دول أفريقية تبحث عن استثناءات من حظر تجارة العاج

جنيف - تسعى مجموعة من الدول الكائنة بمنطقة الجنوب الأفريقي إلى تخفيف القيود المفروضة على ممارسة صيد الحيوانات البرية كنوع من الترفيه، يتم خلاله الاحتفاظ بأجزاء من الحيوانات التي تم صيدها، حيث تطالب ناميبيا برفع الحظر على تصدير أجزاء من الخراتيت (وحيد القرن) البيضاء وتطالب زامبيا برفع الحظر على تصدير أنياب الفيلة.
وسيتم الاقتراع على مطالب ناميبيا وزامبيا في مؤتمر دولي يضم 183 دولة، موقّعة على “اتفاقية التجارة الدولية في أنواع الحياة البرية المهددة بالانقراض”، والمقرّر عقده في جنيف خلال الفترة من 17 إلى 28 أغسطس الحالي.
وتضع هذه الاتفاقية التي تم توقيعها في واشنطن عام 1973 قيودا وحظرا على البيع عبر الحدود لنحو خمسة آلاف من أنواع الحيوانات و30 ألفا من أنواع النباتات.
وجاء بالمذكرة التي قدّمتها ناميبيا وتقترح فيها رفع الحظر، أنه “لم يحدث أي تراجع ملحوظ في أعداد الخراتيت خلال 43 عاما منذ إعادة إحياء هذا النوع من الحيوانات”، وأضافت أنه يوجد في ناميبيا أكبر عدد من هذه الحيوانات البرية في العالم بعد دولة جنوب أفريقيا.
وتقدمت زامبيا بحجج مماثلة تتعلق بالفيلة في مذكرتها المقدمة أمام مؤتمر جنيف، حيث ذكرت أن “مستعمرات الحيوانات البرية لديها كبيرة ومستقرة وتضم نحو 27 ألفا”.
وتدفع كلّ من الدولتين بأنها بحاجة إلى الدخل الناتج عن عمليات الصيد المحدودة، والتجارة في أجزاء الحيوانات لدعم معيشة التجمعات السكانية المحلية، ولضمان أن يساند السكان المحليون جهود الحفاظ على الحيوانات البرية.
وتأتي كل من بوتسوانا وزيمبابوي وسوازيلاند أيضا من بين مجموعة الدول التي تريد السماح لها بتصدير العاج وجلود الحيوانات، ما دامت هذه المنتجات لا تستخدم في أغراض تجارية.
ويشعر النشطاء في مجال حماية الحياة البرية بالقلق إزاء هذه المطالب، إذ تقول دانيالا فراير وهي إحدى مؤسسي منظمة “برو وايلدلايف” الألمانية التي تعني مناصري الحياة البرية، “كانت هناك مقترحات مماثلة عام 2007، وكانت العواقب مدمرة”.
وفي ذلك العام، وافقت الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية المذكورة على السماح لكل من بوتسوانا وناميبيا وجنوب أفريقيا ببيع المخزون لديها من العاج.
ومع ذلك عجزت سلطات الجمارك عن رصد ما إذا كان العاج الذي يتم شحنه هو من هذا المخزون القديم أو ناتج عن فيلة تم قتلها حديثا.
وتضيف فراير، “في ذروة أزمة الصيد الجائر خلال الفترة بين 2010 و2012 تم اصطياد أكثر من مئة ألف فيل بشكل غير مشروع”، متابعة، أنه “ما زال يتم قتل ما يقدر بنحو 20 ألف فيل سنويا للحصول على العاج”.
وعلى الرغم من ركود سوق العاج العالمية منذ أن حظرت الصين تجارة العاج العام الماضي، فلا يزال هناك طلب عليه من اليابان، وذلك وفقا لما تقوله فراير.
وعلى أيّ حال فإن تجارة العاج المهرّب ما زالت مستمرة. وصادرت سلطات سنغافورة 8.8 طن من عاج الفيلة تبلغ قيمتها 12.9 مليون دولار في يوليو الماضي، مما يمثل أكبر عملية مصادرة وحيدة للعاج في هذه الدولة. وكانت هذه الشحنة القادمة من الكونغو ومتجهة إلى فيتنام عبر سنغافورة مسجلة تحت اسم “أخشاب”، ويقدر أن هذه الكمية المصادرة من العاج جاءت من حصيلة قتل 300 فيل.
أما رالف سونتاغ، الذي يعتزم المشاركة في مؤتمر جنيف ممثلا عن “الصندوق الدولي لرعاية الحيوانات”، فيقول “إننا نطالب بفرض حظر تامّ على تجارة العاج على المستويين المحلي والدولي”.
ويؤكد سونتاغ أنه حيث إن سلطات الجمارك لن تتمكّن على الإطلاق من رصد جميع الشحنات المهربة، فإن تخفيف القيود الحالية من شأنه أن يبعث برسالة خاطئة إلى المهرّبين، كما أنه سيؤدي إلى مزيد من عمليات الصيد الجائر”.
ويضيف، أنه “يجب أن تكون الاستثناءات فقط في مجال الأعمال الفنية للعاديات، على أن يكون محتوى العاج فيها محدودا ويقتصر على من 200 إلى 300 غرام، أو على صناعة الآلات الموسيقية التراثية.
وترى إيفوني هيغيرو رئيسة الأمانة العامة “لاتفاقية التجارة الدولية في أنواع الحياة البرية المهددة بالانقراض” بجنيف، أن هناك مأزقا يتشكل في الأفق يتمثل في أن الدول الأفريقية الأخرى الكائنة في اتجاه الشمال والتي لديها أيضا أعداد من الأفيال تعارض تخفيف القيود على تجارة العاج.
ومع ذلك قالت هيغيرو، إنها تتفهم المطالب التي تم التقدّم بها من جانب الدول الكائنة في الجنوب الأفريقي.
وأضافت، “زرتُ زيمبابوي، وكان من الواضح أنه في بعض المناطق زادت أعداد الفيلة، وحدث مزيد من المنازعات مع السكان المحليين حول مسألة الصيد، ويمكنك أن ترى الضرر الذي حدث للسكان”.
وتؤكد هيغيرو -وهي متخصصة في اقتصاديات البيئة وتنحدر من بنما- أنها تتخذ موقفا محايدا إزاء هذه القضية، وأن الأمور ترجع إلى القرارات التي ستتخذها الدول الأعضاء في هذا الصدد.
ومع ذلك أشارت إلى أنها تودّ أن تنقل حالة الجدل المثار إلى زاوية جديدة، وتوضح قائلة “في الماضي كانت الأطراف المعنية تركز على التجارة غير القانونية في الحياة البرية، غبر أنها يجب أن تضع مزيدا من التركيز على التجارة المشروعة”.
وقالت إن التجمعات السكانية المحلية يجب أن تكون قادرة على كسب وسائل عيشها عن طريق إدارة مستعمرات الحيوانات والأشجار والنباتات بطريقة تراعي الاستدامة والحفاظ على البيئة.