دعوة سعودية - أميركية - فرنسية لانتخاب رئيس للبنان مع قرب انتهاء ولاية عون

نيويورك – دعت السعودية والولايات المتحدة وفرنسا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات اللازمة لمعالجة الأزمتين السياسية والاقتصادية، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية الخميس.
وتأتي هذه الدعوة مع بدء العد العكسي لنهاية ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون، وفي ظل مخاوف من حدوث فراغ رئاسي محتمل يعمق الأزمتين السياسية والاقتصادية، في ظل متغيرات وخلافات، ما يعيد إلى الأذهان فراغا رئاسيا استمر 29 شهرا وانتهى بانتخاب عون.
وفي بيان مشترك في وقت متأخر الأربعاء، عقب لقاء ممثلين من الدول الثلاث على هامش اجتماعات الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عبّر وزراء خارجية الدول الثلاث عن "دعم بلادهم المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ومع استعداد البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية".
وشددوا على "أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفق الدستور، وانتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية".
ومع اقتراب نهاية ولاية الرئيس عون، لا يزال الفرقاء المارونيون غير متفقين على شخصية تخلفه، حيث تسيطر الفوضى على الترشيحات، وهذا ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تأجيل الدعوة إلى جلسة انتخاب بانتظار ما يسميه الحد الأدنى من التوافق "لا الإجماع".
وسيؤدي الفراغ الرئاسي إلى استمرار الكباش السياسي بشكل علني وحاد على اعتبار أن التسوية الكبرى لم تعقد بعد، وأن تحسين الشروط التفاوضية ضرورة لا غنى عنها لدى الأحزاب والقوى المعنية وتحديدا المسيحية منها، الأمر الذي سيفتح الباب أمام عملية تصعيد خطابي وإعلامي كبير.
ويستعد التيار الوطني الحر لمرحلة ما بعد الفراغ الرئاسي التي سيكون فيها الرئيس عون في الرابية، ما يجعله قادرا على ممارسة تصعيده السياسي والخطابي بطريقة لم يكن يستطيع القيام بها أثناء توليه سدة الرئاسة، وهذا ما يلّوح به العونيون منذ أسابيع على اعتبار أن مرحلة ما بعد الفراغ الرئاسي ستشهد عملية الثأر السياسية من الخصوم الذين أفشلوا العهد.
ولن يدخل لبنان مرحلة الاستقرار الكامل والنهائي بمجرد حصول الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية أو بمجرد الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة تدير الفراغ الرئاسي وتستكمل مهام الحكومة الحالية المرتبطة بالتواصل مع صندوق النقد أو بإقرار الخطة الإنقاذية، إذ إن مرحلة التراشق والكباش السياسي ستستمر لأشهر طويلة مقبلة.
كما دعا الوزراء إلى "تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديدا الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".
وبناء على نتائج الانتخابات البرلمانية في مايو الماضي، أُعيد تكليف نجيب ميقاتي في الشهر التالي برئاسة الحكومة، لكنها لم تؤلف بعد جراء خلافات وتعقيدات سياسية.
وكانت مصادر سياسية لبنانية قد رجحت إعلان تشكيل "حكومة مكتملة الصلاحيات" بنهاية سبتمبر الجاري، أو مطلع أكتوبر المقبل، ما لم تحدث عرقلة أو مفاجآت في اللحظات الأخيرة.
ولا تزال محاولات تشكيل الحكومة تصطدم بالعراقيل، رغم دخول لبنان المهلة الدستورية الرئاسية التي يمكن للبرلمان أن يلتئم خلالها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بدعوة من رئيسه نبيه بري.
وفي ظل تعثر تشكيل الحكومة يقف لبنان على مسافة شهر و10 أيام من انتهاء ولاية الرئيس عون، وسط أوضاع اقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة.
وأعرب الوزراء عن "استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات الأساسية، التي تعد حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان".
ومنذ أواخر 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي إحدى أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، حيث أدت إلى انهيار مالي وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.
وأكد الوزراء "دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي اللبناني المسؤولين عن حفظ سيادة لبنان واستقراره، مع أهمية استمرارهما في القيام بدور أساسي في حماية الشعب اللبناني في ظل أزمة غير مسبوقة".
وشددوا على ضرورة قيام الحكومة بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بلبنان، وتلك الصادرة من جامعة الدول العربية، و"الالتزام باتفاق الطائف (لعام 1989 وأنهى حربا أهلية) المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان".
وقال سفير المملكة في لبنان وليد بخاري الحميش إن اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان.
وأكد عبر حسابه على تويتر أن رسالة البيان السعودي - الأميركي - الفرنسي المشترك، هي أن المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان هو اتفاق الطائف.
ويعد اتفاق الطائف بالنسبة للبنانيين خطا أحمر، وتجاوزه يعتبر تعديا على السلم الأهلي للبلاد، ودائما ما يهدد الزعماء السياسيون بعودة الكابوس إذا لم يطبق الاتفاق الذي أوقف الحرب.
وبوساطة المملكة في الثلاثين من سبتمبر 1989 في مدينة الطائف، تم الاتفاق الذي يعرف بـ"اتفاق الطائف" أو "وثيقة الوفاق الوطني اللبناني"، التي وضعت بين الأطراف المتنازعين في لبنان، وتم إقراره بقانون لبناني بتاريخ الثاني والعشرين من أكتوبر 1989، منهيا الحرب الأهلية اللبنانية، بعد أكثر من خمسة عشر عاما على اندلاعها.