دعوات لتنحية الطبوبي من الأمانة العامة لاتحاد الشغل التونسي

تونس- تصاعدت الدعوات المنادية بتنحية نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل من منصبه، وسط تأكيد المراقبين على كونها خطوة تؤكد نهاية مرحلة بالنسبة إليه، وأن المنظمة النقابية تحتاج إلى وجوه جديدة. وطالبت الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس (شرق) بإحالة الأمين العام للمنظمة نورالدين الطبوبي على “الهيئة الوطنية للنظام الداخلي وإيقافه فورا عن النشاط النقابي من أجل إخلاله بالميثاق النقابي والمس من وحدة المنظمة والعمل على شق صفوفهم والإساءة لسمعتهم والنيل من كرامة قيادتها طبقا لأحكام الفصول 133 و136 و138 من النظام الداخلي،” وفق بيان أصدره الجمعة 16 مايو 2025 وفق بيان الهيئة المنعقدة بمقر الاتحاد الجهوي بصفاقس.
ووفق نص البيان، فقد صادق 57 عضوا من إجمالي 62 عضوا بالهيئة الإدارية على القرار، فيما تحفّظ عليه عضوان مع غياب ثلاثة. كما حمّلت الهيئة الإدارية الجهوية، “الطبوبي وبعض أعضاء المكتب التنفيذي الوطني كامل المسؤولية في ما آل إليه الوضع الداخلي للاتحاد من تفكك واحتقان نتيجة سياسة الاستهداف والإقصاء والإضعاف والتفرقة التي يعتمدها الأمين العام في علاقاته مع الهياكل النقابية.” كما قررت الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس البقاء بحالة انعقاد لمتابعة تطورات الوضع النقابي، وفق نص البيان. وكان الطبوبي أقر في وقت سابق بأن الصراعات تعصف بالاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعدّ أكبر منظمة نقابية في تونس، مشيرا إلى وجود خلافات داخلية في صلب المنظمة.
وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أن “هذه المرحلة بقيادة نورالدين الطبوبي في الأمانة العام للاتحاد منتهية، وكل المؤشرات تؤكد أن الطبوبي فقد الأغلبية الحيوية والضرورية في قيادة الاتحاد." وأكد في تصريح لـ”العرب”، “يبدو أن المسألة نهائية، وقد يدفع التيار المعارض نحو إبراز شخصية أكثر جذرية، لأن الاتحاد تاريخيا عبّر عن نبض الشارع وكان دائما قادرا على إفراز وجوه جديدة."
ولفت ثابت إلى أن "اسم أنور بن قدّور يعتبر من الوجوه المعبّرة عن التيار المجدّد داخل المنظمة وهو من ذوي خبرة في الحركة النقابية وكوادرها،” لافتا إلى أن "اتحاد الشغل يبحث عن واجهة جديدة من حملة الفكر والتصوّرات." ويشهد اتحاد الشغل أزمة داخلية تتمثّل في صراع بين معسكرين: معسكر الأمين العام (الطبوبي) الذي يريد أن يجدد قيادته بتعديل الفصل 20 من القانون الداخلي، والمعسكر المعارض الصاعد الذي يطمح لأخذ المشعل لقيادة اتحاد الشغل في المرحلة المقبلة.
ويقود قادة سابقون ونقابيون معارضون تحركات تطعن بشرعية القيادة الحالية وتدعو إلى مؤتمر استثنائي يعيد تشكيل مركز القرار داخل المنظمة، ومن جهة أخرى ترفض القيادة المنتخبة أيّ حديث عن “أزمة داخلية”، معتبرة ما يجري خلافات عادية تعالج ضمن الأطر القانونية الداخلية. ومع هذا التجاذب، يجد الاتحاد نفسه أمام لحظة دقيقة، لا تتعلق فقط بمصير هيكله التنظيمي بل أيضا بمدى قدرته على الحفاظ على استقلاليته التاريخية وسط اتهامات بالتقارب مع السلطة، وانقسامات غير مسبوقة داخل بعض قطاعاته الحيوية.
وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “اتحاد الشغل التونسي يعيش اليوم أسوأ حالاته منذ عقود، ودائما ما دأب على تصدير أزمته نحو الحكومة خصوصا عندما لا يلعب دورا سياسيا.” وأوضح لـ”العرب” أن “الاتحاد اليوم في تناقضين، المعارضة النقابية والمعارضة داخل هياكل الاتحاد التي يدعمها الطبوبي، واليوم السلطة القائمة سحبت البساط من تحت المنظمة بقانون عقود المناولة، وعدم التفريط في المؤسسات العمومية وعدم التعامل مع صندوق النقد الدولي والتقليص في كتلة الأجور.” وتابع الرابحي “الاتحاد اليوم مطالب بأن يجد تموقعه الحقيقي ويبتعد عن الصراعات الداخلية ويهتم بمشاغل منظوريه، كما يحتاج إلى مراجعة شاملة في الخطاب والتمشي الجديد للسلطة.”
واستطرد قائلا "مرحلة الطبوبي انتهت منذ مؤتمر سوسة (شرق)." وخلال العشرية الماضية (من 2011 إلى 2021) كان الاتحاد يتمتع بموقع يتجاوز دوره النقابي، ليلعب دور الحكم بين الأطراف السياسية. ولكن مسار الخامس والعشرين من يوليو وضع حدودا جديدة لهذا الدور، وأعاد الاتحاد إلى مربع التوازن بين المطالبة الاجتماعية والحياد السياسي الحذر. ويؤكد المراقبون أن اتحاد الشغل يشهد حالة من العجز والهوان بعد تلك الإجراءات، والأزمة الحقيقية تتعلق بالدور الجديد للاتحاد بعدما كان يلعب دورا سياسيا في السابق.