دموع وزغاريد في استقبال المعتقلين الفلسطينيين قرب ضريح درويش

بيتونيا (الأراضي الفلسطينية)- تدافع أهالي وأقارب المعتقلين الفلسطينيين نحو الحافلة القادمة من سجن عوفر، لدى وصولها إلى بلدة بيتونيا وتقل معتقلين ضمن الدفعة الرابعة من التبادل بين حركة حماس وإسرائيل، وعلت الزغاريد والهتافات.
ووصلت الحافلة إلى ساحة ملاصقة لمتحف وقبر الشاعر الفلسطيني محمود درويش على تلة مطلة على سجن عوفر الملاصق للبلدة، واستقبلها حشد من الفلسطينيين بالزغاريد والهتافات.
ونزل عطا عبدالغني (55 عاما) من الحافلة وعانق ولديه التوأم زين وزيد (10 سنوات) اللذين ولدتهما زوجته وهو داخل السجن من خلال نطف مهرّبة. وقال لوكالة فرانس برس، وهو يشير إلى ولديه “هما سفيرا الحرية، هما الحرية والحلم الوحيد الذي لم يصادروه”. وتابع “النطف المهرّبة كانت الرئة التي نتنفّس بها من خلف القضبان والرطوبة التي أنهكت أجسادنا”.وممارسة تهريب النطف من معتقلين فلسطينيين محكومين لسنوات طويلة في السجون الإسرائيلية، شائعة منذ سنوات. ويحصل التهريب خلال الزيارات، ويشارك في نقلها وحفظها أطباء تمهيدا لتخصيب الزوجات بها.
وقال زكريا قصقص السبعيني، والدموع على وجنتيه عقب عناق ابنه محمد قصقص الذي أمضى 23 عاما في السجن، “أنا أنتظر هذا اليوم منذ 23 عاما، لكن لا نقول إلا أن هذا كلّه من أجل الوطن”.
وبدت ملامح التعب على وجوه المعتقلين الذين ارتدوا الزي الموحّد الرمادي المعتمد من مصلحة السجون الإسرائيلية، وكان معظمهم حليق الرأس وغالبيتهم طالت لحاهم.
وقال محمد زكريا الذي كان محكوما بعد إدانته بتهمة الانتماء إلى مجموعة مسلحة وتنفيذ هجمات على أهداف إسرائيلية، “الشعور بالحرية لا يوصف، لكنه يختلط مع الحزن على إخواننا الباقين في الأسر وسط الجوع والتعب”.
وأضاف محمد “ما تتعرّض له الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية لا يقلّ عمّا يتعرّض له شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة، ونأمل أن يقف الجميع للمساعدة في إطلاق سراحهم”.
وتحدثت مؤسسات حقوقية ومعتقلون سابقون عن تعرّض المعتقلين الفلسطينيين لسوء معاملة داخل السجون الإسرائيلية، منذ الهجوم الذي نفذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
وكانت الحافلة انطلقت من سجن عوفر بعد إعلان إسرائيل تسلمّها ثلاث رهائن إسرائيليين من قطاع غزة في عملية التبادل الرابعة التي تجري في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي بدأ تطبيقه في 19 يناير.
وشملت الدفعة الرابعة من المعتقلين المفرج عنهم من سجون إسرائيلية، 183 شخصا هم مصري واحد وسبعة فلسطينيين سيبعدون عبر مصر إلى الخارج، و150 دخلوا إلى قطاع غزة و25 الضفة الغربية المحتلة.
◄ ملامح التعب بدت على وجوه المعتقلين الذين ارتدوا الزي الرمادي الموحّد، وكان معظمهم حليق الرأس وبلحى طويلة
وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمعتقلين الفلسطينية، بين المعتقلين المفرج عنهم اليوم 18 من المحكومين بالسجن المؤبد، و54 من أصحاب الأحكام العالية.
وبين المفرج عنهم اليوم شادي عموري الذي كان محكوما بتهمة تفجير سيارة في العام 2002 قتل 17 إسرائيليا.
أما رياض مرشود الذي أمضى 22 عاما في السجن، فعانق ولديه اللذين كانا صبيين صغيرين لدى اعتقاله. ثم قال بعد جلوسه على كرسي، “شعور لا يوصف، لا أستطيع أن أعبّر عنه بكلمات، من الصعب أن أصفه بكلمات”.
ثم أضاف “نترحمّ على جميع شهدائنا في فلسطين، ونقول للعالم أجمع أن هناك شعبا على هذه الأرض يستحق الحياة ويستحق الحرية”.
وبينما كان الحشد والصراخ حوله يتزايد، وصل والده وعانقه باكيا. وكان مرشود اعتقل بتهمة الانتماء إلى منظمة غير قانونية وإطلاق النار والتآمر لارتكاب جريمة قتل، وفق بيانات وزارة العدل الإسرائيلية.
وباكتمال الدفعة الرابعة، تكون إسرائيل أفرجت عن 583 معتقلا من سجونها مقابل إفراج حركة حماس عن 18 رهينة كانت تحتجزهم في قطاع غزة، بينهم خمسة عمال تايلانديين.
وبحسب اتفاق الهدنة، ستطلق حركة حماس في المرحلة الأولى الممتدة على ستة أسابيع، 33 محتجزا لديها (غير التايلانديين) مقابل أن تفرج إسرائيل عن قرابة 1900 معتقل، من بينهم قرابة ألف أوقفتهم عقب السابع من أكتوبر 2023.
ويرتقب أن يعود الطرفان وبوساطة مصرية وقطرية وأميركية اعتبارا من الأسبوع المقبل لبحث المرحلة الثانية من دفعات التبادل وصولا إلى اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
وأفرجت إسرائيل، السبت كذلك، عن 143 أسيرًا فلسطينيًا من قطاع غزة، بينهم 111 اعتقلوا خلال حرب غزة، ووصلوا إلى مستشفى غزة الأوروبي شرق مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
ووصلت حافلات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مستشفى غزة الأوروبي شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لتقل الذين تم إطلاق سراحهم.
واستقبلت جماهير غفيرة في باحات المستشفى الأوروبي، الأسرى المحررين بالتكبير والتهليل، وسط زغاريد الأمهات والزوجات، فرحًا بالإفراج عن أبنائهم من السجون الإسرائيلية.
ورفع المحررون من سجون إسرائيل، الأعلام الفلسطينية ورايات فصائل المقاومة وشارات النصر.
وتضمنت قائمة الأسرى المحررين إلى قطاع غزة، 32 أسيرًا من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات.