ذعر بين لاجئي تيغراي في السودان بعد العثور على العشرات من الجثث "مقيدة" في النهر

ود الحليو (السودان) - مشهد مخيف آخر من مشاهد أزمة إقليم تيغراي المستعرة في إثيوبيا، جسدته مؤخرا العشرات من الجثث الملقاة في النهر، بحسب شهادة لاجئ إثيوبي يعيش في السودان.
وبات اللاجئ غبراتنساي غبراخرستوس، الذي يعيش في قرية ود الحليو بشرق السودان منذ عقد، ينتابه الذعر كلما رن جرس هاتفه، مخافة أن يسمع أخبارا عن العثور على المزيد من جثث مواطنيه التيغراينيين، في نهر قريب منه على الحدود مع بلاده.
وقال غبراخرستوس، المزارع الأربعيني، إنه يتلقى مثل هذه المكالمات منذ أواخر الشهر الماضي عندما عثر قرويون سودانيون على أول جثة طفت على سطح نهر ستيت في شرق السودان، لشخص قيدت يداه وتظهر عليه آثار إصابات بأعيرة نارية.
وتابع "على مدى أسابيع تتواصل الاتصالات سواء بي أو بتيغراينيين آخرين يعيشون هنا عندما يجدون جثة"، وأضاف "قد لا نعرفها شخصيا ولكنها جثث لأشخاص من شعبنا".
واعتاد غبراخرستوس على زيارة عائلته في إقليم تيغراي الذي يقع في شمال إثيوبيا من حين إلى آخر، قبل أن يشهد نزاعا عسكريا بين الحكومة المركزية و"جبهة تحرير شعب تيغراي" منذ الرابع من نوفمبر، عندما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد شنّ هجوم على الإقليم بعد أن اتهم الجبهة بمهاجمة معسكرات للجيش الفيدرالي.
وتسبب النزاع في خسائر بشرية هائلة وفي أزمة إنسانية مروعة. ويقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن 5.2 مليون شخص أو 91 في المئة من سكان تيغراي، يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة.
وانتشرت معلومات عن أعمال وحشية وتطهير عرقي وعمليات قتل جماعي، بما في ذلك مذبحة في بلدة الحمرة غربي تيغراي. وقد نفت الحكومة الإثيوبية جميع الاتهامات ووصفتها بأنها "ملفقة".
ويخشى غبراخرستوس، ومن معه، أن تكون هذه الجثث دليلا على إعدامات جماعية نفذتها قوات الحكومة المركزية.
وأكد غبراخرستوس أنه قام مع آخرين بدفن حوالي خمسين جثة عثر عليها في النهر وبينها خمسة جثامين لنساء.
وأشار إلى أن بينهم من أصابته طلقات نارية ومنهم من عانى من حروق وجروح عميقة، وآخرين فقدوا بعض أجزاء من أجسامهم، وجميعهم كانوا مقيدي الأيدي خلف ظهورهم.
وقال إن هناك شهادات من أشخاص في الحمرة تفيد بأن "150 سجينا تم إعدامهم بواسطة قوات الحكومة المركزية وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم"، وأضاف "نعتقد أن المزيد من الجثث لا تزال في النهر ولكننا لم نعثر عليها".
وأكد كحساي غبرسيلسي، أحد التيغراينيين المقيمين في السودان وقد شارك في العثور على الجثث، أنها تعود إلى مواطنين من الإقليم أُعدموا في الحمرة. وقال "القوات الفيدرالية قتلت العشرات من تيغراي وألقت بجثثهم في النهر.. نعتقد أن الجثث التي وجدناها تعود لهم".
وعلى الرغم من عدم إثبات معلوماتهم، فقد أكدوا أن الجثث كانت عليها بعض الوشوم باللغة التيغراينية.
وقال غيبرمادين غابرو، المزارع التيغرايني المقيم في السودان، إن "إحدى الجثث كُتب على ذراعها 'أنا أحبك' وأخرى لشخص كتب اسم حبيبته على ذراعه".
ومنذ اندلاع المعارك في تيغراي فرّ عشرات الآلاف من الإثيوبين إلى السودان.
وفي يناير الماضي تغير المشهد وسيطرت جبهة مقاتلي تيغراي على عاصمة الإقليم ميكيلي، التي كان آبي أحمد أعلن سيطرته عليها بعد أسابيع على بدء القتال.
وكشف المزارعون التيغراينيون صور جثث طفت على سطح النهر، قبل أن تحمل على حصير وتدفن في مقابر رملية ضحلة على ضفة النهر.
وقال غبراخرستوس وهو يشير إلى حجر ضخم وضعه على رأس إحدى المقابر "كنا نود دفنهم في مكان أفضل، لكننا لم نتمكن من ذلك.. الجثث متحللة ورائحتها طاغية وما لدينا من وسائل حماية قليل".
وأكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العثور على جثة واحدة وعدد من القبور الحديثة، لكنها لا تستطيع تأكيد هوية الذين دفنوا فيها ولا كيف ماتوا.
وكانت المفوضية وبعض منظمات الإغاثة الأخرى أكدت مطلع الشهر الحالي، أنها "مُنعت من الوصول إلى الجانب الإثيوبي من الحدود".
ووجهت منظمة العفو الدولية هذا الشهر اتهامات للقوات المتحالفة مع حكومة أديس أبابا، بارتكاب جرائم العنف الجنسي والاغتصاب والتشويه.
واتهمت إثيوبيا المنظمة بسوء منهجية العمل "وشن حملات تشهير ضدها"، لكن سكان تيغراي الذين يعيشون في السودان يخشون الأسوأ على عائلاتهم المحاصرة في المنطقة.
ويقول ليغيسي مالو الذي فرّ من بلدة آديغارت بتيغراي، لفرانس برس "عائلتي لم تتمكن من الخروج، وهي تعيش في قرية بعيدة عن الحدود.. نأمل أن تتوقف الحرب حتى نستطيع الذهاب إلى هناك، ونرى من مات ومن بقي على قيد الحياة".