ذراع أدنوك للاستثمار لاعب قادم إلى صناعة الصفقات

قلة من الشركات الكبرى العالمية ستتمكن من مجاراة القوة المالية لشركة إكس.آر.جي الإماراتية.
السبت 2025/05/10
رؤية شاملة إلى المستقبل

تبرز ذراع أدنوك للاستثمار كلاعب قادم بقوة إلى ساحة صناعة الصفقات في أصول عالية القيمة، وخاصة الأميركية منها، لتحقيق نمو طويل الأمد يعزز مكانة البلد في مجال الاستثمار، وهو تحوّل إستراتيجي يعكس طموحات دولة الإمارات في تعزيز حضورها العالمي.

أبوظبي - يسعى عمالقة وول ستريت، من أمثال غولدمان ساكس ومورغان ستانلي، لاستمالة لاعب جديد بارز على الساحة، وهو كيان منبثق عن شركة أدونك الإماراتية تقدر قيمته بنحو 80 مليار دولار ويطمح لمضاعفة حجمه خلال العقد المقبل.

ومع استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزيارة أبوظبي الأسبوع المقبل، بدأت تبرز شركة إكس.آر.جي غير المعروفة على نطاق واسع كلاعب رئيسي في توطيد العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة.

وتستعد إكس.آر.جي لضخ استثمارات بمليارات الدولارات، مع تركيز واضح على السوق الأميركية، بما ينسجم مع دعوات ترامب لتشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى أكبر اقتصاد في العالم.

وحتى قبل تولي ترامب منصبه، بدأت أبوظبي في تشكيل هذه الشركة كذراع استثمارية تركز على صفقات في قطاع الطاقة. ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن قلة من الشركات على مستوى العالم ستتمكن من مجاراتها من حيث القوة المالية.

ولأهمية خطط إكس.آر.جي العالمية بالنسبة إلى أبوظبي، تم تعيين شخصيات دولية بارزة في قمة مجلس إدارته. ومن بين الأسماء الرئيس التنفيذي السابق لشركة بي.بي برنارد لوني، ورئيس شركة بلاكستون جون غراي. وستُوجّه هذه الشركة العديد من استثماراتها إلى الولايات المتحدة، حيث تركز الإمارات في مختلف القطاعات، ضمن سعيها للحصول على تنازلات من إدارة ترامب.

جيم كراين: من الواضح أن توقيت انطلاق شركة إكس.آر.جي مذهل
جيم كراين: من الواضح أن توقيت انطلاق شركة إكس.آر.جي مذهل

وكذلك، يُعد كسب دعم ترامب أولوية قصوى للإمارات التي تسابق الزمن لتصبح قوة تكنولوجية، وتحتاج إلى الحصول على رقائق إنفيديا المتقدمة، التي خضعت لقيود صارمة خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وتعهدت الإمارات بضخ استثمارات قدرها 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي خلال العقد المقبل، من خلال عدة كيانات من بينها أم.جي.إكس التي تشارك في تمويل مشروع أميركي للذكاء الاصطناعي البالغة قيمته 100 مليار دولار.

وتُعد الطاقة محورا أساسيا ضمن الخطط الاستثمارية للدولة الخليجية داخل الولايات المتحدة، فيما بدأت إكس.آر.جي بالفعل في تشكيل فريق داخلي مختص بصفقات الدمج والاستحواذ، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.

ونسبت وكالة بلومبيرغ إلى جيم كراين، الزميل في دراسات الطاقة بجامعة رايس في هيوستن، قوله “من الواضح أن توقيت انطلاق إكس.آر.جي مذهل.” وأضاف “لقد كانوا (الإماراتيون) يطوّرون إستراتيجية الشركة منذ فترة، لكن ما يحدث الآن يضع أبوظبي في المجال الصحيح لتكون على الجانب الصحيح من الإدارة." وتابع "لأغراض إستراتيجية، فقد ساعد ذلك كثيرا."

وتُعد إكس.آر.جي، التي تأسست في 2024، أحدث الكيانات العملاقة المتخصصة في إبرام الصفقات في أبوظبي، التي تعتبر بالفعل موطناً لثلاثة صناديق ثروة سيادية تدير أصولاً تقارب 1.7 تريليون دولار.

وقال متحدث باسمها لبلومبيرغ إن "قطاع الطاقة كان لسنوات محور الشراكة المتنامية بين الإمارات والولايات المتحدة، وإن وتيرة هذا النمو تتسارع حالياً." وأضاف إن الشركة "تتعاون بفاعلية مع بنوك استثمارية رائدة بشأن فرص عالية الجودة، خصوصاً داخل السوق الأميركية."

ومن المتوقع أن تتركز نسبة كبيرة من عمليات الاستحواذ هذه داخل الولايات المتحدة، حيث تخطط إكس.آر.جي لتوسيع عملياتها في شراء أصول الغاز والاستثمار في مشاريع البنية التحتية للطاقة.

وتتماشى هذه الاستثمارات مع توجهات ترامب الذي يدعو إلى زيادة الإنتاج المحلي للطاقة كوسيلة للحد من ارتفاع الأسعار. كما تستكشف الشركة الإماراتية فرصا استثمارية واعدة في قطاعي الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للبيانات، وهما مجالان يحظيان باهتمام خاص من إدارة ترامب.

ومع ذلك، ثمة تحديات محتملة، إذ ستكون الشركة الجديدة بمثابة كيان يضم أصولاً متعددة. ولا تزال إستراتيجيتها قيد الإعداد داخلياً، رغم أن الأسابيع المقبلة ستشهد وضوحاً أكبر يمهد الطريق أمامها لبدء ضخ الاستثمارات، وفقا للمصادر المطلعة. وفي ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي، باتت صفقات الاستثمار الأجنبي ذات أهمية قصوى لترامب، الذي يحرص على تسويقها كإنجازات سياسية.

راشيل زيمبا: الشركة لاعب جاد، لا جهة لدفع أي سعر مقابل أي أصل
راشيل زيمبا: الشركة لاعب جاد، لا جهة لدفع أي سعر مقابل أي أصل

وتبرز الإمارات كلاعب رئيسي في هذا المشهد، بوصفها من بين الدول القليلة القادرة على ضخ استثمارات بهذا الحجم والتي تتمتع باحتياطيات نقدية ضخمة. لكن في مقابل تدفق هذه الاستثمارات، وخاصة من كيانات مثل إكس.آر.جي، تسعى الإمارات لتحقيق مجموعة من الأهداف السياسية الإضافية.

وبعد إعلان الإمارات عن تعهد استثماري ضخم، تسارعت وتيرة المحادثات الأميركية بشأن احتمال تخفيف القيود المفروضة على تصدير الرقائق الإلكترونية إلى أبوظبي، رغم عدم اتخاذ قرار رسمي بعد.

وفي تقرير نُشر هذا الأسبوع كشفت بلومبيرغ أن ترامب يدرس إلغاء القيود العالمية المفروضة على صادرات أشباه الموصلات، وأن واشنطن قد تدخل في مفاوضات مباشرة مع دول مثل الإمارات بهذا الشأن.

وإلى جانب ذلك من المتوقع أن تطلب الإمارات إعفاءات من الرسوم البالغة 25 في المئة والمفروضة على صادراتها من الألمنيوم إلى الولايات المتحدة، بحسب المصادر. كما تسعى إلى تسريع وتيرة الموافقات على صفقاتها الاستحواذية داخل السوق الأميركية.

وتحقق الإمارات فوائض في الميزانية، على عكس السعودية، التي توقعت غولدمان ساكس أن يصل عجز موازنتها إلى 67 مليار دولار هذا العام، ما يجعل من أبوظبي عنصراً محورياً في أجندة الرئيس الأميركي الاقتصادية. وتنخرط أدنوك بالفعل في أنشطة استثمارية داخل الولايات المتحدة، تشمل شراء أصول في الغاز الطبيعي ومجالات أخرى، ستندمج لاحقاً ضمن إكس.آر.جي.

ومن بين هذه الأصول شركة كوفيسترو الألمانية المتخصصة في الصناعات الكيماوية، والتي استحوذت عليها أدنوك مقابل 13 مليار دولار العام الماضي، وستكون أيضاً جزءاً من الكيان المنبثق الجديد.

ومن المرجح أن تواجه الصفقات المقترحة على إكس.آر.جي تدقيقاً داخلياً صارماً من حيث السعر والتقييم، بحسب ما أفادت به المصادر، وذلك رغم الضرورة الإستراتيجية المتمثلة في استمالة الرئيس ترامب عبر الاستثمارات في الولايات المتحدة

وقالت راشيل زيمبا، الزميلة البارزة غير المقيمة في مركز الأمن الأميركي الجديد، إنه في نهاية المطاف تسعى أبوظبي إلى أن “يُنظر إليها كلاعب جاد، لا كجهة مستعدة لدفع أي سعر مقابل أي أصل.”

10