دعوات للعصيان المدني ترافق استئناف إسرائيل مناقشة التعديلات القضائية

القدس - بدأ النواب الإسرائيليون الأحد مناقشة مشروع قانون من شأنه أن يحد من صلاحيات المحكمة العليا، في خطوة تعني استئناف مساعي إقرار تعديلات على قوانين السلطة القضائية، والتي طرحتها حكومة بنيامين نتنياهو المؤلفة من أحزاب دينية وقومية ولاقت معارضة ضارية من قبل.
ودفعت المظاهرات المناهضة لحكومة نتنياهو إلى تعليق حملته لإقرار التعديلات القضائية في مارس الماضي من أجل السماح بالتوصل إلى تسوية مع أحزاب المعارضة عبر المحادثات. وأعلن الأسبوع الماضي أن المحادثات غير مجدية وأمر بمناقشة نسخة معدلة من مشروع القانون.
وأثارت التعديلات المقترحة، التي تضمنت قيودا على صلاحيات المحكمة فيما يتعلق بإصدار أحكام ضد الحكومة، احتجاجات متكررة في الشوارع قبل تعليق مساعي إقرارها في مارس، وأغلق معارضون للتغييرات طريقا سريعا رئيسيا في تل أبيب مساء السبت.
وأشار نواب الائتلاف الحاكم إلى أن مشروع القانون الجديد سيكون نسخة أخف بكثير من المقترحات السابقة التي سعت إلى التقييد الكامل تقريبا لسلطة المحكمة العليا في إصدار أحكام ضد السلطة التنفيذية. ومع ذلك تقول المعارضة إن مشروع القانون الجديد لا يزال يمثل مدخلا إلى الفساد.
وقال النائب عن حزب العمل المعارض جلعاد كاريف مع بدء المناقشات “إنكم تجددون محاولة تشريعية تهدف إلى تدمير استقلال النظام القضائي وإلحاق الضرر البالغ بالضوابط والتوازنات الدقيقة للديمقراطية الإسرائيلية”.
وحث زعيم المعارضة يائير لابيد عبر تويتر نتنياهو على وقف التشريع وإحياء المفاوضات “حتى نتوصل إلى اتفاقات تحمي الديمقراطية وتمنع حدوث كارثة وطنية”.
وخرج عشرات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع البلاد ليل السبت للمشاركة في الأسبوع الخامس والعشرين من الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي.
وحث رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك المتظاهرين المشاركين في مسيرة حاشدة في تل أبيب على القيام بعصيان مدني لمواجهة خطط الحكومة للإصلاح القضائي.
ودعا باراك، في المسيرة الرئيسية في تل أبيب، المتظاهرين إلى تكثيف احتجاجاتهم، قائلا إنهم “في مرحلة نضال جديدة”.
وقال السياسي من تيار يسار الوسط للحشد “إنني أدعو كل مواطن إلى الاستعداد لاختبار عدم الامتثال غير العنيف”، في إشارة منه إلى التكتيكات “المشروعة” لحركات الاحتجاج السابقة في الولايات المتحدة والهند.
وأشار خبير الشؤون الأمنية آفي يساخاروف إلى أن “نتنياهو والأحزاب المؤيدة له توقّعا أن تقتصر ردود الفعل على مظاهرات هنا وهناك يشارك فيها المئات من المتظاهرين وفي أقصى الحالات عدة آلاف”. وقال “لقد فوجئوا حقا بخروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع”. وأضاف “خطة نتنياهو تفضي فعلا إلى تغيير النظام الديمقراطي في إسرائيل، والناس يفهمون أن الخلاف هو ليس قصة يسار أو يمين وإنما مستقبل البلد”.
وأثارت التعديلات القضائية المقترحة أيضا مخاوف لدى الغرب تتعلق بسلامة الحياة الديمقراطية في إسرائيل وأزعجت المستثمرين.
المظاهرات المناهضة لحكومة نتنياهو دفعت إلى تعليق حملته لإقرار التعديلات القضائية من أجل السماح بالتوصل إلى تسوية مع أحزاب المعارضة عبر المحادثات
وأدت حملة التعديلات إلى نفور المستثمرين وتراجع الشيكل قبل أن يعلقها نتنياهو في أواخر مارس. لكن خبراء اقتصاديين ووكالات دولية للتصنيفات الائتمانية يقولون إن استمرار عدم اليقين من شأنه أن يشكل خطرا على تصنيف إسرائيل.
ويرى المنتقدون أنها محاولة من نتنياهو، الذي يخضع للمحاكمة بتهم فساد ينفيها، للحد من استقلالية المحكمة.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي بن لينفيلد إنه إلى جانب محاولة حكومة نتنياهو “تدمير النظام الليبرالي في إسرائيل”، فإن الهدف الآخر لخطة الإصلاح القضائي هو “إضعاف النظام القانوني في البلاد من أجل إلغاء محاكمة نتنياهو، وإخراجه من قضايا الفساد المتهم بها”. ويقول الائتلاف الحاكم إن هدفه هو تحقيق التوازن بين سلطات الحكومة والسلطة التشريعية والسلطة القضائية من خلال كبح جماح المحكمة العليا التي يرون أنها تتدخل أكثر من اللازم.
وأثارت حملة الترويج للتعديلات القضائية، التي أعلنت عنها الحكومة في يناير الماضي بعد أسبوع واحد فقط من عودة نتنياهو إلى السلطة، واحدة من أسوأ الأزمات السياسية في إسرائيل منذ سنوات، إذ وصفها المنتقدون في الداخل والخارج بأنها تمثل تهديدا للديمقراطية في إسرائيل.