دمشق تشرك التجار في صياغة منظومة إدارية واقتصادية جديدة

دمشق - تعمل الحكومة السورية على صياغة منظومة إدارية واقتصادية جديدة، بإشراك رجال الأعمال في صياغة قوانين تشجع الاستثمار والمشاريع ومكافحة الفساد الذي ينخر المؤسسات الرسمية، غير أن المؤشرات الراهنة تشير إلى صعوبة المهمة بغياب نموذج اقتصادي واضح وعدم الاستقرار السياسي.
وأفاد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لؤي المنجد بوجود أربعة قوانين يتم العمل عليها ضمن فريق عمل مشترك، أولها القانون 8 الخاص بحماية المستهلك، إضافة إلى قانون الشركات والذي توجد مسودة أولية عنه، وقانون الغرف وقانون حماية الملكية والأهم هو منظومة التسعير التي تدخل بعدة قوانين خاصة بالوزارة.
ووصفت وسائل إعلام محلية اجتماع المنجد مع غرف التجارة بأنها جلسة مكاشفة ومصارحة بعيدة عن التوتر، والمجادلة على عكس التوقعات بأن يكون حافلاً بالانتقادات والسلبيات.
وبعد 5 سنوات من بداية الصراع، ظهرت وجهات نظر مختلفة لمسؤولين وأساتذة اقتصاد حول الطريقة التي يمكن عبرها إنقاذ ما تبقى من الاقتصاد، بعد أن اعترف رئيس الحكومة السابق عماد خميس، في كلمة له أمام مجلس الشعب أواخر عام 2016، بأن البلاد تحولت إلى مزرعة لبعض تجار الأزمة. وربط عجز حكومته عن تلبية مطالب شعبها بأربعة أسباب: الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد، والحرب، وتجار الأزمة، والفساد.
ومع فشل الخطط السابقة بالنهوض بالاقتصاد، استعان المنجد بالتجار لصياغة مقترحاتهم، في مسودة لتقديمها للحكومة بالشراكة مع المحافظة ومديري التجارة الداخلية في المحافظات لأن لكل محافظة خصوصيتها، موضحا “لأننا لا نريد قانوناً تقليدياً مؤطراً”.
وأضاف “لدينا الفرصة لننسف كل شيء لا يتفق مع المصلحة العامة، كما أنه لن يصدر أي شيء قبل موافقة واطلاع الجميع من الحكومة وأعضاء مجلس الشعب وغيرهم من المعنيين، والأهم أن تكون الأمور متوازنة بين القطاع الخاص والدولة وجمعية حماية المستهلك والأهم هو المواطن”.
وأعرب أن الوزارة ليست مع إلغاء عقوبة الحبس لأن الفساد والغش بالتأكيد ستكون عقوبتهما الحبس، مع التشديد على موضوع الإنذارات وحالات الابتزاز من الموظف ضمن التعديل، طالباً من التجار أن يساعدوا أنفسهم ليكون قانون حماية المستهلك موضوعياً ويتناسب مع كل الأوقات والظروف التي تتغير باستمرار.
وأكد أنه يتم العمل على صياغة منظومة إدارية واقتصادية جديدة تعيد لسورية أهميتها الإقليمية والدولية.
التجارب التاريخية في أغلب بلدان العالم الثالث أثبتت أن التنمية المستقلة هي الطريق السليم للوصول إلى نخبة حقيقية
وأفاد المنجد أن الوزارة تعد أحد أهم أركان بناء هذه المنظومة التي ستكون بالشراكة مع رجال الأعمال، لافتاً إلى أن التوجهات الحكومية تؤكد أن القطاع الخاص هو شريك فاعل، وهذه الشراكة يجب أن تكون قائمة على الشفافية والمصارحة والتطلع إلى الأمام، مضيفاً: لدينا فرصة ذهبية ليس للعودة إلى العام 2011، بل إلى الأفضل لأننا سوف نقوم ببناء منظومات اقتصادية تجارية حديثة تواكب التطورات العالمية.
ولطالما كان التوجه الرسمي للقائمين على الاقتصاد السوري مثار جدل وانتقادات، إذ قالت لمياء عاصي وهي وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة ناجي عطري على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي “من غير المنطقي أن يقود اقتصاد البلد مجموعة من الآراء المتضاربة، التي تستند إلى مرجعيات مختلفة، واحد ليبرالي وآخر اشتراكي وثالث لا هوية له غير أهوائه الشخصية ومصالحه”.
وكان الرئيس بشار الأسد قد طرح في مناسبتين متتاليتين (اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم، ولقائه أساتذة الاقتصاد البعثيين في الجامعات السورية)، مصطلح الاقتصاد الاشتراكي بوصفه طريقا مقترحا يمكن العمل به.
وبهذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي منير الحمش أن التجارب التاريخية في أغلب بلدان العالم الثالث أثبتت أن التنمية المستقلة هي الطريق السليم للوصول إلى نخبة حقيقية، وأشار إلى أن التوجه نحو اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية قبل أحداث 2011 أدى إلى إحداث تحولات في الهياكل الإنتاجية، نجمت عنها اختلالات هيكلية، تعمقت منذ بداية الحرب وحتى الآن، نتيجة الاضطراب والفوضى اللذين حصلا في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
ودعا، في حلقة نقاشية أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية مؤخرا، إلى اعتماد نموذج تنموي يتجاوز النماذج المجربة (النموذج الاشتراكي والليبرالي والتعويضي) أسماه “الطريق الرابع للتنمية والإعمار” يقوم على سياسة المزاوجة بين آليات السوق وآليات التخطيط، بهدف رفع المستوى المادي والثقافي للمواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية.