دمشق تضغط على نشطاء السويداء بالحجز على ممتلكاتهم

دمشق - اتخذت السلطات السورية، في الآونة الأخيرة، سلسلة من الإجراءات العقابية بحق النشطاء في الحراك الاحتجاجي الذي تشهده محافظة السويداء، منذ أكثر من عام، وآخرها الحجز على ممتلكات النشطاء. وتشهد السويداء، ذات الغالبية الدرزية، احتجاجات صاخبة منذ أغسطس من العام 2023، تطالب بتغيير نظام الرئيس بشار الأسد، وتطبيق القرار الأممي رقم 2254.
وعلى خلاف احتجاجات 2011 التي قوبلت بقمع نتج عنه حربا أهلية لم تطوى بعد، اعتمدت الحكومة السورية سياسة النفس الطويل في التعاطي مع متظاهري السويداء، على أمل استنزافهم مع الوقت وهو ما لم يحدث، حيث طور الحراك من نفسه عبر استخدام آليات وأساليب جديدة ، وبات أكثر تنظيما، الأمر الذي دفع على ما يبدو السلطات السورية لتصعيد خطواتها. وكشفت مصادر محلية في السويداء، الخميس، أن وزارة المالية السورية حجزت على أملاك عدد من النشطاء، في سياق الضغوط المستمرة لإنهاء الحراك.
ونشرت شبكة "السويداء 24" المحلية وثائق تشير إلى أن وزارة المالية أصدرت قراراً يقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لخمسة عشر ناشطاً من بلدة القريّا. وبحسب الوثائق، جاء القرار بناءً على توجيهات إدارة المخابرات العامة، الفرع 285، حيث تم اتهام النشطاء بـ”التورط في الأحداث الأخيرة التي يشهدها القطر”.
وأكد أحد المطلوبين للشبكة التي تغطي أخبار المنطقة، أن القرار تم تسريبه دون أن يتم إبلاغهم بشكل رسمي أو قانوني من أي جهة مختصة، مما أثار استياءً واسعاً بين المتضررين. ولطالما وجهت اتهامات للحكومة السورية باستخدام الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة، كأداة عقاب جماعية ضد المناوئين لها أو المعترضين على سياساتها.
وكشفت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن الحكومة السورية أصدرت قرارات جماعية بالحجز الاحتياطي على ما لا يقل عن 817 مدنياً، في بلدة زاكية بريف دمشق، منذ مطلع 2024، مشيرة إلى أن هذه القرارات “لا تستند إلى أية معايير قضائية، وإنما جاءت عبر قرارات أمنية”.
◙ وزارة المالية أصدرت قرارا يقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لخمسة عشر ناشطاً من بلدة القريّا
وقالت الشبكة إن “سياسة الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة من قبل النظام السوري تعد أحد أبرز الأساليب الفعالة التي يستخدمها كأداة لتحقيق موارد مالية إضافية لخزينته، من خلال الاستيلاء على الأموال المشمولة بالحجز والتصرف بها فيما بعد، وكعقوبة ضد معظم من عارضه وعائلاتهم، عبر تطبيق مزيد من التضييق والقيود القانونية والاجتماعية والاقتصادية ضدهم”.
وتظهر الوثائق الخاصة بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة أن المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، والمشردين قسرياً داخل وخارج سوريا، من أوسع وأبرز المتأثرين بالقرارات التي تتحول في معظمها لقرارات حجز تنفيذي ومصادرة فيما بعد.
وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه منذ نهاية عام 2023 رصدت الشبكة “توجيه وتركيز هذه السياسة ضد مناطق محددة، كانت خارجة عن سيطرة النظام السوري وخضعت لاتفاقيات تسوية، لتكون أكثر تمييزية وشمولية ومبنية على أساس أمني وانتقامي، ومفتقرة لمبادئ العدالة والشفافية في جميع الإجراءات المتعلقة بها ومتجاوزة للقوانين الدولية والتشريعات المحلية”.
وأشارت إلى أن هذه القرارات “لم تصدر عن أية جهة قضائية، وإنما من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها النظام السوري للعديد من الجهات الرسمية التنفيذية لديه في إصدار قرارات الحجز الاحتياطي أو الإداري على الأموال والممتلكات ومصادرتها، وبشكل رئيس وزارة المالية، بذريعة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد توسعت هذه الصلاحيات لتشمل الحجز على أموال زوجات المطلوب الحجز عليهم، وذلك بخلاف الحجز القضائي الذي يشمل فقط الذمة المالية للمحجوز عليه دون غيره”.
ويخشى نشطاء في السويداء من أن توسع وزارة المالية في قائمة المشمولين بالحجز على الممتلكات حيث بدا من الواضح أن هناك أمرا صادرا بتصعيد الضغوط على المشاركين في الحراك. ويقول النشطاء إن النظام قلق من أن يخرج الحراك عن السيطرة وأن تدخل أطراف أخرى على خطه وهو ما يقوده نحو المزيد من التشدد.
وتم في الآونة الأخيرة تفعيل الإجراءات القضائية بحق نشطاء السويداء، حيث تم تداول معلومات عن إصدار مذكرات بحث وتوقيف بحق عدد كبير منهم من قبل النيابة العامة. ويرى مراقبون أن الإجراءات التصعيدية ليست حلا لاحتواء الحراك بل قد تشكل وقودا إضافيا لتأجيجه وخروجه عن السيطرة، وأن على النظام معالجة جذور الأزمة في المحافظة، والتي تحمل بالأساس أبعادا اقتصادية وتنموية.