دعوة أممية للحكومة الليبية بمحاسبة مرتكبي أعمال الكراهية على الطريق الساحلي

طرابلس - دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا السلطات الحكومية لاتخاذ إجراءات فورية، ومحاسبة مرتكبي أعمال الكراهية على الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة، مؤكدة أن تلك الأفعال من شأنها عرقلة إعادة توحيد البلاد.
وقالت البعثة في بيان مساء الجمعة إن عملية فتح الطريق الساحلي التي طال انتظارها ليست أمرا حيويا يعيد الوصل بين أجزاء ليبيا وبين الليبيين عموما، ما يتيح إيصال المساعدات الإنسانية وتدفق التجارة فحسب، بل هي حيوية أيضا لتحقيق السلام والوحدة في ليبيا بشكل عام.
ويمتد الطريق بطول ليبيا تقريبا، من مساعد عند الحدود المصرية، إلى رأس جدير قرب تونس، بطول 1800 كيلومتر، وكان شاهدا على المعارك الكبرى التي جرت خلال الحرب العالمية الثانية بين دول الحلفاء والمحور.
ونددت البعثة الأممية بأن مثل هذه الأعمال الطائشة تهدد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف أكتوبر 2020، وتهدد إعادة توحيد البلاد والتماسك الاجتماعي.
وكان عناصر من الميليشيات المسلحة أجبروا المواطنين الأحد الماضي على السير بسياراتهم فوق صورة للقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ما أدى إلى حالة غضب بين سائقي المركبات.
وأدانت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" الأحداث التي شهدها الطريق الساحلي الأحد الماضي، مؤكدة أنها ستلاحق مرتكبيها.
وأكدت اللجنة العسكرية أنها ستتعامل بكل حزم مع من وصفتهم بـ"الفئة المنبوذة والمخربة"، التي ترتكب مثل هذه الأعمال، متوعدة إياهم بالملاحقة أمام القضاء المحلي والدولي، لينالوا "أشد" العقوبات.
ووجهت اللجنة الترتيبات الأمنية وغرف العمليات بضرورة المتابعة والتشديد والضرب بيد من حديد، لكل من تسول له نفسه العبث بأمن وسلامة المواطنين المستعملين للطريق الساحلي، وسرعة تقديم المخالفين والقبض عليهم واتخاذ ما يلزم من الإجراءات القانونية حيالهم.
وترى أوساط في طرابلس، أن الميليشيات تعمل منذ فترة على اختبار حزم الحكومة والمجتمع الدولي، وتتجه للعودة بقوة إلى السيطرة على المشهد العام في غرب البلاد، مستفيدة من حالة الإبقاء على مظاهر الانقسام التي تعمل على ترسيخها منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي النشطة داخل البلاد وخارجها، والتي تحركها أصابع الإسلام السياسي وجلّ حلفائه الإقليميين.
وتضيف هذه الأوساط أن الميليشيات استطاعت إلى حد الآن، ضمان تردد الحكومة في فتح حوار جدي مع الجيش ورموز النظام السابق، وتأكد لها أن السلطات المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، لا تختلف كثيرا عن سلطات الوفاق برئاسة فايز السراج، في توجهها للبحث عن منافذ للتمديد في الحكم، واستعدادها للخضوع للجماعات المسلحة بما يخدم مصالح الطرفين في تقاسم النفوذ بغطاء جهوي وإخواني تدعمه تركيا التي تعمل بدورها على توفير المبررات الواقعية للإبقاء على قواتها ومرتزقتها في البلاد.
ولا تكف الميليشيات عن محاولات توتير الأجواء ميدانيا، مستفيدة من عجز الحكومة عن ملاحقة عناصرها المنفلتة والمتورطة في جرائم موثقة ضد المدنيين ممن سقط عدد منهم ضحايا لرصاص المسلحين خلال يوليو الماضي.
وكانت منطقة الماية وكوبري 27 غرب طرابلس، شهدت الخميس الماضي اشتباكات بين ميليشيا الإسناد الأولى بالزاوية التي يقودها محمد بحرون وميليشيا دعم الاستقرار بورشفانة بقيادة معمّر الضاوي، استعملت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
وكانت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة أعلنت في 30 يوليو الماضي، إعادة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها، بعد أكثر من عامين على إغلاقه.
وفيما كلفت اللجنة حينها ضباطا ليبيين بمراقبة ما تم الاتفاق عليه، طالبت البعثة الأممية في ليبيا بسرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوجود المراقبين الدوليين على الأرض، للمساهمة في دعم آلية المراقبة الليبية.
ولا تكمن أهمية هذا النجاح في رفع المعاناة عن الليبيين وتسهيل تنقل المسافرين والبضائع بين غرب البلاد وشرقها فقط، بل الأهم من ذلك إنهاء أحد أوجه الانقسام في البلاد، ولذلك دلالة رمزية على أن البلاد في طريقها للملمة شتاتها في مواجهة مشاريع الانقسام أو الانفصال أو الفيدرالية.
وهذا ما أشار إليه عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، في كلمته التي ألقاها بسرت (شرق طرابلس) عقب إزالته أحد السواتر الترابية، قائلا "عهد التشتت والفرقة وشبح الانفصال قد ولى إلى غير رجعة".