دعم مغربي عاجل يعطي دفعة قوية للنشاط الزراعي

الحكومة تعتمد خطة بقيمة 742 مليون دولار لإنعاش القطاع ودعم إنتاج المحاصيل وتموين الأسواق.
السبت 2024/10/12
إمدادات المياه قبل كل شيء

أعطت القرارات العاجلة للحكومة المغربية، بغية دعم الزراعة وتنشيطها، العاملين في القطاع الزراعي فرصة لالتقاط الأنفاس بعد أن راكموا الكثير من الضرر بسبب الجفاف، وسط اهتمام رسمي بتنمية إنتاج المحاصيل ضمن خطة بعيدة المدى لدرء مخاطر الأمن الغذائي.

الرباط- تلقت الزراعة في المغرب دفعة قوية من قبل الحكومة بعدما خصصت تمويلا عاجلا لمساعدة العاملين في القطاع والتحكم في الأسعار بشكل أكبر، في تحرك يعكس مدى حرص المسؤولين على تخفيف تداعيات أزمة الاحتباس الحراري على هذا المجال الإستراتيجي.

وأعلنت الحكومة خلال اجتماع مع مهنيي القطاع الخميس إطلاق خطة عاجلة بقيمة 7.3 مليار درهم (742 مليون دولار) لدعم الإنتاج الزراعي، وضمان تموين الأسواق استعدادا لانطلاق الموسم الجديد. وتأتي الخطة التي لم تحدد تفاصيلها بعد، عقب خمس سنوات من الجفاف الحاد، والذي أثر على كل مكونات القطاع، بحسب بيان لرئاسة الحكومة.

ويشكل القطاع أهمية كبيرة بالنسبة إلى اقتصاد المغرب، إذ يسهم بنحو 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويمثل أداؤه دورا حاسما في النمو الاقتصادي، باعتبار أن 40 في المئة من السكان يعيشون في القرى، و75 في المئة منهم يؤمّنون دخلهم من الزراعة.

محمد صديقي: تنفيذ الخطة سيتم بطريقة مُتحكم فيها للحفاظ على الإنتاج
محمد صديقي: تنفيذ الخطة سيتم بطريقة مُتحكم فيها للحفاظ على الإنتاج

وتسعى البلاد عبر دعم القطاع إلى المساهمة في خفض أسعار المنتجات الزراعية وحماية الرصيد الحيواني وإعادة تشكيله، إضافة إلى تعزيز مناعتهما في مواجهة سياق عالمي غير ملائم يتسم بالتغيرات المناخية وندرة المياه، وفقا لبيان رئاسة الحكومة.

وتشمل الخطة مختلف السلاسل الحيوانية مثل الحليب واللحوم الحمراء والدواجن والسلاسل النباتية مثل الزيتون والحوامض ونخيل التمر والخضر والنباتات السكرية والأرز والحبوب.

وأكد وزير الفلاحة محمد صديقي بعد الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن المساحات المروية تراجعت من 1.8 مليون هكتار إلى أقل من 400 ألف هكتار.

وأوضح في تصريحات صحفية أن كمية المياه المستخدمة في الري لا تتجاوز 700 مليون متر مكعب مقابل 3.5 مليار إلى 4 مليارات متر مكعب في المواسم العادية من قبل.

وأشار إلى أن هناك بوادر إيجابية تلوح في الأفق للموسم الحالي بفضل الأمطار التي شهدتها الأقاليم الجنوبية مؤخرا، والتي من شأنها إنعاش الطبقة المائية ورفع مستوى مخزون السدود، ما سيساهم في استعادة القطاع فاعليته وإيقاعه المعتاد.

ولم يُغفل الاجتماع قضية تنمية الثروة الحيوانية، إذ تم تدارس الإجراءات ذات الأولوية للحد من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية. واعتبر صديقي أن خفض كلفة الإنتاج وفتح الأسواق لاستيراد المنتجات على رأس التدابير.

وقال “سيجري تنفيذها (الخطة) بطريقة مُتحكم فيها للحفاظ على المنتجات المحلية، لاسيما قطعان المواشي، وإعادة تشكيلها لخفض الأسعار للمستهلكين والفلاحين على حد سواء”.

وخلال أول تسعة أشهر من 2024 زادت واردات المغرب من الحبوب بواقع 28 في المئة بمقارنة سنوية لتبلغ 8 ملايين طن بحسب بيانات الجامعة الوطنية لتجار الحبوب، في وقت تأثرت فيه المحاصيل المحلية، لتنخفض إلى أدنى مستوى منذ عقدين.

14

في المئة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سنويا، وفق التقديرات الرسمية

ووفق وزارة الفلاحة تراجع إنتاج الحبوب في الموسم الماضي بنسبة 43 في المئة على أساس سنوي ليبلغ 31.2 مليون قنطار (3.12 مليون طن).

ويعد الموسم الأخير الأسوأ في إنتاج الحبوب منذ 17 عاما تقريبا، وهو ما دفع البلد إلى استيراد 75 في المئة من استهلاكه السنوي المقدرة بأكثر من 10 ملايين طن في المتوسط، نصفها من القمح.

ويعود أحدث أضعف موسم حبوب سُجل في المغرب إلى 2007 حين بلغ الإنتاج 2.4 مليون طن، إذ لا يحقق المغرب الاكتفاء الذاتي بالنظر للطقس غير الملائم وتفضيل الفلاحين لزراعات أخرى أعلى ربحا.

وحتى في السنوات التي يحقق فيها البلد إنتاجا كبيرا فهو يلجأ إلى الاستيراد، ويحرص على تنويع مصادر التموين لتلبية الطلب وزيادة الاحتياطيات.

وفي العام الماضي بلغت كلفة استيراد القمح الأكثر استهلاكا حوالي 1.9 مليار دولار، بانخفاض 25.3 في المئة على أساس سنوي، بينما ناهز دعم الحكومة لأسعار الدقيق ودعم المستوردين 390 مليون دولار.

وتقول الحكومة إنها ستتبع تنفيذ مختلف الإجراءات ‏المستعجلة ضمن الخطة الجديدة، للمساهمة في خفض أسعار المنتجات بهدف “الحفاظ على القدرة الشرائية‎، وضمان التموين ‏المستمر والكافي للأسواق”.

وساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في تسارع التضخم الأساسي في أغسطس الماضي على أساس سنوي، إلى 2.6 في المئة، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن مندوبية التخطيط.

رشيد بنعلي: خفض الأسعار أولوية وخاصة منتجات القطاع الحيواني
رشيد بنعلي: خفض الأسعار أولوية وخاصة منتجات القطاع الحيواني

ورغم أن البلاد تترقب أن يحقق النمو الاقتصادي تسارعا خلال الربع الثالث من هذا العام ليبلغ 2.8 في المئة، فإنها تتوقع أن تنخفض القيمة المضافة للزراعة بنسبة 4.1 في المئة بين يوليو وسبتمبر الماضيين بمقارنة سنوية بعد انكماش بنسبة 4 في المئة خلال النصف الأول.

وأفاد رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، رشيد بنعلي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية بأنه تم خلال الاجتماع بحث الإجراءات التي من شأنها خفض أسعار المنتجات الزراعية، بما في ذلك اللحوم.

وأشار كذلك إلى مناقشة سبل تعبئة الموارد المائية للموسم الزراعي المقبل. وقال إن “الاجتماع يأتي في سياق المجهودات المتواصلة التي تبذلها الحكومة بالتعاون مع المهنيين لمعالجة الإشكاليات التي يعاني منها القطاع الزراعي”.

وذكر بنعلي أن الاجتماع السابق في أبريل 2023 أسفر عن إجراءات ملموسة أسهمت في خفض أسعار العديد من المنتجات الزراعية مثل الخضر، رغم ارتفاع أسعارها على المستوى العالمي.

ويعد استخدام تقنيات الري بالتنقيط وترشيد المياه عن طريق إعادة تأهيل البنية التحتية، واستكشاف مصادر بديلة، على غرار الأمطار، من الطرق التي من شأنها تمكين المزارعين المغاربة من تعزيز قدرتهم على الصمود والحفاظ على استدامة إنتاجهم.

كما يتم بذل جهود ملحوظة لتطوير البنية التحتية اللازمة، مثل مرافق تحلية مياه البحر واستغلال الطاقات المتجددة، وكلها مشاريع هيكلية تهدف إلى تأمين التزويد بالماء وتقليل الاعتماد على الموارد المائية المعرضة للتقلبات المناخية. ويمتلك البلد 9 محطات لتحلية مياه البحر بقدرة 147 مليون متر مكعب سنويا، إلى جانب ثلاث محطات أخرى مخصصة للإنتاج الزراعي والصناعي.

10