دليل انتخابي لوسائل الإعلام التونسية لتغطية متوازنة تقطع مع الاستقطاب السياسي الحاد

دليل وسائل الإعلام تضمن التأكيد على ضمان الهيئة نفاذ المترشحين إلى وسائل الإعلام وإزالة العراقيل التي تواجههم.
الأربعاء 2024/08/07
استحقاق منتظر

تونس - تحرص الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على ضمان تغطية متوازنة للانتخابات الرئاسية في ظل جدل متزايد حولها، ومحاولات الاستقطاب السياسي من قبل أطياف المعارضة، فنشرت الاثنين “دليل وسائل الإعلام في الفترة والحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية 2024″، تضمّن جملة من القواعد والمحظورات التي يجب على المنصات الإعلامية والمرشحين الالتزام بها.

وتضمن الدليل ثمانية محاور تتعلق بالمصطلحات والقواعد العامة المتعلقة بوسائل الإعلام وتعاملها مع المرشحين للانتخابات، فضلا عن بث ونشر نتائج سبر الآراء والإعلان عن نتائج الانتخابات، وقواعد التغطية الإعلامية وحضور المرشحين في وسائل الإعلام والمخالفات والعقوبات.

وكانت منصات التواصل الاجتماعي قد أثارت الجدل حول عدد من السياسيين الذين أعلنوا نيتهم الترشح لمنافسة الرئيس قيس سعيد في الانتخابات المقبلة، من بينهم رؤساء أحزاب مسجونون دون أحكام نهائية وآخرون مقيمون بالخارج. وقد أثار عدد ممن أعلنوا ترشحهم تخوفهم من عدم تكافؤ الفرص خصوصا من خلال التغطية الإعلامية، مع تحجيم دور الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وسحب صلاحيات مراقبة التغطيات الإعلامية للانتخابات منها لصالح هيئة الانتخابات.

وقد حذرت هيئة الانتخابات عددا من المؤسسات الإعلامية أثناء تغطيتها للانتخابات التشريعية والإقليمية من تجاوز الحياد والنزاهة، ونتيجة للصدام مع بعض الشخصيات السياسية وتراشق الاتهامات في وسائل الإعلام رفعت دعاوى قضائية ضدهم، وتسبب هذا الوضع في حالة ارتباك بشأن التعاطي الإعلامي للانتخابات، ما دفع الهيئة إلى إصدار العديدة من البيانات تباعا بشأن القواعد التي يجب اتباعها، ثم دليلا تفصيليا للتغطية الانتخابية.

الهيئة تحجر على وسائل الإعلام كل إعلان جزئي عن نتائج الانتخابات قبل غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية، والإعلان عن النتائج الأولية أو النهائية قبل الإعلان عنها رسميا من قبل الهيئة

ونصت هيئة الانتخابات في دليلها على مختلف الواجبات المحمولة على وسائل الاعلام، ومن بينها بالخصوص التزام الحياد والتوازن والموضوعية والنزاهة في التغطية الإعلامية، وعدم المساس بحرمة الحياة الشخصية للمترشحين ومعطياتهم الشخصية، واحترام مقتضيات حماية الأمن العام والدفاع الوطني، وعدم بث أو نشر الدعوات إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز على أساس الدين أو العرق أو الفئة أو العائلة.

كما شددت على ضرورة الالتزام عند اختيار مقتطفات من بيانات وتصريحات للمترشحين، بعدم تحريف معناها العام أو القيام بإعادة تركيبها أو الاقتطاع من محتواها، بما يمسّ من مضمونها الأصلي، وتجنب كل ما من شأنه تضليل الناخبين أو توجيه إرادتهم أو بث الأخبار أو المعلومات الزائفة.

ومن بين القواعد التي نصصت عليها الهيئة، في ما يتعلق بالتعامل مع المترشحين للانتخابات الرئاسية في وسائل الإعلام، تحجير استعمال وسائل الإعلام الأجنبية في نطاق الحملة الانتخابية بالنسبة إلى المترشحين للرئاسية، والتحجير على وسائل الإعلام سواء خلال فترة ما قبل الحملة أو خلالها وفترة الصمت الانتخابي، القيام بعملية إشهار أو دعاية بمقابل مادي أو مجانا، تعتمد أساليب وتقنيات التسويق التجاري موجهة للعموم، وتهدف إلى الترويج لشخص أو لموقف أو لبرنامج أو لحزب سياسي بغرض استمالة الناخبين أو التأثير على سلوكهم واختياراتهم.

ويمنع كذلك على وسائل الإعلام خلال الفترة الانتخابية بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والدراسات والتعليقات الصحافية المتصلة بها، إلا بعد الالتزام بجملة من الضوابط، أهمها أن يكون الإعلان عن سبر الآراء بعد غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية، والإعلان عن اسم الهيكل الذي أعد عملية سبر الآراء والمنهجية المعتمدة، وتفاصيل العينة ونسبة الخطأ والجهة أو الشخص الذي أنجز السبر من أجله.

كما تحجر الهيئة على وسائل الإعلام كل إعلان جزئي عن نتائج الانتخابات قبل غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية، والإعلان عن النتائج الأولية أو النهائية قبل الإعلان عنها رسميا من قبل الهيئة.

وتضمّن الدليل الموجه لوسائل الإعلام التأكيد على ضمان الهيئة نفاذ المترشحين إلى وسائل الإعلام السمعي البصري وإزالة العراقيل التي تواجههم، ومراقبة البرامج الإخبارية أو الحوارية أو حصص التعبير المباشر أو غيرها من المساحات والمضامين الإعلامية.

وتلتزم وسائل الإعلام وفق هذا الدليل، خلال فترة الحملة الانتخابية، بتوفير تغطية إعلامية تحترم قاعدة المساواة، وبتسليم الهيئة مخططا تفصيليا لتغطية الحملة وضبط البرامج والتقارير والفقرات المعلقة بالحملات الانتخابية، والمدة الزمنية للحصص والبرامج المخصصة لمختلف المترشحين وتوزيعها وتوقيتها، على أساس احترام مبدأ المساواة بين جميع المترشحين.

ويمكن للهيئة تنظيم مناظرات بين المترشحين في وسائل الإعلام العمومية، ويمكن لوسائل الإعلام الخاصة بث هذه المناظرات بعد التنسيق مع الهيئة ومؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين. وتتولى الهيئة رصد الفترة الانتخابية في وسائل الإعلام من خلال وحدة رصد تقوم بإحالة تقارير يومية على مجلس الهيئة.

وفي صورة رصد إخلالات بالقواعد والشروط العامة، تتولى الهيئة إشعار النيابة العمومية بكل شبهة في ارتكاب جرائم لها علاقة بالانتخابات من قبل وسائل الإعلام بمختلف أصنافها، طيلة الفترة الانتخابية.

كما نشرت الهيئة جملة المخالفات والجرائم المنصوص عليها في القانون الانتخابي والعقوبات، ومن بينها مخالفة تحجير استعمال وسائل الإعلام الأجنبية وتحجير الإشهار السياسي خلال الفترة الانتخابية، والدعاية الانتخابية التي تتضمن الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز.

وأشارت الهيئة إلى أنها أصدرت هذا الدليل ليوضح لوسائل الإعلام القواعد والشروط العامة الواجب التقيد بها، استنادا إلى الولاية العامة على الشأن الانتخابي التي منحها لها الدستور والمرسوم عدد 8 لسنة 2023، لتولي إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، بما في ذلك التغطية الإعلامية لهذا الاستحقاق.

وكانت هيئة الانتخابات نشرت في 22 يوليو الماضي قرارها عدد 545 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح وإتمام القرار عدد 8 لسنة 2013 المتعلق بضبط القواعد والشروط التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء.

ولطالما واجهت هيئة الانتخابات انتقادات من قبل نقابة الصحافيين، حيث اتهمتها الأخيرة بالتدخل المباشر في الإعلام، وطالبت بإبعاد مؤسسة التلفزيون الرسمي عن المشاركة في حملات المترشحين للدور الثاني من الانتخابات التشريعية في يناير 2023.

وذكرت النقابة في بيان أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحاول وضع اليد على التلفزيون الرسمي وتوجيه التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية عبر تأمين مناظرات تلفزيونية بين المترشحين، وإخضاع نوعية الأسئلة والمواضيع لإشرافها المباشر.

5