ديزني تنوّع شخصيات أفلامها للتخلص من إرثها العنصري

تعمل منصة “ديزني بلاس” الأميركية على إعادة تقييم أعمالها السابقة والتعلم منها استجابة لدعوات تعتبر أفلام الأطفال الكلاسيكية حافلة بمشاهد العنصرية والتحيز ليس ضد السود فحسب، بل ضد الآسيويين والمرأة أيضا.
كاليفورنيا (الولايات المتحدة)- ظل الجمهور لفترة طويلة ينظر لأفلام الرسوم المتحركة مثل “دمبو” و”كتاب الغابة” و”الأرستقراط” باعتبارها من أفلام الأطفال الكلاسيكية، ومع ذلك فإنها تحتوي على جوانب سوداء أيضا وحافلة بالكثير من الأنماط الثقافية والعنصرية الضارة.
وقررت منصة “ديزني بلاس” التي تذيع الأفلام على شبكة الإنترنت مقابل دفع رسوم للمشاهدة في اعتراف بوجود هذه القضايا في المحتوى أن تفرض قيودا على مشاهدة الأطفال لهذه الأفلام.
ولا تزال تهيمن على الكثير من الأفلام وجهة نظر البيض المنتمين للعالم الغربي، بينما يتم تهميش أدوار الأشخاص ذوي البشرة الملونة. وتحاول المنتجة أوسنات شورير والكاتبة أدلي ليم، وهما من طاقم فيلم “رايا والتنين الأخير”، تغيير الوضع الراهن.

ديزني تفرض قيودا على مشاهدة الأطفال لهذه الأفلام
وهذا الفيلم الجديد الذي يتم تصميم الرسوم المتحركة فيه ببرامج كمبيوتر يحكي قصة رايا، وهي فتاة محاربة تسعى بمساعدة تنين لإنقاذ عالمها الخيالي “كوماندرا” الذي يضم العديد من ثقافات منطقة جنوب شرقي آسيا.
وتمثل رايا خلال فترة العقود التسعة تقريبا التي أنتجت فيها شركة ديزني أفلام الرسوم المتحركة أول بطلة تنحدر من منطقة جنوب شرقي آسيا تقوم ببطولة فيلم للشركة.
وتقول كاتبة سيناريو الفيلم أدلي ليم المولودة في ماليزيا إنها عندما كانت تشب عن الطوق كان هناك “شعور على المسرح العالمي بأن أبناء هذه المنطقة لا وجود لهم في الحياة”. وأضافت “إن السبب في ذلك هو أن الوجوه التي تراها على الشاشة في الأفلام العالمية تولد لديك إحساسا بأن وجهك وقصتك لا ينتميان إلى هذا العالم”.
ورغبة ليم في أن ترى نفسها موجودة في القصص والأفلام هي التي دفعتها إلى المشاركة في اتجاه جديد يعكس وجود ثقافات أخرى في عالمنا، مؤكدة “دعونا نحاول ألا نحكي قصصا تدور عنا بدون مشاركتنا”.
وانعكس هذا الرأي على عملية اختيار غالبية طاقم تمثيل الفيلم من الأميركيين المنحدرين من أصل آسيوي بمن فيهم كيلي ماري تران التي لمعت في فيلم “حرب الكواكب” وهي من أصل فيتنامي، وقامت بالأداء الصوتي لشخصية رايا التي يحمل الفيلم اسمها، كما شاركت أيضا في الفيلم كل من الممثلة الأميركية أكوافينا التي ولدت لأب صيني وساندرا أوه وهي من أصل كوري والممثل الأميركي من أصل كوري دانيل داي كيم.

أفلام الأطفال تحتوي على جوانب سوداء وحافلة بالكثير من الأنماط الثقافية والعنصرية الضارة
وترى ليم أن الكتابة عن ثقافة وتقاليد مألوفة لديها تمثل لها متعة، وتقول “ليس من المعتاد بالنسبة إلى كثير من المشاهدين خاصة الغربيين منهم مشاهدة بطلة قوية في مركز أحداث الرواية”، مشيرة إلى ما أحدثه فيلم “المرأة الخارقة” من ردود أفعال متباينة.
ولفتت إلى أفلام الحركة بهونغ كونغ التي شهدتها في فترة شبابها المبكرة، وشددت على أن الشخصيات النسائية في هذه الأفلام حتى لو كانت أدوارها صغيرة فإنها “ذات استقلالية وتتمتع بحرية اتخاذ القرار، ولا تزال تمتلك سيفا، ولا يزال باستطاعتها القتال”.
وبينما يقف فيلم “رايا” مثله في ذلك مثل الأفلام الأخيرة التي أنتجتها ديزني على مسافة سنوات ضوئية بعيدا عن التحيز الذكوري ضد المرأة وبعيدا عن العنصرية، فلا يزال هناك سؤال يتردد حول كيفية التعامل مع الأفلام القديمة من منظور عصري والتي يأتي كثير منها من بين مجموعة أفلام الرسوم المتحركة التي أنتجتها شركة والت ديزني على مدى تاريخها.
ويرى الخبراء أن الأوصاف الموجودة في كثير من أفلام ديزني مثل القطة التي تغني بلكنة صينية ثقيلة في فيلم “الأرستقراط”، أو الغربان التي ترقص وتغني في فيلم “دمبو”، وتمثل محاكاة ساخرة للعبيد بمزرعة، تؤذي المشاعر.
لا تزال تهيمن على الكثير من الأفلام وجهة نظر البيض المنتمين للعالم الغربي، بينما يتم تهميش أدوار الأشخاص ذوي البشرة الملونة
وأفادت الباحثة في شؤون وسائل الإعلام مايا جويتز رئيسة المعهد المركزي الدولي للشباب والتلفزيون التثقيفي ومقره ميونخ أن “الأطفال عندما يقابلون أشخاصا وثقافات مختلفة عنهم تنطبع لديهم لأول مرة في هذا السياق الصور والصفات التي تم إلصاقها بالآخر وبشكل عميق”.
وأوضحت أن “الانطباعات الأولى مرنة بشكل خاص للتغيير، وبالتالي يجب أن تعد برامج الأطفال حيث تتسم بالحساسية إزاء الأنماط والصور التقليدية عن الناس والأشخاص”.
ويأتي قرار منصة “ديزني بلاس” بإضافة بيان تتنصل فيه من أفلامها القديمة في إطار جهود لتشجيع المناقشات حول العنصرية والتحيز والفصول السوداء من التاريخ الإنساني.
وكتبت الشركة الإعلامية على موقع أسسته خصيصا تحت عنوان “القصص تهم” تقول “ليس بوسعنا تغيير الماضي، ولكن يمكننا أن نسلم بوجوده وأن نتعلم منه وأن نسير صوب الأمام معا”.
وتؤكد المنتجة أوسنات شورير أن بيان التنصل هذا “لا ينفي القصص التي صورت في الماضي”، ولكنه يلقي الضوء على القضايا التي تتناولها.
وتابعت “إن العثور على سبل تتسم بالكياسة لتنفيذ ذلك بدون أن ننكر ما كنا عليه يمثل تحديا، ومع ذلك نساند من نعلم أنه يمثلنا وما نريد أن نكونه”.