دمج الأرياف رهان مغربي طموح لتحفيز السياحة

مساع حكومية حثيثة لتجاوز العديد من التحديات للحفاظ على ريادة البلد في القطاع على المستوى الأفريقي.
الاثنين 2025/02/03
توثيق لحظة مميزة في أحضان القرية

يحشد المغرب جهوده من أجل دمج الأرياف في التنمية، أملا في تحفيز نمو صناعة السياحة خلال السنوات المقبلة، وفي الوقت ذاته دخول المنافسة بشكل أكبر في مجال يشهد اهتماما من كبار المستثمرين، في ظل منافسة إقليمية وقارية قوية على جذب الزوار.

الرباط – كشفت وزارة السياحة المغربية في يناير الماضي عن برنامج لدعم 16 قرية بهدف تعزيز التنمية السياحية والاقتصاد المحلي عقب تصدر البلاد للوجهات السياحية في أفريقيا خلال العام 2024.

ويمتد البرنامج الطموح إلى غاية عام 2026، بميزانية إجمالية تبلغ 188 مليون درهم (18.8 مليون دولار) بهدف تعزيز السياحة القروية، وتوفير فرص عمل وترسيخ دور السياحة كرافعة أساسية للتنمية، وفق الوزارة.

ومن المتوقع أن تستفيد كل قرية في المشروع من دعم خاص لتحسين البنية التحتية من حيث الإيواء والمرافق الثقافية والترفيهية، حيث ستشرف الشركة المغربية للهندسة السياحية (حكومية) على تنفيذ المشاريع لضمان توافقها مع أهداف ومبادئ السياحة المستدامة.

وخلال العام الماضي، نجح المغرب في استقطاب 17.4 مليون سائح، بزيادة بلغت 20 في المئة مقارنة بعام 2023. وهو اليوم يعمل على تعظيم نشاط هذه الصناعة.

وتسعى الحكومة إلى جذب 17.5 مليون زائر بحلول 2026، خاصة وأن البلد مقبل على تنظيم تظاهرات رياضية ومؤتمرات دولية كبيرة، أبرزها كأس أمم أفريقيا لكرة القدم عام 2025، وكأس العالم لكرة القدم 2030 بمشاركة إسبانيا والبرتغال.

الزبير بوحوت: المشروع يهدف إلى إثراء تجربة الزوار وخاصة في القرى
الزبير بوحوت: المشروع يهدف إلى إثراء تجربة الزوار وخاصة في القرى

واعتبر الباحث المغربي في القطاع السياحي الزبير بوحوت سياحة الأرياف بأنها مكون من المكونات السياحية مثل السياحة الشاطئية والثقافية.

ونسبت وكالة الأناضول إلى بوحوت قوله الأحد إن “المشروع موجه للمغاربة والأجانب، بهدف إثراء التجربة الذي يعيشها السائح” وخاصة في القرية.

ولفت إلى أهمية برنامج سياحة الأرياف “لتحفيز السياحة من جهة، ودعم السكان المحليين ودفعهم إلى الانخراط في الاستثمار السياحي وعدم هجرتهم إلى الخارج من جهة ثانية.”

وأوضح أن هذا البرنامج “سيساهم في تحقيق العدالة من خلال إيجاد توازن في الاستثمارات ما بين المناطق المختلفة، وتوفير مصدر دخل للكثير من سكان الأرياف.”

وتشكل السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي في المغرب خلال عام 2024، حيث بلغت عوائدها 11 مليار دولار، بينما وصلت تحويلات المغتربين إلى 11.7 مليار دولار، وفق بيانات حكومية.

ويشير الخبير المغربي إلى بعض التحديات اللازم تجاوزها لنجاح المشروع في القرى، ومنها “تقوية البنية التحتية والمرافق الخدمية وعلى رأسها المستشفيات.”

وأكد على ضرورة تسهيل مأمورية المستثمرين في الأرياف مع توفير رخص للبناء، خاصة مع تحويل بعض المستثمرين بيوتهم في القرى إلى مرفق سياحي، ولكن مع صعوبة الحصول على تراخيص. ودعا إلى الإسراع في تنفيذ المشروع على أرض الواقع. ويسعى المغرب إلى تجاوز العديد من التحديات للحفاظ على ريادته السياحية على المستوى الأفريقي.

وأشارت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور في يناير الماضي أثناء كلمة أمام أعضاء البرلمان إلى وصول عائدات السياحة خلال العام الماضي إلى أكثر 110 مليارات درهم (11 مليار دولار)، لأول مرة في تاريخ البلاد.

وكانت الإيرادات السياحية في العام السابق قد بلغت 10.5 مليار دولار، مظهرة تعافيا قويا عقب عامين من الخمول بسبب قيود الإغلاق جراء كورونا. وأشارت عمور إلى أن القطاع السياحي وفر 827 ألف فرصة عمل خلال العام الماضي، بزيادة بلغت 25 ألف فرصة عمل جديدة مقارنة بالعام 2023.

ويستهدف برنامج وزارة السياحة 16 قرية، موزعة على 4 مجموعات جغرافية، ما يعكس تنوع المقدرات الطبيعية في البلاد. ويشمل المشروع إنشاء مسارات لاكتشاف المطبخ المغربي المحلي بتلك القرى، وإطلاق مهرجانات ثقافية، إضافة إلى تطوير منصات رقمية لبيع المنتوجات التقليدية المحلية.

وتضم المجموعة الأولى دار الحمراء نواحي مدينة فاس شمال البلاد، وهي قرية تتميز بالجمال، ومعروفة بمنازلها التقليدية ومناظرها الزراعية الخلابة، وصناعتها التقليدية المحلية وتقاليدها العريقة.

وإضافة إلى ذلك، هناك قرية عين اللوح نواحي مدينة خنيفرة شمال البلاد والتي تقع في قلب غابة من أشجار الأرز، وتُعد نقطة انطلاق مثالية لمحبي التنزه في الطبيعة وممارسة الأنشطة الخارجية.

18.8

مليون دولار قيمة البرنامج الذي يستهدف دعم 16 قرية موزعة في مختلف مناطق البلاد

كما تضم هذه المجموعة قرية زاوية إفران نواحي مكناس في الشمال أيضا، وهو مكان هادئ تحيط به الجبال، ويشتهر بشلالاته ومساراته المخصصة للمشي، ما يجذب عشاق الطبيعة والهدوء.

وتدخل قرية عين تيزغة بنواحي الدار البيضاء غرب المغرب ضمن القرى المستهدفة وهي معروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة وممارساتها الزراعية التقليدية. وتضم المجموعة الثانية 4 قرى، وهي قريتا إيمي ودار وإمسوان نواحي أغادير، حيث تتميزان بالشواطئ الجميلة والمياه الصافية كوجهة مثالية لعشاق ركوب الأمواج والاسترخاء.

وكذلك قصر آيت بن حدو، وهو عبارة عن تجمع سكني محاط بسور، ومصنف ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) ويعد جوهرة معمارية مبنية من الطين وموقعا رمزيا للسينما والثقافة المغربية. وهناك أيضا قصر تيزكي بجنوب شرق البلاد، وهو قرية محصنة توفر إطلالة خلابة على الواحات بالمنطقة.

وتضم المجموعة الثالثة، قرية إمليل نواحي مراكش، وهي نقطة انطلاق للرحلات نحو جبل توبقال أعلى قمة جبلية بالمغرب. وتشتهر هذه القرية الجبلية بحفاوة الاستقبال ومناظرها الخلابة، إضافة إلى قرية أوكايمدن نواحي مراكش، محطة التزلج على الثلوج.

كما تضم المجموعة قرية أوزود بناحية مدنية بني ملال شمالا، وهي معروفة بشلالاتها الفريدة حيث تجمع بين الطبيعة واكتشاف الثقافة الأمازيغية، إضافة إلى زاوية أحنصال بنفس المدينة، وهي قرية جبلية تشتهر بمناظرها الطبيعية الخلابة ومساراتها المميزة للتجوال.

أما المجموعة الرابعة، فتضم قرية إيشيرتن بضواحي مدينة طنجة وقرية جاجوكا المعروفة بتقاليدها الموسيقية العريقة، وقرية تافوغالت في ضواحي مدينة بركان الحدودية مع الجزائر، وتقع في جبال بني يزناسن المعروفة بطبيعتها وكهوفها التاريخية. كما تضم المجموعة قرية أولماس بضواحي مدينة الرباط، وهي معروفة بينابيعها المائية.

ويتوقع ارتفاع وتيرة السياحة الداخلية مستقبلا، في ظل تجربة العاملين بالقطاع، والانخراط بتقوية قطاع النقل، وتوجه وزارة السياحة على أن تتوفر كل منطقة على خدمات معينة.

وحظيت السياحة الداخلية في إطار خارطة الطريق الإستراتيجية للقطاع للفترة الممتد بين عامي 2023 و2026، والبالغ حجمها 6.1 مليار درهم (590 مليون دولار) بأهمية خاصة.

10