دعوات متصاعدة لحل البرلمان التونسي مع توالي فضائح النواب

تونس - تعالت الأصوات في تونس منادية بحل البرلمان وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة، على خلفية توالي الفضائح التي بلغت حد استخدام العنف المادي والمعنوي بين النواب، وهي دعوات أصبح يتبناها برلمانيون أنفسهم.
وكثيرا ما يشهد مبنى البرلمان مشاحنات وتصعيدا وتبادل اتهامات وحتى مواجهات لفظية، وشتائم ومطالبات باستقالة الغنوشي بسبب انحيازه ودفاعه عن خطاب التكفير وإهانة النساء.
غير أن الأمر تطور في جلسة الاثنين إلى العنف بعد تعرض النائب أنور بالشاهد عن الكتلة الديمقراطية إلى الاعتداء بالضرب بواسطة قارورة من قبل نواب ائتلاف الكرامة ما تسبب في إصابته على مستوى الرأس، كما تعرضت النائب عن ذات الكتلة سامية عبو للعنف إلى حد الإغماء من قبل الحزب نفسه.
وشهدت الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروع قانون المالية لعام 2021 حالة من الهلع والفوضى وتعطلت أشغالها، بسبب اقتحام نواب ائتلاف الكرامة اجتماعا خصصته لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين للنظر في تصريحات أحد نواب الائتلاف المسيئة للنساء، والتي تضمنت بحسب الحقوقيين والمراقبين خطابا تحريضيا على النساء في البلاد ومجانبا لمنطق الدولة المدنية ومخالفا لدستور البلاد.
وأعرب الرئيس التونسي قيس سعيد لدى استقباله وفدا عن مجلس نواب الشعب الاثنين عن رفضه لكل أشكال العنف حيثما كان، وخاصة داخل مؤسسات الدولة.
ووجّه سعيد تحذيرا قال فيه "أوجه الإنذار تلو الإنذار والتحذير تلو التحذير بأنني أحترم الشرعية والقانون ولكن لن نترك تونس تتهاوى ولن نترك مؤسساتها تسقط".
وأضاف سعيد "مع احترامي للمقامات والمؤسسات، فإنني سأردّ بأكثر مما يتصورون لإنقاذ الدولة التونسية.. ومن يتوهم أنه يمكنه أن يستعين ببعض الخونة والمجرمين فهو واهم".
وتابع "نحترم الدستور والقانون ولكن كل منا سيتحمل مسؤوليته الكاملة"، مضيفا "مرة أخرى هذا إنذار.. هناك قوى مضادة للثورة تعمل منذ 2011 على إسقاط مطالب الشعب وهناك من تحالف معها ويريد إسقاط الدولة ومؤسساتها، ولكن ليعلموا أن كل ترتيباتهم معلومة وأنه لا حوار أبدا مع المجرمين والمطلوبين لدى العدالة".
وتحت شعار "حل البرلمان واجب" انهالت الدعوات من نواب البرلمان أنفسهم علاوة على العديد من السياسيين ونشطاء الشبكات الاجتماعية، تنديدا بما يجري في البرلمان من تجاذبات وتناحر وعطالة تدفع إليها كتل محددة، وهو ما اعتبر دليلا على تحول هذه المؤسسة الدستورية إلى مصدر لإنتاج الأزمات ومنها تعميق الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية.
وقال البرلماني التونسي منجي الرحوي عن حزب الوطن الموحد في تدوينة نشرها على موقع فيسبوك "عنف داخل البرلمان.. حل البرلمان واجب".
وحذّر وليد جلاد النائب عن حركة "تحيا تونس" من دخول الأوضاع مرحلة اللا عودة بالبرلمان التونسي قائلا "ما حدث اليوم يشبه حدّ التّماهي ما يحدث في المجالس النّيابية للدول المنهارة.. لن نسكت على ذلك ولن نترك دولتنا تنهار".
وطالب التوهامي العبدولي كاتب الدولة السابق، في تدوينة على حسابه بفيسبوك، الرئيس التونسي بحل البرلمان قائلا "ندعو رئيس الجمهورية إلى حل البرلمان، والجيش إلى تحمل مسؤولياته لحماية وطن تنهشه ضباع برلمانية".
وأضاف العبدولي "ما حدث اليوم (الاثنين) في المجلس من قبل ائتلاف الإرهابيين يدعو إلى الاستعداد لحرب أهلية والمعركة معركة وجود"، داعيا القضاء إلى تصنيفه حزبا إرهابيا وحظر نشاطه لما يشكله من خطر على الدولة والمجتمع والعالم.
وفي ذات السياق كتب محمد شلبي الأستاذ بمعهد الصحافة "كان أجدر بنا أن نلهج بالدعوات إلى حل المجلس بسبب الوضع الخطير الذي يعيشه اقتصاد تونس وماليّتها قبل اللهج بها بسبب علاقات النواب بعضهم ببعض. نحن التونسيين لا يعنينا كثيرا ما يفعلونه هناك بل يعنينا أولا ما أوصلونا إليه، أحزابا حاكمة ونوابا يتبعونها، من وضع يهدد البلاد بالإفلاس. صحيح أن جبين أحدهم نزّ اليوم دما، وهو أمر متوقع (هل كنا نتوقع غيره؟)، لكن ما فعله هؤلاء الحكام بقوت الناس وملبسهم ودوائهم قد يذهب بنا إلى ما بعد النزّ".
وأعرب الكثير من التونسيين عن فقدانهم الثقة في المؤسسة الدستورية التي باتت حلبة للصراع والعنف والتكفير وبث الفتنة داخل المجتمع التونسي دون الاهتمام بمشاغله الحقيقية، مما يستدعي تحرّك الرئيس قيس سعيّد بشكل مكثّف من أجل التصدّي لخطر انزلاق البلاد نحو اقتتال داخلي.
وكتبت الإعلامية التونسية بثينة جبنون على حسابها بموقع فيسبوك "حل البرلمان أصبح واجبا وطنيا... هؤلاء لا يمثلون الشعب التونسي ولم ولن يخدموا إلا مصالحهم".
وأضافت أن "الانتهازيين والفاسدين والفاشلين والعملاء والمرتزقة ومن يخدمون في لوائح لا تهم الشأن الداخلي والشعب التونسي وأدوارهم مشبوهة ويسترزقون من كل الملفات لخدمة أجندات أجنبية مدفوعة الأجر... هؤلاء الحثالة لا يستحقون مجلس نواب الشعب.. المجلس الذين مثلوه رجال دولة خدموا تونس وخدموا الشعب".
ودعا المحامي فتحي الجموسي الرئيس التونسي إلى حل البرلمان وتطويقه بالجيش الوطني في أقرب وقت ممكن قبل أن تزهق أرواح بشرية داخله.
ولئن طالب التونسيون بحل البرلمان فإن الخبراء يؤكدون أن ذلك ليس متاحا للرئيس قيس سعيد، حيث أن الفصل الـ80 من الدستور يتعلق بإمكانية إعلان "حالة الاستثناء" نتيجة خطر داهم، وذلك يفترض وجوب استمرارية عمل البرلمان.
وأدان الاتحاد العام التونسي للشغل في بيانه "الاعتداءات التي ما فتئت تمارسها كتلة ائتلاف الإرهاب الهجينة المتخفية بالحصانة البرلمانية للتغطية على افتضاح وعودها الزائفة ومغالطتها للشعب بما رفعته من شعارات شعبوية كاذبة".
واستنكر الاتحاد، في الوقت ذاته، "صمت القضاء على هذا الائتلاف" الذي وصفه بـ"العصابة الإجرامية" رغم العديد من القضايا التي رفعت ضدّه ومنها القضايا التي رفعها الاتحاد العام التونسي للشغل.
وندد بخطاب التحقير والإهانة الموجّه ضدّ المرأة التونسية واعتبره مروقا عن الدستور وتطاولا رخيصا على حرائر تونس، معربا عن اعتزازه بما حقّقته المرأة التونسية من مكاسب تستجيب لمكانتها الفاعلة والمؤثرة على جميع الأصعدة وتنسجم مع تضحيات أجيال من الوطنيات والوطنيين.