دول الخليج تتحضر لسيناريو فوز بايدن وإن كانت تميل لترامب

دبي- تترقب الأوساط السياسية في الخليج والشرق الأوسط بحذر ما ستؤول إليه الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستؤثر نتائجها مما لاشك فيه على الوضع في المنطقة، في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن.
ولئن تبدي الدول الخليجية أو معظمها ميلا للرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب بيد أنها تستعد لسيناريو صعود بايدن، لاسيما وأن معظم نتائج سبر الآراء تصب في صالحه.
ووضع الرئيس الموشك على نهاية ولايته الأولى ترامب كبح أنشطة إيران على رأس الأجندة التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية، ليكسب بشكل اكبر حلفاءه في السعودية والإمارات ويدشّن مسار تغيير سياسي جوهري في المنطقة عبر إرساء تحالف قوي بين إدارته ودول خليجية في مواجهة الخطر الإيراني.
وتتناقض علاقات ترامب الوثيقة مع دول الخليج مع العلاقة الفاترة التي ربطتها بسلفه باراك اوباما الذي أثار بإبرامه الاتفاق النووي مع إيران سنة 2015 مخاوف السعودية وجيرانها.
وتقول كبيرة محللي الخليج في معهد "مجموعة الأزمات الدولية" إلهام فخرو "السعودية والإمارات تشتركان في تصوّر أن إدارة أوباما تخلّت عن حلفائها التقليديين في الخليج".
وتضيف "لقد حسّنت السعودية علاقاتها مع إدارة ترامب بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئيا إلى قرار واشنطن فرض ضغوط قصوى" على إيران وقطاعها النفطي.
وشكلت الزيارة التاريخية لترامب للسعودية في مايو 2017 بداية لعلاقة استثنائية مع الحليف التقليدي بعد فتور كبير شابها في عهد أوباما.
وفي أول رحلة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة في مايو 2017، حظي ترامب باستقبال حار في السعودية.
وفي السنوات التي تلت، ولّدت استراتيجيته الاندفاعية وغير التقليدية سلسلة من الأحداث المتسارعة التي أعادت رسم المشهد الإقليمي. كما أنّها جعلت الإيرانيين أكثر تشددا، إذ رسّخت لديهم قناعة بأن المفاوضات مع جيرانهم في دول مجلس التعاون الخليجي تعمل على إضعاف إيران
وانسحب ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، وأمر باغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، وفرض عقوبات مشددة على طهران.
ووجدت هذه السياسات صدى جيدا بشكل عام في الخليج، رغم عدم اتخاذ ترامب إجراءات حاسمة بشأن أحداث كبرى بينها الهجمات ضد "أرامكو" في 2019 التي ألقي باللوم فيها على إيران.
ومع تخلّف ترامب في استطلاعات الرأي خلف جو بايدن الذي شغل منصب نائب الرئيس في إدارة اوباما، قد تكون المنطقة مرة أخرى على أعتاب تغييرات جديدة، خصوصا أنّه من المرجح أن يعيد بايدن في حال فوزه، اعتماد مواقف أكثر تقليدية بشأن حقوق الإنسان في عدد من دول الخليج والشرق الأوسط بحسب منظمات غير حكومية، وصفقات الأسلحة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في نوفمبر، حقّق ترامب انتصارا خارجيا كبيرا من خلال رعايته لاتفاق تطبيع علاقات دبلوماسية بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.
ويرى محلّلون أن توقيت الاتفاقين محاولة من ترامب لتحقيق انتصار ثمين في السياسة الخارجية قبل الانتخابات، رغم محدودية تأثير ذلك على العملية الانتخابية بحد ذاتها.
وترى فخرو أنّه مع تقدّم بايدن في استطلاعات الرأي، تشعر السعودية كما الإمارات ودول خليجية أخرى بالقلق من إمكانية "العودة عن العقوبات المفروضة على إيران" في ظل إدارة ديموقراطية. كما أنّ ترامب "أكثر استعدادا لضمان أن تمضي مبيعات الأسلحة إلى هذه الدول قدما وبسرعة"، بحسب الخبيرة. ويستبعد أن تبذل إدارة بايدن مثل هذه الجهود لإيصال الأسلحة إلى دول الخليج.
وتظهر أرقام معهد "استوكهولم الدولي لأبحاث السلام" أنّ مبيعات الأسلحة الأميركية إلى السعودية بين 2017 و2019 كانت ثاني أعلى مبيعات لإدارة واحدة بعد بيل كلينتون بين عامي 1993 و2000، ما يشير إلى أن ولاية ترامب الأولى قد تحقّق مبيعات قياسية مع احتساب مبيعات 2020.
ومع ذلك، تستعد منطقة الخليج وخصوصا السعودية، لاحتمال العودة إلى التعامل مع إدارة ديموقراطية.
ويقول مسؤول خليجي إن الزيارة التاريخية في مايو 2017 كانت بداية لعلاقة استثنائية مع رئيس أميركي. لقد فتحت أبوابا كثيرة".
ويضيف"صنّاع القرار هنا يريدون منطقيا أن تظل تلك الأبواب مفتوحة، لكنهم ليسوا مغمضي الأعين. هم يستعدون للسيناريو الآخر".