افتتاحيّ الرئيس المنتهية ولايته إلى تحمّل مسؤولياته والاستقالة. وكتبت "سيكون هذا أفضل للجميع، بمن فيهم هو نفسه، إذا رحل بهدوء".
ويمكن للكونغرس أن يطلق إجراء عزل، وتستعدّ مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي لتقديم إجراءات "عزل".
ورأى زعيم الديمقراطيّين في مجلس الشيوخ تشاك شومر أنّ "ما حصل في الكابيتول يشكل تمرّدا على الولايات المتحدة بتحريض من الرئيس". وأكّد أنّه "ينبغي على الرئيس ألا يبقى في منصبه ولو ليوم واحد بعد الآن".
وحذّر زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن ماكارثي الديمقراطيين، معتبرا أنّ إطلاق إجراء عزل ضد ترامب لن يؤدّي "إلا إلى المزيد من الانقسام في البلاد".
ويظهر التململ واضحا داخل الحزب الجمهوري وحكومة ترامب وفريقه. فقد أدى سلوكه المتطرف إلى ابتعاد جزء من أفراد معسكره.
فقد استقالت وزيرتا التربية بيتسي ديفوس والنقل إيلين تشاو. وقالت ديفوس في رسالة موجهة إلى دونالد ترامب "لا يُمكن إنكار أنّ خطابكم كان له تأثير على الوضع، وهذا كان نقطة تحوّل بالنسبة إليّ".
واستقال كذلك ميك مالفاني موفد الولايات المتحدة إلى أيرلندا الشمالية، وقال في مقابلة مع "سي.أن.بي.سي"، "لا يمكنني البقاء بعد ما حدث".
كذلك، أعلن أعضاء كثيرون في مجلس الأمن القومي استقالتهم.
وأعرب السناتور الجمهوري لينسدي غراهام المقرب من ترامب، عن قلقه من هذا النزيف وحضّهم "على البقاء. فنحن نحتاج إليكم أكثر من أي وقت مضى".
وذكر استطلاع لـ"رويترز إبسوس" أن 57 في المئة من الأميركيين يرغبون في عزل ترامب على الفور بعدما شجع على احتجاج الأربعاء الذي تطور إلى أعمال شغب دموية داخل مبنى الكونغرس.
وأوضح المسح الذي أجري الخميس والجمعة، أن عددا ممن صوتوا لصالح الرئيس الجمهوري في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثالث من نوفمبر، أبدوا معارضتهم لمؤيدي الرئيس المتشددين الذين اقتحموا الكونغرس خلال انعقاد جلسة التصديق على نتائج الانتخابات التي خسرها أمام الديمقراطي جو بايدن.
وقال 70 في المئة ممن شاركوا في الاستطلاع إنهم لا يتفقون مع تصرفات ترامب في الفترة التي سبقت اقتحام الكونغرس.