دعوات التصويت بـ"لا" على التعديلات الدستورية تربك خطط الحكومة المصرية

القاهرة - طغت الرغبة للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية على دعوات المقاطعة التي كانت حاضرة خلال انتخابات الرئاسة العام الماضي، ودعت إليها بعض القوى خلال انتخابات مجلس النواب في العام 2015، بما يشي بأن هناك تغيرا طرأ في أسلوب الاعتراض الذي انتهجه معارضون في مناسبات سياسية سابقة.
وما إن أعلن البرلمان موافقته النهائية على إجراء تعديلات تسمح ببقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي في السلطة إلى عام 2030، حتى اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات شددت على أهمية النزول والمشاركة بـ“لا” على الاستفتاء. ودعت الهيئة العليا للانتخابات، الأربعاء، المواطنين المقيدة أسماؤهم في قاعدة بيانات الناخبين، والبالغ عددهم (61 مليونا)، للمشاركة.
وبرر مواطنون، من خلال هاشتاغ “#لا_للتعديلات_الدستورية”، مشاركتهم في الاستفتاء بالرغبة في عدم ترك الساحة خالية للمؤيدين، والتي انعكست على نسب نجاح السيسي في الانتخابات السابقة، بعد أن تخطت حاجز الـ97 بالمئة.
وانصبت النقاشات بين المعارضين حول الطريقة الأمثل للاعتراض. واختار البعض المشاركة في الحملات الإلكترونية التي دشنها معارضون في الخارج من خلال حملة “باطل”، كإجراء موازي وافتراضي في الوقت ذاته.
ورأى البعض الآخر أهمية الاستمرار في المقاطعة، فيما ذهب قطاع ثالث لضرورة الحفاظ على الزخم الشعبي أمام صناديق الاقتراع كوسيلة لحمايتها من التلاعب.
وذهب مراقبون للتأكيد على أن أساليب الحشد التي تستخدمها دوائر قريبة من الحكومة، واستغلال نفوذ نواب البرلمان الموالين لها لجذب أتباعهم في مناطق تواجدهم، والتهديد بفرض غرامات نتيجة المقاطعة، من العوامل التي دفعت قطاعات واسعة للاتجاه نحو النزول والمشاركة أملا في إيجاد كتلة قوية رافضة في مقابل التأييد المطلق في صناديق الاقتراع.
ويشكل عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية سمة سائدة في المجتمع المصري، في ظل غلق المجال العام، والانشغال بالضغوط الاقتصادية وكيفية التغلب عليها.
ويبدو أن النظرة، التي ظلت طاغية خلال السنوات الماضية، تمر بمرحلة مراجعة شعبية في الوقت الحالي، وهو ما أكده أحمد إبراهيم، 37 عاما، يعمل بإحدى شركات الحاسب الآلي، حيث قرر المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتصويت بلا.
ويقول لـ“العرب”، إن الاحباطات المتتالية نتيجة صعوبة الأوضاع المعيشية وعدم وجود آليات ديمقراطية للتعبير عن الرأي لا يجب أن تؤدي في النهاية إلى الموت السريري الذي يعاني منه المجتمع حاليا.
وأضاف أن المشاركة بـ“لا” توجه رسالة قوية للحكومة، مفادها أن هناك حالة رفض شعبي يجب أن تضعها في الحسبان.
ويشير متابعون إلى أن أسلوب الدعاية الذي انتهجته قوى سياسية محسوبة على الحكومة، كان دافعا لإثارة المواطنين نحو المشاركة بـ“لا”، لأن الدعاية التي انتشرت قبل انتهاء البرلمان من مناقشة التعديلات وحملت شعار “اعمل الصح”، استفزت العديد من المواطنين الذين رأوا أن “لا” تشكل ردا مناسبا على اللافتات التي غطت غالبية جدران البنايات والشوارع في المدن والمراكز والقرى.
ومع أن حالة الجدل التي تثار في أوساط الطبقة المثقفة أو التي لديها تواجد كبير على مواقع التواصل الاجتماعي لا تلقى صدى واسعًا لدى نظيرتها في المناطق الريفية أو الفئات غير المهتمة بالشأن السياسي، غير أنها تشكل في الوقت ذاته رغبة في تحريك المياه الراكدة منذ سنوات، وقد تكون بداية عمل سياسي في المستقبل.
والتقطت قوى معارضة بوادر الزخم، ودعمته وقد تستفيد منه في الأيام المقبلة، بعد أن أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم نحو 150 شخصية عامة وسياسية و11 حزبا، مشاركتها في الاستفتاء، ودعت بالتصويت عليها بـ“لا”. وشددت حركة “6 أبريل” وأحزاب الدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية وتيار الكرامة وحركة الاشتراكيين الثوريين على ضرورة المشاركة بـ“لا”، الأمر ذاته أيده تكتل “25/ 30” المعارض في البرلمان، ويعول على رفض التعديلات شعبيا بعد أن فشل نواب المعارضة في إيقافه برلمانيا.
قال مجدي عبدالحميد، المتحدث باسم الحركة المدنية، لـ“العرب”، إن المعارضة تشجع على المشاركة بعد أن تحول سلاح المقاطعة إلى عزوف عام، من دون أن تكون هناك نتائج إيجابية من هذا الموقف. ويراهن البعض على أن التفاعل مع الاستفتاء يمكن أن يفضي إلى حركة نشطة في الشارع، تجبر الحكومة على زيادة سقف الحريات.