دورات لتوعية المقبلين على الزواج تبحث عن متدربين بمصر

ضعف الخطاب الاجتماعي يقود إلى عزوف الشباب عن المشاركة.
الخميس 2023/07/06
التوعية تساهم في بناء أسر متماسكة

لم تنجح الدورات التدريبية، التي أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي المصرية ضمن حملة “مودة” الهادفة إلى توعية المقبلين على الزواج، في استقطاب المتدربين؛ وذلك لعدم تمكن الخطابين الاجتماعي والديني من إقناع الشباب بأهمية هذه الدورات في بناء أسرة متماسكة وتقليل نسب الطلاق، ما دفع الوزارة إلى رفع سن القبول في الدورات التدريبية المجانية إلى 40 عامًا بعد أن كانت مخصصة للفئة العمرية بين 18 و25 عامًا. وتولي الدورات التدريبية اهتماماً بكيفية اختيار شريك الحياة وفقًا للعوامل النفسية والاجتماعية والثقافية.

القاهرة - تواجه جهات حكومية مصرية تولي اهتماما بعملية تدريب وتوعية المقبلين على الزواج مشكلات جمة في جذب الشباب من الجنسين إليها، ما تسبب في انخفاض معدلات الإنجاز في حملة “مودة” التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي وهدفت إلى الحفاظ على وحدة الأسرة والحد من معدلات الطلاق المرتفعة.

تشير إحصاءات نشرتها الوزارة أخيرا إلى أن 582 ألف شخص حصلوا على الدورات التدريبية منذ انطلاق الحملة التي تجوب المحافظات المصرية المختلفة، من بين 25 مليون شخص قالت الحملة إنها تستهدف الوصول إليهم عند إطلاقها منذ حوالي عامين، وبينت الإحصاءات أن 4 ملايين شخص زاروا المنصة الرقمية دون أن يشاركوا في الفعاليات التي نظمتها.

ورغم أن الحملة الحكومية التي جرى الترويج لها بكثافة كانت موجهة للشباب في الفئة العمرية بين 18 و25 عاما، غير أن العزوف عنها دفع مديريات وزارة التضامن في محافظات عديدة إلى رفع سن القبول في الدورات التدريبية المجانية إلى 40 عاما.

ونشرت الجهات القائمة على المبادرة في محافظة أسيوط (جنوب مصر) التي تبدأ دورة تدريبية السبت أرقام هواتف المسؤولين عن الحملة للتواصل معهم، بعد أن واجهت انتقادات بسبب صعوبة التسجيل الإلكتروني في مناطق تتزايد فيها الأمية.

وكانت المفاجأة أن الدورة التي يحق لأبناء المحافظة الجنوبية الاشتراك فيها من المقرر أن تنعقد في محافظة المنوفية (شمال القاهرة)، ما يقوض مساعي جذب الفتيات اللاتي سيواجهن رفضا أسريا لسفرهن للحصول على دورة لتوعيتهن قبل الزواج.

فكرة التوعية بالحياة الزوجية يجري تفسيرها وفق مفهوم ضيق في القرى والأرياف، وترتبط عادة بالتوعية الجنسية فقط

وتشير يمنى إبراهيم، وهي فتاة تستعد للزواج بمحافظة أسيوط، إلى أن الجهات القائمة على الحملة لم تتواصل بشكل مباشر مع قطاعات من الشباب والفتيات في المحافظة للتعريف بها، وعلمت بالدورة مصادفة عبر مشاهدة خبر منشور على أحد المواقع الإلكترونية، وليست لديها ثقة تجعلها تقدم على خطوة لا تعلم وجه الاستفادة منها.

وتضيف لـ”العرب” أن فكرة التوعية بالحياة الزوجية يجري تفسيرها وفق مفهوم ضيق في القرى والأرياف والمناطق البعيدة، وترتبط عادة بالتوعية الجنسية فقط، وفي هذه الحالة ترفض الكثير من الأسر التطرق إلى فكرة الحصول على دورة تدريبية يشارك فيها رجال، ولذلك يتم وأد الفكرة دون أن يكون هناك علم بأهميتها.

وعادة ما تكون توعية الشباب والفتيات قبل الزواج من أشخاص مقربين منهم ويكون الانفتاح على الدورات التدريبية الحكومية في الحالات التي يرتبط فيها الوضع بالتوعية الصحية أو الاجتماعية بعد الزواج وليس قبله، ووفقا للفتاة ذاتها فالصورة النمطية لدور الحكومة في التثقيف خارج إطار العادات والتقاليد، ما يساهم في العزوف عنها.

وتهدف مبادرة “مودة” إلى تزويد المقبلين على الزواج بالتأهيل النفسي والاجتماعي الكافي لتشكيل الأسرة وحل أي خلافات محتملة، ودعم مكاتب فض المنازعات الأسرية للقيام بدور في الحد من حالات الطلاق، ومراجعة التشريعات التي تدعم الأسرة وتحمي حقوق الزوجين والأطفال.

وتولي الدورات التدريبية اهتماما بكيفية اختيار شريك أو شريكة الحياة وفقا لعوامل نفسية كتقبل الآخر، واجتماعية مثل العادات والتقاليد، وثقافية كمستوى التفكير وإيجاد وسيلة مشتركة لإدارة الحوار بين الطرفين، فضلا عن الجانب الصحي ويشمل التعريف بأهمية الفحص الطبي قبل الزواج، وتأجيل الطفل الأول، وفوائد تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات.

ولا تعد وزارة التضامن الاجتماعي وحدها المسؤولة عن عقد دورات تدريبية قبل الزواج، فهناك جهات أخرى تتولى الأمر ذاته، في مقدمتها مؤسسة الأزهر ووزارة الشباب والرياضة، ما يؤدي أحيانا إلى تداخل بعض الأدوار، فدخول الأزهر على الخط مثلا لانجذاب قطاعات كبيرة له يأتي على حساب جهات حكومية عديدة، باعتبار أن جهوده التوعوية تنطلق من إطار ديني يستميل فئات عدة تحصر أزمات الزواج في غياب النزعة الدينية.

قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها في شمال القاهرة هالة منصور إن اختيار الجهات الحكومية للحصول على دورات تدريبية وتثقيفية يأتي في المرتبة الأخيرة بالنسبة لقطاعات كبيرة من الشباب، والأزهر ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية عموما أكثر قدرة وإقناعا من الجهات الرسمية، وتغيب الثقة بشأن ما تقدمه من مضمامين توعوية وتبقى ثمة قناعة بأن مسؤولي مديريات وزارة التضامن في المحافظات يستهدفون تسكين أعداد من المتدربين كدليل للقيام بأدوارهم.

Thumbnail

وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن المجتمع المصري يعاني من ضعف التثقيف والتدريب والتعليم في أمور الزواج، خاصة في المناطق الريفية، لكن ذلك لا يمنع من وجود تقصير حكومي في إنعاش آليات إقناع المواطنين، ويظل ضعف لغة الخطاب الاجتماعي الموجه لهذه الفئات في مقدمة أسباب عزوف الشباب، بجانب عدم الاهتمام الكافي بالتسويق لما تتضمنه مبادرة “مودة” وما يدور داخل الدورات التدريبية.

وأشارت إلى أن بعض الفئات الشبابية قد تكون لديها رغبة في الحصول على دورات تساعدها على بدء حياتها الزوجية بنجاح، لكن لا يتم الوصول إليها، والمشكلة تنظيمية وبحاجة إلى تضافر جهود دوائر حكومية وأهلية، خاصة توفير سبل الإقناع التي تجذب الشباب وتؤدي دورها في تدريب أكبر عدد ممكن من المقبلين على الزواج بما يجعل هناك نتائج ملموسة على الأرض.

وأمام عزوف الفئات الشبابية، اقترحت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج شرط الحصول على الدورات التدريبية الخاصة بـمشروع “مودة” ضمن إجراءات عقد الزواج، وإقرار محتويات التدريب ضمن المقررات الدراسية الجامعية كتدريب يحصل عليه الشاب، كذلك في حالة التجنيد كتدريب يحصل عليه المجند في الجيش.

ووصفت هالة منصور الخطوة بـ”الجيدة”، لافتة إلى أنها لن تكون كافية طالما أنها لم تقنع الشباب بالحصول عليها، وأن أساليب تزوير الشهادات ستكون حاضرة إذا تم الإجبار عليها، كما هو الحال بالنسبة للفحص الطبي، وأن جذب الشباب نحو الحصول على شهادات معتمدة من جهات مجتمعية وتعليمية يشكل عاملا مهما للاهتمام بها.

وتشير إحصاءات مصرية إلى أن عند انطلاق مشروع “مودة” كانت معدلات الطلاق تصل إلى 12 في المئة من بين الأسر البالغ عددها 26 مليون أسرة، غير أن هذا الرقم تزايد العام الجاري ليصل إلى 14.7 في المئة.

وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء الشهر الماضي وصول نسبة الطلاق إلى 2.5 من كل ألف من السكان الذين وصل عددهم إلى نحو 105 ملايين مواطن، مع استمرار تراجع نسب الزواج من 927 ألفا و844 عقد زواج عام 2019 إلى 880 ألفا و41 عقدا عام 2021.

15