دول الخليج بين هدوء إشعاعي وتدابير وقائية استباقية لتداعيات صراع إيران

الرياض – نفت دول الخليج رصد أي آثار إشعاعية غير طبيعية في أجوائها ومياهها بعد الضربات العسكرية الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، في وقت اتخذت أغلبها تدابير استثنائية استباقية لاحتمال امتداد صراع إسرائيل والولايات المتحدة مع إيران إلى أراضيهما، ما يعكس المناخ الحرج الذي تمر به المنطقة.
وبينما تؤكد الهيئات الرقابية غياب أي تلوث إشعاعي، فإن الاستنفار الأمني الواسع وتفعيل خطط الطوارئ يشير إلى قلق عميق من التصعيد الذي قد يهدد الاستقرار الإقليمي ويُدخل المنطقة في دوامة صراع لا تحمد عقباها.
وأعلنت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في السعودية الأحد "عدم رصد أي آثار إشعاعية على بيئة المملكة ودول الخليج العربية نتيجة الاستهدافات العسكرية الأميركية لمرافق إيران النووية".
وبدورها، نقلت وكالة أنباء الإمارات الرسمية اليوم الأحد عن الهيئة الاتحادية للرقابة النووية قولها إنه لا يوجد أي تأثير على البلاد في أعقاب القصف الذي شنته الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية.
وأكدت في بيان "عدم وجود تأثيرات على الدولة نتيجة هذه التطورات".
وذكرت أنها "على اطلاع ومتابعة مستمرة للمستجدات، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتستلم بشكل دوري التحديث من القنوات الرسمية".
وفي السياق ذاته، أوردت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) نقلا عن الحرس الوطني أن "مستويات الاشعاع في الأجواء والمياه الكويتية مستقرة والحالة طبيعية"، مشيرة الى أن "مركز سمو الشيخ سالم العلي الصباح للدفاع الكيماوي والرصد الإشعاعي يقوم بقراءة مستويات الإشعاع بدقة على مدار الساعة من خلال شبكات الرصد" في أنحاء البلاد.
وفي العراق، أكّدت الهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية والكيميائية والبيولوجية في بيان أنه "من خلال متابعة ورصد قياسات منظومات الرصد الإشعاعي والإنذار المبكر وقياسات الخلفية الإشعاعية في المنافذ الحدودية، لم يتم تأشير وجود تلوث إشعاعي يذكر"، مضيفة أن "جميع القياسات كانت ضمن حدود الخلفية الإشعاعية الطبيعية".
وفي البحرين، أكد المجلس الأعلى للبيئة أنه "لم يتم تسجيل أي مستويات إشعاعية غير طبيعية داخل أجواء مملكة البحرين".
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت "عدم الإبلاغ عن أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج المواقع حتى الآن"، وذلك بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الضربات الأميركية "دمّرت بشكل تام وكامل" ثلاث منشآت نووية هي فوردو الواقعة تحت الأرض وأصفهان ونطنز، مع انضمام الولايات المتحدة إلى الهجمات على إيران التي بدأتها إسرائيل في 13 يونيو.
وأعلنت السلطات الإيرانية أنه "لم يتم تسجيل أي علامات على تلوث" بعد الضربات و"لا يوجد أي خطر على السكان الذين يعيشون حول المواقع" الواقعة في وسط الجمهورية الإسلامية.
وقال مصدر إيراني كبير لرويترز إن معظم اليورانيوم عالي التخصيب المخزن في منشأة فوردو النووية تم نقله إلى مكان غير معلن قبل الضربات الأميركية، مضيفا أن عدد العناصر المتواجدين في الموقع تم تقليصه إلى الحد الأدنى تحسبا لهجوم محتمل.
على الرغم من التأكيدات حول سلامة مستويات الإشعاع، اتخذت دول الخليج التي تستضيف قواعد أميركية إجراءات احترازية مشددة تعكس قلقها العميق من التصعيد.
أفاد مصدران مطلعان لرويترز أن السعودية في حالة تأهب أمني قصوى. واتخذت البحرين والكويت، اللتان تستضيفان قواعد أميركية استعدادات اليوم الأحد لاحتمال امتداد صراع إسرائيل والولايات المتحدة مع إيران إلى أراضيهما، حيث حثت البحرين سائقي السيارات على تجنب الطرق الرئيسية وأعدت الكويت ملاجئ في مجمع الوزارات بعد الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية.
وتستضيف البحرين مقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، فيما توجد قواعد أميركية عدة في الكويت.
وقالت وزارة الداخلية البحرينية في منشور على إكس "في ضوء التطورات الأخيرة بالموقف الأمني الإقليمي، نهيب بالمواطنين والمقيمين أن يكون إشغال الطرق الرئيسية عند الضرورة، حفاظا على السلامة العامة، وذلك من أجل إفساح المجال لاستخدام الطرق من قبل الأجهزة المعنية".
وقال جهاز الخدمة المدنية في البحرين إنه "تقرر تفعيل العمل بالوزارات والأجهزة الحكومية عن بعد بنسبة 70 في المئة ما عدا في القطاعات التي يتطلب عملها الحضور الشخصي، أو التي لديها إجراءات عمل خاصة في حالات الطوارئ، وبما تقتضيه السلامة العامة، وذلك اعتبارا من اليوم وحتى إشعار آخر".
وقبل أيام، أكدت السلطات البحرينية أنها فعلت الخطة الوطنية للطوارئ المدنية والمركز الوطني لإدارة الطوارئ تأهبا لأي احتمالات وشرعت في اختبار صفارات الإنذار في المملكة.
وذكرت وسائل إعلام كذلك أن البحرين أقامت 33 مركز إيواء.
وفي الكويت، تم تفعيل خطة طوارئ حكومية تجهيز ملاجئ في مبنى مجمع الوزارات تستوعب 900 شخص بهدف "الحفاظ على سلامة الأداء الحكومي في جميع الظروف".
وأعلنت وزارة المالية الكويتية وفق البيان "تفعيل خطة الطوارئ الخاصة بها لضمان استمرارية الأعمال المالية والخدمية بكفاءة عالية للحفاظ على سلامة الأداء الحكومي في جميع الظروف".
وأكدت أن ذلك "حرصاً على تعزيز الاستعدادات الوطنية ورفع كفاءة الجاهزية الحكومية ضمن منظومة الدولة المتكاملة في مواجهة أي طارئ، وبناءً على توجيهات مجلس الوزراء".
وأوضحت الوزارة الكويتية أنها "اتخذت عدداً من الإجراءات الاحترازية الشاملة تمثلت في تجهيز الملاجئ في مبنى مجمع الوزارات الشرقي والجنوبي بكامل إمكاناتها الفنية والخدمية، وذلك لاستيعاب نحو 900 شخص وتصنيفها C4 بحالة ممتازة، إلى جانب تخصيص مخازن في الموقف الشرقي لاستخدامها عند الحاجة".
وتضمنت الإجراءات أيضاً "تفعيل الأنظمة المالية (Oracle و GFMIS) من خلال أجهزة بديلة، مع تمكين العمل عن بعد ضمن بيئة إلكترونية آمنة عبر برامج حماية متخصصة".
كما تواصل الوزارة "تحديث خطة الطوارئ بشكل مستمر من خلال التنسيق المباشر مع الجهات المعنية، ومن ضمنها وزارة الداخلية ممثلة في إدارة الدفاع المدني، حيث تم عقد اجتماع تنسيقي ضمن هذا الإطار، لضمان أعلى مستويات الجاهزية والاستجابة الفورية".
وتأتي هذه الاستعدادات في ظل تحذيرات سابقة من طهران باستهداف الأصول الأميركية في المنطقة، بما في ذلك القواعد العسكرية، إذا ما تعرضت لهجوم أميركي.
ويعكس هذا التأهب الإقليمي الموقف الحرج الذي تمر به المنطقة، والخوف من أن تتحول الخلافات النووية والسياسية إلى مواجهة عسكرية أوسع نطاقاً تطال الجميع.