دعوات تحويل حلبجة إلى محافظة تعود في ذكراها 37

أربيل – عادت المطالبات في العراق بتحويل قضاء حلبجة إلى محافظة، وذلك بالتزامن مع احياء الذكرى السنوية السابعة والثلاثين للهجوم الكيماوي عليها، رغم اكتمال أركانها الإدارية من هيكلية ومحافظ.
فقد دعا رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني وشخصيات سياسية عراقية الأحد، الحكومة الاتحادية الى إكمال جميع إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة.
وأكد نيجرفان بارزاني في بيان على "ضرورة تعويض أبناء حلبجة وجميع ضحايا الإبادة الجماعية والأنفال، وتقديم أفضل الخدمات لهم في المجالات كافة"، لافتا الى أن "من واجب الحكومة العراقية أن تضطلع بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية تجاه الضحايا وتفي بكل الإلتزامات لحلبجة وسكانها وتحقق لهم العدالة".
كما طالب المجتمع الدولي أن يواصل مساعيه لمنع تكرار أمثال هذه الجريمة في أي بقعة من العالم". مضيفا أن "الوفاء لضحايا حلبجة ولجميع شهداء كردستان يكون بتوطيد التعاضد والتفاهم والتعاون لحماية حقوق شعب كردستان".
ويشكل تحويل المدينة إلى محافظة مطلبا شعبيا لأهالي حلبجة، التي عانت على مدى عقود طويلة من التهميش ومن عدم إنصافها.
ويقول خبراء إن تحويل حلبجة إلى محافظة من شأنه أن يسرّع في وتيرة تسريع إعمارها وتطوير بناها التحتية والخدمية، التي ما تزال تعاني من تبعات مع حصل قبل سبعة وثلاثين عاما.
وقصف الطيران العراقي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين بمزيج من غاز الخردل وغاز الأعصاب توبان وغاز السارين مدينة حلبجة عام 1988، وذلك لملاحقة الجيش الإيراني الذي توغل داخل المدينة خلال الحرب التي امتدت لثماني سنوات متواصلة. وبحسب خبراء، قتل نحو خمسة آلاف شخص من سكان المدينة.
وبالرغم من مرور سنوات طويلة ما يزال سكان حلبجة البالغ عددهم 200 ألف نسمة اليوم يعانون من تداعيات المأساة.
من جهته، دعا رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني الأحد، الحكومة الاتحادية إلى الوفاء بالتزاماتها الدستورية والقانونية تجاه إنصاف وتعويض عوائل ضحايا الإبادة الجماعية، مطالبا في الوقت ذاته مجلس النواب بالإسراع في تحويل حلبجة إلى محافظة.
وقال بارزاني في بيان إنه "مع أن بعض الجناة والمتورطين الرئيسيين في هذه الجريمة قد نالوا جزاءهم، إلا أن هذه المأساة الكبرى ما زالت ألماً نابضاً وجرحاً غائراً لم يندمل رغم مرور 37 عاماً على اقترافها، ومن هنا، يحتم الواجب علينا جميعاً مواصلة السعي الحثيث لتعريف العالم بحجم وبشاعة ما اُرتكب من إبادة جماعية بحق حلبجة والأنفال وغيرها من المذابح التي استهدفت شعب كردستان، وأن نكون سنداً وظهيراً لعوائل وذوي شهداء وضحايا هذه الجرائم، وأن نضاعف جهودنا لتلبية احتياجاتهم وتقديم الدعم اللازم لهم".
وأضاف أن "مما يؤسف له في هذه المناسبة الأليمة هو تقاعس الحكومة الاتحادية عن الوفاء بمسؤولياتها الدستورية والقانونية تجاه إنصاف وتعويض عوائل ضحايا وشهداء حلبجة والمؤنفلين، حتى أن مجلس النواب لم يبت لغاية الآن في عملية تحويل حلبجة إلى محافظة".
وأكد رئيس حكومة الإقليم "على ضرورة عدم تجاهل تضحياتها الجسام، والعمل على تعويضها تعويضاً عادلاً ومنصفاً"، داعيا إلى الإسراع في إقرار تحويلها إلى محافظة بأقرب وقت.
وبدوره، قال رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، الأحد أن فاجعة حلبجة ستبقى جرحا غائرا ينزف في أعماق قلوب كل الضمائر الحية، مطالبا بتكريمها واعتبارها محافظة عراقية جديدة.
وأكد الحكيم في بيان أن لحلبجة رمزية مهمة للعراقيين، نظرا للجريمة النكراء التي تعرض لها أبناء هذه المدينة. وأشار إلى أن "أفضل تكريم لحلبجة هو اعتبارها محافظة عراقية جديدة، بما يتيح فرص عمل، وإمكانات اقتصادية، وتمثيلا سياسيا أوسع في القرار العراقي".
وجاءت تلك التصريحات، بالتزامن مع حراك برلماني لتمرير ثلاثة قوانين (تقاعد الحشد الشعبي وحل المساءلة والعدالة وتحويل حلبجة إلى محافظة) معا خلال جلسات البرلمان المقبلة وفق مبدأ السلة الواحدة.
وبدأت عملية تحويل حلبجة إلى محافظة عام 2013، حيث صوت برلمان الإقليم على القرار لتكون محافظة رابعة إلى جانب أربيل والسليمانية ودهوك، ومن ثم دعمت الحكومة الاتحادية السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي هذا المشروع، لكن لم يصدر قرارا بشأنها، حتى قررت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في عام 2023، تحويل حلبجة لمحافظة باعتبار أنه واجب أخلاقي قبل أي شيء، عبر مشروع قانون قدم للبرلمان العراقي.
وكان النائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني مثنى أمين، قد أكد أن في تصريح إعلامي "هنالك تعاطف مع إقرار حلبجة محافظة جديدة في العراق، لكن هناك حالة استغلال سياسي من قبل بعض الكتل والتي تريد إقرار محافظات أخرى والمساومة حول هذا الموضوع".
وأضاف أن "رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي هو من أعاق ملف تحويل حلبجة إلى محافظة وكان لديه تحفظ حول الموضوع، كونه سيفتح الباب للمطالبة بمحافظات أخرى في تلعفر أو سهل نينوى وسامراء، وهذا يؤثر على المكون السُني وعدد مقاعده في الانتخابات".
ويذكر أنه من الناحية الإدارية تم توزيع مناصب المحافظة بين الأطراف الرئيسة في إقليم كردستان الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية.
وتشمل محافظة حلبجة مركز قضاء حلبجة والنواحي الثلاث (سيروان، خورمال، وبيارة)، وتلحق بها أقضية: حلبجة وشاربازير وبينجوين وسيد صادق، وهي أقضية كانت مرتبطة إداريا بمحافظة السليمانية.
وبحسب إحصاء رئاسة البلدية فإن عدد سكان حلبجة ومحيطها يبلغ نحو 200 ألف شخص، فيما يضم مركز قضاء حلبجة 14 ألف أسرة تتألف من 66 ألف شخص.
وكان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني طالب العام الماضي، الحكومة الاتحادية بإنجاز الخطوات كافة لتحويل حلبجة إلى المحافظة العراقية الـ19.
ويذكر أن نوابا كردا، لوحوا مطلع 2024، بالتوجه للمحكمة الاتحادية، في حال عدم تسريع إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة، فيما انتقدوا عدم تعامل البرلمان معها كمحافظة.
وينقسم العراق إلى 18 محافظة، وفي حال اعتماد حلبجة محافظة ستكون 19، وهذه المحافظات بدورها تنقسم إلى أقضية وإلى تقسيمات أُخرى أقل شأنا تُسمى نواحي.