دويتشه فيله الألمانية تثبت قرار طرد صحافيين عرب: حرية التعبير لا تبرر كراهية إسرائيل

تقرير لجنة التحقيق يقول إن إيقاف خمسة من موظفي دويتشه فيله عن العمل أمر "مبرر"، بسبب التعليقات التي نشروها على حساباتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.
الخميس 2022/02/10
نسخة أكثر إلزاما

برلين – قررت إدارة قناة دويتشه فيله الألمانية طرد خمسة موظفين، على خلفية تقرير صادر عن لجنة خبراء مستقلة كلفت بالتحقيق في اتهامات بمعاداة السامية داخل المؤسسة.

ووفقا لبيان أصدرته القناة فإن التقرير خلص إلى أن معاداة السامية لا وجود ممنهجا لها داخل القسم العربي، بل يقتصر الأمر على حالات محدودة، فيما أكدت الإدارة أنها اتخذت إجراءات صارمة ووضعت خطة عمل لمنع وقوع ذلك مستقبلا.

يذكر أن قرار الطرد طال رئيس مكتب القسم العربي في بيروت باسل العريضي، والخبير في مجال إدارة الإعلام الصحافي داود إبراهيم، والصحافية الفلسطينية مرام سالم، والصحافية الفلسطينية – الأردنية فرح مرقة والمُحرر مرهف محمود.

وفي جلسة استثنائية عقدت الاثنين ضمت المجالس المشرفة في دويتشه فيله، وفي مؤتمر صحافي افتراضي لاحقا، قدمت لجنة الخبراء المستقلة نتائج تحقيقها حول الاتهامات بمعاداة السامية، والتي وجهت إلى عدد من العاملين في مؤسسة دويتشه فيله (DW) وشركاء للمؤسسة.

رئيس القسم العربي في المؤسسة قدم استقالته، وهو ما وافقت عليه إدارة دويتشه فيله

وأعلنت مفوضة ولاية شمال الراين ويستفاليا لشؤون معاداة السامية ووزيرة العدل الاتحادية السابقة زابينه لويتهويزر – شنارينبيرغر، والمتخصص في علم النفس أحمد منصور عن “عدم وجود ممنهج لمعاداة السامية في القسم العربي”، حيث عمل خمسة أفراد اتهموا بمعاداة السامية، “كما لا يوجد في الأساس اتجاه عام لمعاداة السامية في ما يتعلق بالتقارير الصحافية في القسم. لكن مع ذلك كانت هناك أخطاء محدودة وتقصير في عملية توظيف الصحافيين، وفي البحث الصحافي واختيار ضيوف البرامج”.

وعرض رئيس القسم العربي في المؤسسة تقديم استقالته، وهو ما وافقت عليه إدارة دويتشه فيله.

وخلال الجلسة المشتركة يوم الاثنين (السابع من فبراير 2022) بين مجلس الإشراف على المحتوى الصحافي ومجلس إدارة مؤسسة دويتشه فيله أكد ممثل المجلس أن التقرير الصادر عن اللجنة المستقلة والخطوات التي اتخذتها إدارة المؤسسة يشكلان أساسا للمزيد من النقاش حول هذا الموضوع داخل اللجان.

وكان المدير العام لمؤسسة دويتشه فيله بيتر ليمبورغ كلف في بداية ديسمبر الماضي لجنة خبراء مستقلة بالتحقيق في الادعاءات ونقاط الضعف التنظيمية في مجالات العمل داخل هذه المؤسسة، وصياغة توصيات للعمل. كما تم إيقاف الأشخاص -الذين وجهت إليهم الاتهامات في التقارير الصحافية- عن العمل.

وذكر تقرير لجنة التحقيق أن إيقاف خمسة من موظفي دويتشه فيله عن العمل أمر “مبرر”، بسبب التعليقات التي نشروها على حساباتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك أشار التقرير إلى وجود تعليقات إشكالية نشرها ثمانية موظفين آخرون، وأنها تستدعي التحقيق الدقيق. وأكدت اللجنة أنّ على مؤسسة دويتشه فيله تحسين إجراءاتها في عملية توظيف الصحافيين في القسم العربي وفي الأقسام الأخرى أيضا، ووضع دليل واضح يتضمن تعريفات وتفسيرات لمفردات تتعلق بمعاداة السامية وكراهية إسرائيل وتمييزها عن توجيه النقد المشروع لإسرائيل. كما يجب توضيح هذه النقاط بشكل مكثف ومستمر في حال تدريب موظفين جدد وكذلك عند التدريب الداخلي للموظفين.

Thumbnail

أما في ما يتعلق باختيار شركاء ترويج المحتوى الصحافي لدويتشه فيله في منطقة الشرق الأوسط فقد توصلت اللجنة إلى أن عدد الحالات التي ترقى إلى الانتقاد قليلة، مؤكدة على ضرورة إيجاد معايير لاختيار الشركاء، واعتبرت أن المؤسسة لم تتمكن من توصيل معاييرها وقيمها بالشكل الكافي في عملية اختيار الشراكات.

وقال المدير العام بيتر ليمبورغ “يؤسف الإدارة ويؤسفني شخصيا أن توجه اتهامات بمعاداة السامية إلى مؤسسة ألمانية تمول من أموال دافعي الضرائب. أمر لا يمكن أن يطاق بالنسبة إلى اليهود في ألمانيا وحول العالم”. وأضاف “يجب علينا في المستقبل توضيح موقفنا بشكل أفضل. فحرية التعبير لن تكون أبدا تبريرا لمعاداة السامية أو لكراهية إسرائيل أو لإنكار الهولوكوست”. وقال ليمبورغ “نعترف اليوم بأخطاء وغفلات، سنقوم بمعالجتها على الفور بشكل كامل وبعواقب واضحة. سنعمل على اتخاذ إجراءات واضحة أيضا تجاه الموظفين”.

وقدم ليمبورغ أيضاً خطة عمل من 10 نقاط تنص على اتخاذ خطوات، منها أن تلتزم دويتشه فيله بتعريف لمعاداة السامية وتجعله ملزماً للعاملين في المؤسسة. وقال “هذا التعريف يشمل الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ورفض إنكار محارق الهولوكوست أو التقليل منها”. كما ستقوم المؤسسة بصياغة “مدونة قواعد سلوك خاصة بها وتحديد ‘خطوط حمراء’ للعاملين وجعلها أكثر إلزاماً”. إضافة إلى ذلك سيتم إعداد نسخة من مدونة قواعد السلوك خصيصاً لشركاء المؤسسة.

تقرير لجنة التحقيق يوصي المؤسسة بتحسين إجراءاتها في عملية توظيف الصحافيين في القسم العربي

وأعلن ليمبورغ أن دويتشه فيله “ستشدد قواعد التوظيف على أساس الالتزام بقيم المؤسسة”، كما تطمح الخطة إلى “تعزيز التدريب الداخلي وفق هذه المعايير والقيم، وإلى إدخال مكونات إلزامية جديدة فيها”.

وتعتزم الخطة أيضاً أن “تنقل دويتشه فيله قيمها الأساسية بشكل أكثر وضوحاً في علاقاتها بالشركاء الآخرين وأن تنفذ آليات اختبار داخلية أكثر صرامة”. وأخيراً تعتزم هذه المؤسسة “تشكيل فريق خبراء في رئاسة التحرير لإنتاج محتوى صحافي في مجالات معاداة السامية، وحق إسرائيل في الوجود، ومسؤولية ألمانيا تجاهها”. وتوجد خطط لزيادة عدد العاملين في أستوديو دويتشه فيله بإسرائيل.

كما أن الحوار مع الشركاء في العالم العربي -حتى خارج البرنامج- يكتسي أهمية بالغة. وستقوم أكاديمية دويتشه فيله بإعادة دراسة شراكاتها في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إجراءات إقامة هذه الشراكات وتوظيف المدربين والخبراء.

من جانبه أكد رئيس مجلس الإشراف على المحتوى الصحافي كارل يوستن أنه بعد تقديم التقرير اهتم مجلسه ومجلس الإدارة بالحالات الفردية المتعلقة بمعاداة السامية، لكن لا توجد هناك “شبهة عامة”. وأوضح أن المجلس في الوقت الحالي يعمل على مناقشة الإجراءات التي أعلنتها دويتشه فيله.

16