دعوات لتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة في ليبيا

تجددت الدعوات السياسية المطالبة بإقالة حكومة تصريف الأعمال في ليبيا والتي يقودها عبدالحميد الدبيبة، وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة، بعد فشلها في إدارة الشأن السياسي بالبلاد، وسط اتهامات لها بممارسة الفساد وتجاوز القانون.
طرابلس - أعلن برلمانيون ليبيون تبرؤهم من حكومة عبدالحميد الدبيبة، ووصفوها بـ”حكومة الفساد”، مطالبين بتشكيل حكومة تكنوقراط تعمل على توحيد المؤسسات وتهيئة مناخ مناسب لإجراء الانتخابات المؤجلة.
وطالب خمسة عشر نائبا في البرلمان الليبي، بتغيير الحكومة التي يقودها الدبيبة وإيقافها عن العمل ثم إحالتها على التحقيق، في شبهات الفساد المثارة حولها والمخالفات القانونية التي ارتكبتها.
ودعا النواب في بيان، رئاسة البرلمان بتضمين بند اختيار رئيس حكومة جديد لجدول أعمال الجلسات القادمة، لتشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ذات مهام محددة أهمها الترتيبات الآنية لرفع القوة القاهرة وتوحيد المؤسسات ووقف الفساد لتهيئة الساحة الليبية للانتخابات، معلنين تبرؤهم من “حكومة الفساد برئاسة عبدالحميد الدبيبة”.
وقال النواب الموقعون على البيان، “نعلن براءتنا من حكومة الفساد برئاسة عبدالحميد الدبيبة ولا نتحمل مسؤولية عبثها وفسادها خاصة بعد تاريخ سحب الثقة منها”، مطالبين “بإيقافها والتحقيق معها من قبل النائب العام في جميع الجرائم والمخالف القانونية وشبهات الفساد المثارة عبر وسائل الإعلام والتي تعتبر وفق القانون بلاغا للنائب العام”.

وأوضح النواب في بيانهم أن المهام المحددة لحكومة التكنوقراط التي طالبوا بتشكيلها “أهمها الترتيبات الأمنية لرفع حالة القوة القاهرة وتوحيد المؤسسات ورفع المعاناة عن كاهل الشعب ووقف الفساد لتهيئة الساحة الليبية للانتخابات في أسرع وقت ممكن”.
والنواب الخمسة عشر الموقعون على البيان هم: جبريل أوحيدة وطلال الميهوب، وعادل مولود محفوظ، وأحمد الشارف، وآدم بوصخرة، وأسماء الخوجة، وطارق الجروشي، وسالم قنيدي، ورمضان شنبش، وعبدالمنعم العرفي، وابتسام الرباعي، وجاب الله الشيباني، وناصر النعاس، ومحمد بن خليل، وبشير الأحمر.
وثمة إجماع سياسي في ليبيا على أن حكومة الدبيبة فشلت في تجاوز العقبات التي اعترضتها نحو تنظيم الانتخابات واستكمال المسار السياسي بالبلاد، علاوة عن تنكر الدبيبة لتعهداته أمام الليبيين ومحاولته القفز في السباق الانتخابي وقطع الطريق على منافسيه.
ورحب مراقبون بهذه الخطوة، معتبرين إياها إشارة إلى موقف وطني حازم ضد حكومة الدبيبة وإسقاط الحصانة القانونية عن الرجل، حيث أشاد رئيس المؤسسة الليبية للإعلام السابق محمد بعيو، ببيان النواب، واعتبره البداية الحقيقية لليقظة المنتظرة.
وقال بعيو، في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي على موقع فيسبوك “لعل هذا البيان يكون البداية الحقيقية لليقظة المنتظرة من مجلس النواب، وللموقف الوطني الحاسم الحازم ضد الحكومة فاقدة الثقة منعدمة الشرعية وضد ذلك الـشيء فاقد الإدراك منعدم الاتزان”.
وأضاف “نعم مطلوب من مجلس النواب في جلسته القادمة، إيقاف الدبيبة عن العمل أو على وجه الدقة إيقافه عن العبث وإسقاط الحصانة القانونية عنه، وإحالته إلى النائب العام للتحقيق في جرائم التزوير والفساد وإهدار المال العام والواسطة والمحسوبية وانتهاك القانون المالي للدولة، التي هي ليست مجرد اتهامات بل وقائع مثبتة بالأدلة والمستندات”.
وتساءل بعيو “هل تعلمون أن آخر عرض تلقاه عدد من النواب عبر وسطاء سماسرة، هو حصول كل منهم على مليون دينار مقابل الغياب عن جلسات مجلس النواب القادمة لمنع انعقاد المجلس وعرقلة عمله”.
وأواخر شهر ديسمبر الماضي، دعا أعضاء في مجلس النواب إلى تغيير الحكومة، باعتبار أن مهمتها الأساسية كانت تنظيم الانتخابات، وأنها حكومة تسيير أعمال بموجب قرار النواب القاضي بسحب الثقة منها في سبتمبر الماضي.
والخميس، وجّه رئيس البرلمان عقيلة صالح، دعوة إلى النواب لحضور جلسة عامّة ورسمية الاثنين المقبل، بمقر البرلمان بمدينة طبرق شرق البلاد، دون أن يكشف عن برنامج هذه الجلسة.
وتعد الجلسة الأولى التي يدعو إليها رئيس مجلس النواب، بعد عودته للعمل، وإنهاء إجازته التي بدأها منذ أشهر لتتاح له فرصة الترشح للانتخابات الرئاسية وتكليف نائبه الأول فوزي النويري.
ومن المتوقع أن تكون الجلسة المقبلة حاسمة في عدد من القضايا وأبرزها: خارطة الطريق، ومناقشة المقترحات التي ستُقدّمها اللجنة المشكّلة من قبل البرلمان، بعد عدد من اللقاءات والمشاورات في مدينة بنغازي، عقب اللقاءات التي عُقدت في مدينة طرابلس وجمعت اللجنة مع أطراف سياسية وكيانات حزبية.

ومنذ أسبوعين عاد الدبيبة هو الآخر إلى عمله وترأس اجتماع مجلس الوزراء.
وتعليقا عن الجلسة المرتقبة، قال النائب جبريل أوحيدة “إن هذه الجلسة ستستمع إلى تقرير لجنة خارطة الطريق الذي سيحوصل أهمّ المقترحات التي قدمتها الأطراف السياسية بشأن مستقبل العملية السياسية في البلاد، بعد فشل إجراء الانتخابات في ديسمبر”.
ودعا في تصريح إعلامي إلى ضرورة أن تناقش الجلسة موضوع تغيير الحكومة، قائلا “إنها تسبح في مستنقع من الفساد المالي” واختيار تشكيلة جديدة قادرة على إدارة خارطة الطريق والتمهيد لانتخابات.
ويأتي ذلك في وقت ترى فيه المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، أن خارطة الطريق التي وضعها ملتقى الحوار السياسي تمتد إلى يونيو 2022، وهو ما يعني بقاء السلطة التنفيذية الحالية على رأس مهامها حتى ذلك التاريخ، وضرورة إجراء الانتخابات في هذا الموعد.
وتستمر المشاورات بين القوى السياسية المؤثرة في ليبيا، للتوافق على صياغة خارطة طريق جديدة تقود البلاد لإجراء الانتخابات وتضمن استقرارها على المدى الطويل، دون أن يفضي ذلك إلى توقيع اتفاق بالمستوى المطلوب، حيث يرغب كل طرف في صياغة خارطة طريق خاصّة به تضمن له مصالحه واستقراره في السلطة.
وفي الحادي والعشرين من سبتمبر 2021، أعلن الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية الموقتة بأغلبية أصوات 89 من أصل 113 نائبا حضروا جلسة ذلك اليوم واستمرارها في تصريف الأعمال، ما آثار الجدل بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة.
وتم تشكيل لجنة للتحقيق في الاتفاقات والتكليفات والقرارات التي اتخذتها الحكومة في عدد من الملفات، على أن تنجز أعمالها في غضون أسبوعين من تاريخه، إلا أن نتائج التحقيق لم تعلن حتى الآن.