دمشق تستبشر بتصريحات ترامب لإنهاء حصار العقوبات

ترامب يلمح إلى تخفيف العقوبات عن سوريا، خلال مشاورات مع أردوغان، مشيرا إلى أنه يرغب في منح حكومة أحمد الشرع بداية جديدة.
الثلاثاء 2025/05/13
دور واضح لأردوغان في دعم حكومة الشرع

دمشق - رحبت وزارة الخارجية والمغتربين السورية الإثنين، بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إمكانية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرة إياها خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري منذ سنوات، وذلك في خطوة تعكس ترقبا حذرا وتطلعات متزايدة.

وقالت الوزارة في بيان نشرته القناة الإخبارية السورية إن "العقوبات كانت قد فرضت سابقا على النظام البائد، وأسهمت في إسقاطه، إلا أن استمرارها اليوم بات يطول المواطنين السوريين بشكل مباشر، ما يعوق جهود التعافي الوطني وإعادة إعمار ما دمرته الحرب".

وأكدت الوزارة في بيانها أن "الشعب السوري يتطلع إلى رفع كامل للعقوبات، باعتبار ذلك ضرورة إنسانية وسياسية تسهم في تعزيز السلام والازدهار في سوريا والمنطقة عموما، وتفتح الباب أمام شراكات دولية بناءة". وفقا لقناة الإخبارية السورية.

ويأتي هذا الترحيب في وقت تقود فيه السيناتور الأميركية إليزابيث وارن، بالتعاون مع النائب الجمهوري جو ويلسون، جهدا مشتركا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يهدف إلى دفع الإدارة الأميركية نحو مراجعة العقوبات المفروضة على سوريا.

ووصفت وارن، عبر منصة "إكس"، تأثير العقوبات الحالية على الشعب السوري، وخاصة على نظام الرعاية الصحية المتدهور، بأنه "مدمر"، مؤكدة أن "استقرار سوريا والمنطقة يجب أن يكون من أولويات السياسة الأميركية".

وكان الرئيس ترامب قد صرح، الاثنين قبيل مغادرته في رحلة إلى الشرق الأوسط، بأنه يتشاور مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان وقادة آخرين بشأن إمكانية رفع العقوبات عن سوريا.

 وقال ترامب "يجب علينا اتخاذ قرار بشأن العقوبات، والتي قد نخففها بشكل جيد. قد نرفع العقوبات عن سوريا لأننا نريد أن نمنحهم بداية جديدة". وأشار إلى أن أردوغان طلب منه بحث المسألة، مؤكدا "لذلك نريد أن نرى ما إذا كان بإمكاننا مساعدتهم".

تمثل تصريحات ترامب حول رفع العقوبات حدثًا بالغ الأهمية، نظرا للتداعيات الإنسانية والاقتصادية الوخيمة التي خلفتها العقوبات المفروضة على سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عهد الرئيس السابق بشار الأسد.

فقد أدى النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية إلى تدهور النظام الصحي، فيما ساهمت القيود الاقتصادية في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وشح المواد الغذائية الأساسية، مما جعل حياة السوريين صراعا مريرا لتأمين أبسط مقومات البقاء. والأكثر إيلامًا، أن العقوبات أعاقت وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب، لتزيد من معاناة المدنيين الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم والإغاثة.

وعلى الصعيد السياسي، تواجه الحكومة الانتقالية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تحديات جمة في سعيها لفرض الاستقرار وتوحيد البلاد، فالصراعات بين الفصائل المختلفة لا تزال مستمرة، وتتجلى في اشتباكات دامية بين الأقليات، بالإضافة إلى هجمات فلول النظام السابق، وفي خضم هذه الفوضى، تبذل القيادة السورية الجديدة جهودا دبلوماسية مضنية لكسب اعتراف دولي وإعادة بناء علاقات متينة مع المجتمع الدولي.

وفي هذا السياق المعقد، يبرز الدور التركي كلاعب أساسي ومؤثر في الملف السوري، فبعد سقوط الأسد، بدأت مرحلة جديدة من العلاقات بين سوريا وتركيا، وقدمت أنقرة لحكومة دمشق دعما سياسيا واقتصاديا.

ويبدو أن مطالبة أردوغان لترامب برفع العقوبات تنبع من دوافع متعددة، تشمل المصالح الاقتصادية التركية في سوريا، ورغبة أنقرة في تعزيز نفوذ الحكومة المدعومة منها، وتقليل حالة عدم الاستقرار على حدودها الجنوبية.

أما الموقف الأميركي المتردد، فيحمل في طياته تاريخا من العقوبات المفروضة ردا على ممارسات نظام الأسد، إلا أن تصريحات ترامب الأخيرة تشير إلى تحول محتمل في هذه السياسة، مدفوعا ربما برغبة في تقديم "بداية جديدة" للشعب السوري، أو استجابة لضغوط حلفائه الإقليميين.

 ومع ذلك، لا يبدو أن هناك إجماعا داخل الإدارة الأميركية حول هذه الخطوة، وهو ما يتضح من جهود السيناتور وارن والنائب ويلسون لمراجعة شاملة للعقوبات.

وعلى الصعيد الدولي، تتفاوت ردود الفعل على احتمال رفع العقوبات. ففي حين قد ترحب بعض الدول، مثل روسيا والصين، بهذه الخطوة، قد تبدي دول أخرى تحفظًا خشية أن يُفسر ذلك على أنه تطبيع للعلاقات مع الحكومة الجديدة قبل تحقيق تقدم ملموس في ملفات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. وسيكون لموقف المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، أهمية بالغة في توجيه مسار أي قرار برفع العقوبات وتحديد آليات التعاون المستقبلي مع سوريا.