دعوات لإسقاط قانون يحمي القوات المسلحة التونسية

منظمة العفو الدولية تؤكد أن مشروع القانون يعزز إفلات قوات الأمن من العقاب.
الثلاثاء 2020/10/06
احتجاجات أمام البرلمان رفضا لمشروع القانون

تونس - أثار مشروع قانون يعرض للمناقشة في البرلمان "يحمي" القوات الحاملة للسلاح والجمارك جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية في تونس واعتبرت أنه يعزز إفلات قوات الأمن من العقاب، ويحميها من أي مسؤولية جنائية عن استخدام القوة المميتة لحماية المنشآت الأمنية.

وانتقدت العديد من منظمات المجتمع المدني التونسية والدولية، الثلاثاء، مشروع قانون يعرض للمناقشة في البرلمان "يحمي" القوات الحاملة للسلاح والجمارك وعبرت عن رفضها له بسبب تناقضه مع أحكام الدستور ومبادئ حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية.

وقدمت الحكومة مقترح القانون "زجر الاعتداء على القوات المسلحة" المثير للجدل في العام 2015 إثر هجمات شنها مسلحون استهدفوا قوات الأمن والجيش وسيّاحا وذلك من أجل "حماية قوات الأمن الداخلي والجمارك" ضد "التهديدات والاعتداءات التي تمس من السلامة الجسدية للأعوان".

وبالموازاة مع ذلك، نظم عشرات من النشطاء الشبان في منظمات المجتمع المدني، الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان للتنديد بهذا المشروع.

ويضم مشروع القانون 15 فصلا وينص على عقوبات ضد الاعتداءات التي تطال الشرطة خلال القيام بمهامها وخصوصا خلال "مواجهة خطر محدق".

ويفرض القانون المعروض على لجنة التشريع العام بالبرلمان عقوبات على المعتدين على القوات المسلحة، تتراوح بين العقوبات المالية والسجن والإعدام.

وتجرم المادة 12 من مشروع القانون "تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام"، وتفرض عقوبة على ذلك بالسجن سنتين وبدفع غرامة مالية تصل إلى 10 آلاف دينار (حوالي 5 آلاف دولار).

مشروع قانون يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان
مشروع قانون يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان

وتنص المادتان 5 و6 من مشروع القانون على الحكم بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وبغرامة مالية بقيمة 50 ألف دينار (قرابة 25 ألف دولار) ضد من يفشي أو ينشر “أسرارا تتعلق بالأمن الوطني".

وطالبت منظمة العفو الدولية البرلمان التونسي برفض مشروع قانون "زجر الاعتداء على القوات المسلحة“، واعتبرت أنه ”يعزز إفلات قوات الأمن من العقاب، ويحميها من أية مسؤولية جنائية عن استخدام القوة المميتة لحماية المنشآت الأمنية“.

وقالت نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، آمنة القلالي في بيان نشر على موقع المنظمة الإلكتروني "إنه على الرغم من التعديلات الإيجابية على مشروع القانون المقترح، التي أزالت الانتهاكات المروعة على الحق في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، ما زال مشروع القانون يحتوي على أحكام من شأنها أن تعيق المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

وأضافت القلالي، أن قوات الأمن التونسية، "تمتعت منذ فترة طويلة بالإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، على غرار الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين في محافظة تطاوين، في يونيو الماضي، ولا تزال ممارسات التعذيب وعمليات الاعتقال التعسفي تجري دون محاسبة".

ونددت 23 منظمة بينها "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" وجمعية "مناهضة التعذيب" بمشروع القانون واعتبرت في بيان أن "محاولة تمريره قبل أشهر قليلة من الاحتفال بعيد الثورة العاشر... تمثل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي ولتوازن المنظومة القانونية".

وأضافت المنظمات أنه "ينتصر لمصالح قطاعية ضيّقة في شكل مجلة جزائية موازية لا تكرّس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون".

مشروع القانون يمثل خطرا على مكتسبات الثورة التونسية
مشروع القانون يمثل خطرا على مكتسبات الثورة التونسية 

وقالت رئيسة "جمعية النساء الديمقراطيات" يسرى فراوس في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بتقنية الفيديو إن مشروع القانون المقترح "انتقام من الثورة التونسية وانتقام من عشر سنوات" منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي مطلع العام 2011.

وتابعت فراوس "هذا المشروع للتشفي من التونسيين والتونسيات ونجدد موقفنا الرافض لهذا المشروع باعتباره انتحالا للدستور التونسي وانقلابا على الثورة ولأنه يحاول زرع فتنة بين التونسيين بأن يكون هناك محصنون وغير محصنين".

ودعا حزب التيار الديمقراطي في بيان له، الثلاثاء، الأحزاب والكتل البرلمانية والنواب، إلى عدم المصادقة على مشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين، لما يمثله من خطر على مكتسبات الثورة التونسية وذلك لما يتضمنه من مساس بالحريّات العامّة والخاصّة ولما يكرّسه من شرعنة للإفلات من العقاب وتقنينه.

وأكد التيار أن بناء دولة المواطنة القائمة على الحقوق والحريات وعلوية القانون من جهة، والتأسيس لأمن جمهوري من جهة ثانية، لا يتم فقط بنصوص قانونية، بل عبر إستراتيجية طويلة المدى تشمل التكوين والتأطير وفتح حوار مجتمعي يهدف إلى تغيير العقليات وترسيخ مناخ من الثقة بين الأجهزة الأمنية والمواطن. كما يقتضي إرساء دعائم القضاء المستقل والنأي بالمؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان، الاثنين، إنه يجب على أعضاء البرلمان التونسي رفض مشروع قانون من شأنه أن "يعزز إفلات قوات الأمن من العقاب"، ويحميها من أي مسؤولية جنائية عن استخدام القوة المميتة لحماية المنشآت الأمنية".

ويرى المنتمون إلى قطاع الأمن في تونس أن القانون يمثل سندا تشريعيا لعملهم وحماية لهم من اعتداءات محتملة تستهدفهم.