دمشق تريد التخلص من عبء الفصائل الفلسطينية القريبة من إيران

اعتقال قياديين في الجهاد الإسلامي يشي بتوجه السلطة السورية إلى التخلص من العبء الذي تمثله الفصائل الفلسطينية القريبة من طهران، لما تشكله لها من عقبة أمام جهود الانفتاح على الولايات المتحدة.
دمشق - يحمل اعتقال السلطات السورية قياديين عسكريين بارزين في حركة الجهاد الإسلامي تحولا لافتا في سياسة دمشق تجاه الملف الفلسطيني، ولاسيما الفصائل المعروفة بقربها من إيران. وجاء الاعتقال بالتوازي مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى دمشق الجمعة، وأيضا في أعقاب تسريبات تحدثت عن مطالب أميركية للسلطة السورية بإبعاد الفصائل الفلسطينية القريبة من طهران.
وناشدت حركة الجهاد الإسلامي في سوريا السلطات السورية الإفراج عن قيادييها الاثنين. وقالت الحركة في بيان صحفي الثلاثاء “إلى أهلنا وأبناء جلدتنا وأشقائنا في سوريا الحبيبة… مر اليوم الخامس ويقبع لديكم اثنان من خيرة كوادرنا الأخ القائد المهندس مسؤول الساحة السورية خالد خالد والأخ القائد المهندس مسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري.”
وطالبت الحركة السلطات السورية بتوضيح أسباب الاعتقال الذي تم ” بطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة لطالما كانت أرضهم حاضنة للمخلصين والأحرار الذين لم يتركوا عبر التاريخ محتلا أو طاغية إلا وأهلكوه بغيرتهم على دينهم وعرضهم.”
وقالت “إننا في سرايا القدس نأمل من إخواننا في الحكومة السورية الإفراج عن إخواننا لديهم وكلنا أمل بأنكم أهلا للنخوة العربية التي يكرم بها الضيف وينصر بها أهل الحق، وكلنا ثقة بأن إخواننا لديكم هم ممن كان لهم أثر كبير في العمل لقضية فلسطين العادلة وإغاثة أهلهم بالعمل الإنساني خلال السنوات العجاف التي مرت بها سوريا.”
◙ تخوف لدى تل أبيب من إمكانية عودة إيران إلى الساحة السورية من بوابة الفصائل الفلسطينية الناشطة هناك
وأضافت “إننا في هذا الوقت الذي نقاتل به العدو الصهيوني منذ أكثر من عام ونصف بشكل متواصل في قطاع غزة دون استسلام نأمل مد يد العون والتقدير من إخواننا العرب وليس العكس، ونحن في سرايا القدس نؤكد على أن بندقيتنا لم تتوجه منذ انطلاقتها إلا لصدور العدو، ولم تنحرف يوما عن الهدف الأساسي والذي هو التراب الفلسطيني الكامل، وعندما قدمت سرايا القدس شهداء من الساحة السورية فقد قدمتهم على حدود فلسطين المحتلة.”
وهذه أول مرة يتم فيها اعتقال قياديين فلسطينيين في سوريا حيث يتواجد على الساحة السورية أكثر من 13 فصيلا فلسطينيا البعض منها غادر دمشق وأبرزه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، وتملك بعض الفصائل الفلسطينية تنظيمات عسكرية إضافة إلى جيش التحرير الفلسطيني ولها قواعد عسكرية في العاصمة دمشق وريفها.
ويقول محللون إن اعتقال القياديين في الجهاد الإسلامي يشي بتوجه السلطة السورية إلى التخلص من العبء الذي تمثله الفصائل الفلسطينية القريبة من طهران، لما تمثله لها من عقبة أمام جهود الانفتاح على الولايات المتحدة. ويشير المحللون إلى أن السلطة السورية تريد حصر العلاقة مع الفلسطينيين في سلطة الرئيس محمود عباس، لافتين إلى أن زيارة الأخير إلى دمشق الأسبوع الماضي تندرج في هذا السياق.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، والذي رافق عباس في زيارته إلى دمشق، إنهم تلقوا تطمينات بأن سوريا في العهد الجديد “لن تكون مكاناً لأية قوى معارضة فلسطينية أو غير فلسطينية، وكل القوى التي كانت في السابق تحت مظلة النظام المخلوع المدعوم من إيران لم يعُد لها وجود فعلي ورسمي في سوريا الجديدة.”
وأضاف مجدلاني في تصريحات صحفية سابقة أن النهج الجديد للقيادة السياسية الجديدة في سوريا يشكل “مصدر ارتياح رسمي فلسطيني لأنه يقطع مع أكثر من 50 عاما من رغبة دمشق في الهيمنة على القرار الوطني الفلسطيني.”
◙ السلطة السورية تريد حصر العلاقة مع الفلسطينيين في سلطة الرئيس عباس وزيارة الأخير إلى دمشق تندرج في هذا السياق
ويقول محللون إن حصر العلاقة مع السلطة الفلسطينية هو محاولة من قبل السلطة السورية الحالية لإنهاء صداع مزمن، أثّر مدة عقود طويلة على العلاقة بين واشنطن ودمشق. ويوضح هؤلاء أن سلطة الرئيس أحمد الشرع تريد إيصال رسائل إلى الولايات المتحدة تفيد بأنه لن يكون هناك أي تهديد موجه لإسرائيل من سوريا.
وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في وقت سابق من الشهر الجاري أن إدارة دونالد ترامب قدمت جملة من الشروط للإدارة السورية الجديدة من أجل رفع جزئي للعقوبات عليها ومن ضمنها التخلص من الفصائل الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أن واشنطن طالبت الحكومة السورية بمنع الفصائل الفلسطينية المسلحة من العمل في البلاد، بما في ذلك جمع الأموال هناك، وطرد أعضاء تلك الجماعات من البلاد، وهذه خطوة وصفتها الصحيفة بأنها “قد تفجر مواجهة محتملة” مع الجماعات الفلسطينية، التي استقرت في سوريا منذ عقود.
وكانت تقارير إسرائيلية كشفت عن مخاوف لدى تل أبيب من إمكانية عودة إيران إلى الساحة السورية من بوابة الفصائل الفلسطينية الناشطة هناك، بعد أن انسحبت هي وفصائل عراقية ولبنانية من هناك في أعقاب انهيار حكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وحركة الجهاد الإسلامي من الفصائل الفلسطينية التي لم تغادر سوريا بعد سقوط النظام السابق باعتبارها لم تكن تقف إلى جانب النظام وتقاتل معه مثل بعض الفصائل التي غادرت سوريا، وإن كانت أبدت مواقف سياسية داعمة له.
وتعرضت مقرات عديدة تابعة لحركة الجهاد الإسلامي في العاصمة دمشق لقصف إسرائيلي عدة مرات وكان آخرها في 13 مارس الماضي حين تعرض منزل أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة لقصف صاروخي إسرائيلي في حي دمر شمال العاصمة دمشق.