دمشق تثقل كاهل المواطنين بزيادة جديدة في أسعار الوقود

دمشق- وصل قطار حكومة النظام السوري إلى محطة فاصلة في مواجهة شحّ السيولة النقدية بإقرار زيادة جديدة في أسعار الوقود بنحو 16 في المئة، يتوقع أن تضاعف من أعباء المواطنين المختنقين بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة.
واستفاق السوريون الأربعاء على وقع زيادة جديدة في سعر البنزين باستثناء المازوت (الديزل) وغاز الطهي، وهو ما خلف صدمة لديهم وخاصة الطبقة الفقيرة وأصحاب سيارات الأجرة والنقل، والتي تعاني أصلا من ضعف في قدرتها الشرائية بسبب الضغوط الاقتصادية التي تعيشها الدولة جراء تداعيات الحرب.
وقررت السلطات في دمشق رفع أسعار بيع الوقود، في إجراء هو الثاني خلال العام الحالي، بعد سلسلة مماثلة من الإجراءات في العام الماضي، ما يكشف عن حجم الصعوبات التي تواجهها الحكومة لإدارة شؤون المناطق الخاضعة لسيطرتها.

عبدالله خطاب: القرار شمل فقط البنزين ليصبح سعر اللتر 3 آلاف ليرة
وذكرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية مساء الثلاثاء الماضي، أنها “قررت تحديد سعر لتر البنزين أوكتان 95 بثلاثة آلاف ليرة (أي أقل من دولار بقليل)” بعدما كان عند 2500 ليرة.
وقال عبدالله خطاب وكيل وزير النفط والثروة المعدنية إن “القرار شمل فقط مادة البنزين أوكتان 95 ليصبح السعر الجديد للمادة التي يتم استجرارها دون البطاقة الإلكترونية 3 آلاف ليرة سورية بدلا من 2500 وهو سعر تكلفة تأمين هذه المادة”.
وتشهد سوريا منذ أشهر أزمة وقود خانقة لم تشهدها البلاد خلال سنوات الحرب العشر التي مرت، وتعزو الحكومة هذه الأزمة إلى النقص الحاصل في المادة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الولايات المتحدة.
ويقول خبراء إن إثقال الحكومة كاهل المواطنين بأعباء إضافية يدل على مدى فشلها في معالجة هذه المشكلة، على الرغم من استنجاد النظام السوري بإيران من أجل توريد كميات من الوقود لتغطية النقص الحاصل في السوق المحلية.
وظل مشهد السيارات المتوقفة في دمشق وفي معظم المحافظات السورية أمام محطات الوقود ملفتا للانتباه، وكان الغالبية ينتظرون ساعات طويلة حتى يحصلوا على 20 لترا من مادة البنزين للسيارات الخاصة كل أسبوع و4 أيام للسيارات العامة.
وقامت وزارة النفط في مارس من العام الماضي بتخفيض كمية البنزين المخصصة للسيارات العامة والخاصة من 40 لترا إلى 30 لترا مع تقليص المدة الزمنية من أسبوع إلى 4 أيام.
وأدى القرار إلى نقص كبير من المادة في المحطات وهو ما انجرّ عنه انتعاش السوق السوداء نظرا للإقبال الكبير على التزود بالبنزين، الذي بات يعوّض النقص في السوق الرسمية.
وانعكس ذلك الوضع سلبا على حياة المواطنين وتنقلهم إلى أماكن عملهم، في ظل ارتفاع أجور النقل بشكل كبير بسبب انتعاش السوق السوداء التي تبيع البنزين بأسعار عالية وصل سعر اللتر إلى 5 آلاف ليرة (دولاران تقريبا).
ويعتبر الوضع المالي والإنساني في سوريا كارثيا بعد عقد من الصراع المستمر، والذي تفاقم بسبب أزمة اقتصادية حادة، بما في ذلك انهيار العملة المحلية، حيث يبلغ سعر صرف الدولار نحو 3250 ليرة في السوق السوداء ومناطق الأكراد.
وفي حين أن هذه الأسعار هي المتداولة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يصرّ مصرف سوريا المركزي على أن سعر الصرف محدّد منذ منتصف أبريل الماضي بنحو 2512 ليرة لكل دولار.
ويشكو برنامج الأغذية العالمي منذ شهور من أن أكثر من 12 مليون سوري، أي نحو 60 في المئة من السكان، ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وعندما يكون هناك طعام، فإنه غالبا ما يكون باهظ التكلفة بالنسبة للكثيرين.
وخلال الفترة الماضية، فرضت دمشق سلسلة من الإجراءات بهدف الحدّ من التدهور المتسارع للعملة المحلية، بينها وقف استيراد الكماليات من السلع والبضائع مع ملاحقة الصرافين في السوق السوداء.