دفعة سعودية جديدة لتقوية صناعة التطوير العقاري

أعطت السعودية صناعة التطوير العقاري دفعة قوية في سياق إستراتيجيتها الموسعة لتنمية هذا القطاع المهم للاقتصاد من خلال إطلاقها كيانات جديدة سيُعهد لها تطوير مشاريع الإسكان والتجارة والسياحة بما ينسجم مع خطط الإصلاح الطموحة.
الرياض – ضخت السعودية دماء جديدة في سياق إستراتيجيتها الموسعة لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط بتأسيس كيانات جديدة لدعم قطاع التطوير العقاري في السوق المحلية بما يخدم أجندة التحول على أسس مستدامة.
وأعلنت الحكومة الاثنين مع انطلاق فعاليات النسخة الثانية من منتدى “مستقبل العقار” والذي تحتضنه العاصمة الرياض عن تأسيس 4 صناديق استثمارية لتطوير مشاريع سكنية وتجارية وسياحية.
ويأتي انعقاد المنتدى بالتزامن مع بدء سريان نظام الوساطة العقارية الذي يعد من أبرز الممكنات لتطوير القطاع وحوكمته ورقمنة عملياته وخدمة المستفيدين منه ليكون حيويا وجاذبا ومحفزا للاستثمار لوجود الموثوقية والشفافية في كافة أنشطته.
وأكد وزير الإسكان ماجد الحقيل في افتتاح المنتدى أن القطاع يحظى بدعم لا محدود كونه أحد ركائز الاقتصاد، حيث حرصت الحكومة على تنظيمه وتنميته وتحسين آليات الإشراف عليه ورفع كفاءته وتشجيع الاستثمار فيه وتمكينه من زيادة مساهمته في الناتج المحلي.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى الحقيل قوله إن “التسجيل العيني يمثل أحد الأولويات الرئيسية للإستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري، ويرتبط بشكل مباشر بموثوقيته وجاذبيته الاستثمارية”.
وأكد أن العام الماضي شهد تطورات جذرية وتحولات نوعية، باكورتها وجود جهة مرجعية واحدة في التسجيل العيني للعقارات، وهي الهيئة العامة للعقار، بالإضافة إلى صدور نظام التسجيل العيني للعقار ولائحته التنفيذية.
ولم تذكر السلطات حجم الكيانات الجديدة، لكن من المتوقع أن تتيح أدوات تمويلية جديدة تعزز من نمو صناعة التشييد والبناء لمواجهة الطلب المتزايد بشكل كبير على العقارات.
كما أنها من المفترض أن تساعد صغار المستثمرين على الاستثمار في القطاع والاستفادة من العائد في حال نجاحها.
وتعتبر السعودية والإمارات أهم بلدين في المنطقة العربية في تأسيس هذا النوع من الصناديق، حيث تتصدر تنمية العقارات بالبلدين أولويات المستثمرين.
وفي نوفمبر 2016، تم إدراج الرياض ريت كأول صندوق متداول في البورصة السعودية “تداول” التي تضم حاليا قرابة 17 صندوقا عقاريا “ريت” متداولا.
أما في الإمارات فيعد إمارات ريت أول الصناديق المتداولة، إذ تم إدراج الصندوق في بورصة ناسداك دبي في العام 2014. وفي يناير الماضي تم إدراج صندوق المال كابيتال ريت في سوق دبي المالي.
ولدى سلطنة عمان أيضا تجربة من هذا النوع، فقد تم طرح صندوق عمان العقاري للاكتتاب في بورصة مسقط خلال يناير الماضي.
ويمثل المنتدى الذي شهد إبرام اتفاقيات عقارية بقيمة عشرة مليارات ريال (2.67 مليار دولار) فرصة لاستكشاف آفاق تطويره على النحو المطلوب خلال السنوات الثماني المقبلة.
ويناقش المشاركون بالمنتدى الذي يستمر ثلاثة أيام ملفات بينها الاهتمام والتركيز على محور المواءمة والتكامل بين الجهات الحكومية ومنظومة التطوير العقاري العامة والخاصة واستشراف مستقبل العقارات.
1.1
تريليون دولار قيمة المشاريع العقارية والبنية التحتية منذ 2016 وفق نايت فرانك
وكانت محاور المنتدى في النسخة السابقة ذات طابع محلي، وفي هذا العام تم التخطيط ليكون ذا صبغة محلية وإقليمية وعالمية تركز على الممكنات المحلية والطموحات العالمية.
وتعطي الحكومة بين الفينة والأخرى دفعة لقطاع العقارات عبر حوافز مرحلية هي في صميم خطة الإصلاح التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في وقت يسعى البلد النفطي لتقليص دور إيرادات النفط في تنمية الاقتصاد.
وتشهد السوق نشاطا لافتا لمواكبة رؤية 2030، والهادفة إلى رفع معدّلات تملّك السعوديين للمنازل إلى 70 في المئة بنهاية مدة الخطة مع توفير العقارات التجارية للشركات ضمن خطة نقل المقرات.
وقدّرت شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية العالمية القيمة الإجمالية لمشاريع العقارات والبنية التحتية منذ إطلاق خطة التحول في السعودية التي جرى إطلاقها في 2016 بنحو 1.1 تريليون دولار.
وأظهرت إحصائيات حديثة أن أسعار العقارات السكنية في السوق السعودية نمت خلال العام الماضي بأسرع وتيرة منذ ثمانية أعوام، مدفوعة بشكل رئيسي بزيادة أسعار الأراضي.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن زيادة نسبة التملك بين السعوديين تجاوزت الستين في المئة بنهاية العام 2021.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء الحكومية الصادرة الأسبوع الماضي، فقد زاد المتوسط السنوي لمؤشر أسعار العقارات بنسبة 1.1 في المئة خلال عام 2022 مقارنة بالمتوسط السنوي للعام السابق بسبب زيادة متوسط أسعار القطاع السكني بنسبة 2.1 في المئة.
وبسبب أزمة النفط في منتصف العقد الماضي، فقد سجلت هيئة الإحصاء تراجعا في أسعار المنازل خلال عامي 2015 و2016 بنسبة 12.5 في المئة.
وتضخمت سوق الرهن العقاري السعودية في ظل خطة الدولة لزيادة نسب امتلاك المواطنين للمنازل، ويبلغ إجمالي محفظة القروض العقارية عند البنوك نحو 175.5 مليار دولار، وتكشف بيانات البنك المركزي أنَّها تضاعفت ثلاث مرات في غضون خمسة أعوام.
الحكومة وتتطلع من خلال إستراتيجيتها الطموحة إلى جعل العاصمة الرياض في صدارة أفضل عشرة اقتصادات للمدن حول العالم
وفي يوليو الماضي توقع صندوق النقد الدولي استمرار النمو القوي للإقراض العقاري السكني بالسعودية في ظل البرامج الحكومية الداعمة لنمو الطلب وتعزيز العرض في القطاع.
ومددت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري المملوكة للصندوق السيادي فترة استحقاق التمويل العقاري طويل الأجل بنسبة ثابتة للمواطنين إلى 30 عاما، مقابل فترات سداد كانت تتراوح من 10 إلى 25 عاما، وذلك لتخفيف وطأة رفع الفائدة المتتالي.
وتقول الشركة إن هذا التمديد يساعد جهات التمويل العقاري بالبلاد على تقديم حلول تمويلية ميسرة بنسبة ثابتة للمواطنين مع تمديد فترات الاستحقاق.
وأكدت أن ذلك يسهم في نمو المحافظ التمويلية لهذه الجهات، ودعم السعوديين في تملّك المنازل، من خلال إمكانية الحصول على زيادة التمويل العقاري بنسبة ثابتة.
ورفعت الشركة ميزانيتها من 400 مليون دولار في 2017 إلى أكثر من 3.5 مليار دولار خلال العام الماضي. ومن المتوقع أن ترتفع الأصول حتى تبلغ ما بين 5.3 إلى 6.4 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.
وتتطلع الحكومة من خلال إستراتيجيتها الطموحة إلى جعل العاصمة الرياض في صدارة أفضل عشرة اقتصادات للمدن حول العالم.