"ديارنا".. فيلم يوثق لصناعة الخزف بين الأصالة والتجديد في تونس المصرية

رحلة سينمائية عن قرية نائية حولها عشق إيفيلين بيوريه لها إلى وجهة سياحية شهيرة.
الاثنين 2022/05/23
الفيلم لسان حال أهالي قرية تونس

من قرية تونس المصرية، تسافر صناعة الخزف إلى تونس الدولة حيث يشارك فيلم عن هذه الصناعة في مهرجان يعنى بقضايا البيئة لكنه يسلّط الضوء هذه المرة وبشكل غير مباشر على التشابه الكبير بين القرية والدولة الذي يتعدى حدود الاسم إلى غاية التقاليد الفنية وحتى المناخ.

القاهرة - يمثل فيلم “ديارنا” مصر في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للسينما البيئية بقابس في دورته الرابعة والمقامة في قابس بالجمهورية التونسية في الفترة من 20 إلى 27 مايو الجاري.

والفليم من إنتاج وزارة التضامن الاجتماعي المصرية ومن إخراج مهند دياب مستشار التوثيق المرئي في الوزارة، وهو فيلم وثائقي عن صناعة الخزف في إحدى القرى السياحية المصرية التي جعلتها هذه الصناعة تتحول من قرية زراعية فقيرة إلى قرية سياحية مشهورة.

قرية تونس

يسافر بنا الفيلم إلى قرية تونس بمحافظة الفيوم، حيث الطراز التونسي الأصيل فوق أرض سياحية مصرية عامرة بجمال الطبيعة والتفرُّد في صناعة الفخار والخوص.

وتنسج لنا الحاجة كاملة المصرية والسيدة إيفيلين بيوريه السويسرية العاشقة لمصر قصص نجاحهما في تلك المحافظة الخلابة الفيوم من خلال الحرفيين الذين تتلمذوا على أياديهم ويشاركون بمعارض ديارنا التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي التي تشجع الحرفيين للحفاظ على التراث المحلي والتراث الإنساني المشترك من الاندثار.

وتعتبر قصة إيفيلين ملهمة للكثيرين، حيث كانت قرية تونس وهي بلدة صغيرة مطلة على بحيرة قارون تبعد عن مدينة الفيوم بحوالى 60 كيلومترًا، كغيرها من قرى المنطقة تعتمد على الزراعة كمصدر دخلها الوحيد حتى سبعينيات القرن الماضي، حين زارتها إيفيلين وقلبت نظام القرية رأسا على عقب.

كانت السيدة إيفيلين بيوريه الفنانة التشكيلية السويسرية في زيارة إلى مصر فجذبها جمال القرية وطبيعتها الخلابة ولم تستطع العودة إلى بلدها، وقررت أن تكمل بقية حياتها في مصر وبالتحديد داخل قرية تونس؛ لتحولها من مكان شديد الفقر إلى بلدة منتجة تخلو من البطالة ومنتجع سياحي يقصده القاصي والداني، ويقام في البلدة مهرجان سنوي لعرض المنتجات والصناعات اليدوية من خزف وفخار.

اشترت إيفيلين قطعة أرض وبنت منزلًا وقررت العيش فيه مثل أهالي القرية، رغم عدم وجود مياه وكهرباء، وكانت تعتمد في إضاءة المنزل على لمبات السولار وعلى طلمبات (مضخات) المياه في الشرب، واستمرت حياتها هناك 10 سنين دون مياه أو كهرباء.

إيفيلين بيوريه الفنانة التشكيلية السويسرية حولت قرية تونس من مكان فقير إلى منتجع سياحي

وبعد عقد بأكمله نظمت أول مهرجان للخزف في قرية تونس، والذي لفت أنظار المسؤولين فبدؤوا في توصيل المياه والكهرباء للقرية.

وبدأت إيفيلين رحلتها بتأسيس مدرسة لتعليم الفخار والخزف، بعدما لفت انتباهها لعب أطفال القرية بالطين، فقررت وقتها استغلال طاقاتهم المهدرة، وكانت البداية لتحويل قرية تونس من ريفية إلى سياحية ومشاركتها في المهرجانات الدولية للخزف، وتنظيم مهرجان سنوي بالقرية ينعقد في شهر نوفمبر من كل عام ويشارك فيه العديد من الفنانين التشكيليين من كافة الجنسيات.

وتخرج من مدرسة إيفيلين للخزف الكثير من صناع الخزف والفخار الذين شاركوا في معارض عالمية فيما بعد، ومثلوا مصر في المهرجانات الكبرى داخل وخارج الأراضي المصرية.

ورغم أنها سويسرية عاشت في أرض مصرية إلا أن إيفيلين لم تكن تتوقع أن تخصيصها قرية تونس لتكون رائدة مصر في فن الخزف سيربطها بتونس الدولة، التي تعرف هي الأخرى بهذا الفن العريق وينتشر الخزف كفن وصناعة وتجارة في عدد من محافظاتها.

وأشهر أنواع الخزف، هو خزف سجنان، القرية الواقعة في محافظة بنزرت والتي يتعامل أهاليها مع الخزف بطرق متشابهة مع أهالي قرية تونس، فينتجون أواني وتحف خزفية وبنقوش مختلفة ورسومات تحكي نمط حياتهم أحيانا.

وبفضل نوعية إنتاجها تم إدراج فخّار المنطقة رسميا، ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، وهو فن تتقنه خصيصا نساء أمّيات لم يدخلن المدارس يوما ولم تطأ أقدامهن الجامعات بل كل ما بحوزتهن صنعة الأجداد التي يحرصن على الحفاظ عليها وإتقانها بكل حب وتفان.

أنقذ الكوكب

◙ الفيلم يسافر بنا إلى قرية تونس بمحافظة الفيوم، حيث الطراز التونسي الأصيل فوق أرض سياحية مصرية عامرة
◙ الفيلم يسافر بنا إلى قرية تونس بمحافظة الفيوم، حيث الطراز التونسي الأصيل فوق أرض سياحية مصرية عامرة

فيلم “ديارنا” واحد من أفلام وزارة التضامن الاجتماعي التي تمتلك مكتبة فيلمية تضم إلى الآن 75 فيلما تسجيليا قصيرا شارك العديد منها في مختلف المهرجانات المحلية والدولية وحصد الكثير منها جوائز هامة. وحصد الفيلم جائزة أفضل سيناريو بمهرجان يوسف شاهين 2021.

كما يعرض خارج المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم البيئي أيضا فيلم التربية الأسرية الإيجابية وهو أيضا من إنتاج وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع منظمة اليونيسف، كما يعرض فيلم نقطة ومن أول السطر عن الزواج المبكر وهي إحدى قضايا برنامج وعي.

ويرفع مهرجان الفيلم البيئي في دورته الخامسة بتونس هذا العام شعار “شاهد الفيلم..أنقذ الكوكب”، ويعرض ستة أفلام في المسابقة الرسمية من ضمن 29 فيلما تشارك ضمن 3 أقسام، سينما الأرض والفيديو والواقع الافتراضي. وتطرح الأفلام مشاكل الواقع البيئي العالمي لرفع الوعي حول حماية الطبيعة والعودة إلى الصناعات التقليدية من أجل المحافظة على البيئة.

ومن الأفلام المشاركة، الفيلم الاستقصائي “عنا حوت” للمخرج التونسي هيثم المغيربي، وفيلم “التراب الأسود” للمخرج التونسي حمدي الزرقاني، وفيلم “رحلة مع النبتة” وهو وثائقي قصير للمخرج العراقي سيف مهند، وفيلم “حوتة” للمخرج الجزائري صالح بوفلاح.

ولم يكن اختيار محافظة قابس التونسية لتكون حاضنة لهذا المهرجان السينمائي من قبيل الصدفة، فسكانها يعانون منذ عقود من مخلفات الأبخرة الكيميائية التي تسببت في انتشار الأمراض السرطانية حاصدة أرواح الأهالي شيبا وشبابا.

15