دعم مغربي طارئ لتعزيز المرونة المالية للقطاع المصرفي

القرار سيزيد من قدرة البنوك على التأقلم مع أي صدمات محتملة.
الاثنين 2023/04/10
الحصن الأول ضدّ التقلبات

قدمت السلطات النقدية المغربية دعما كبيرا للقطاع المصرفي بضخ سيولة كبيرة للمحافظة على استقرار البنوك وفي الوقت ذاته تأمين استدامة نشاطها بوتيرة عادية، في تحرك اعتبره خبراء خطوة وقائية لضمان استقرار السوق المحلية.

الرباط – سعى المغرب مرة أخرى لإظهار قوة إستراتيجيته الاستباقية من خلال ضخ سيولة نقدية في القطاع المصرفي لدعم مرونته بما يؤكد أن اقتصاد البلاد في مأمن من الصدمات والتقلبات الخارجية رغم مشاكل التضخم التي تشكل أكبر تحد للحكومة.

وفعّلت الحكومة إجراء قانونيا يتيح للبنك المركزي منح سيولة مستعجلة بضمان من الدولة، لفائدة البنوك المحلية، وخاصة للمقرضين الذين يواجهون صعوبات في السيولة، وتكون ملاءتها محل شك.

وهذا الإجراء منصوص عليه في القانون الأساسي للبنك المركزي منذ سنوات، ولكن تطبيقه بقي رهنا لصدور مرسوم من طرف الحكومة يُوضّح شروط منح الضمان لتغطية السيولة المستعجلة الممنوحة للبنوك.

وجاء تفعيل الخطوة بعد وقت وجيز من موافقة صندوق النقد الدولي على حوصل الرباط على خط ائتمان مرن بقيمة خمسة مليارات دولار لمدة عامين كانت قد طلبته الحكومة الشهر الماضي بغية مواجهة التحديات المالية التي تعترضها وفي مقدمتها التضخم.

عمر باكو: توقيت تفعيل الإجراء مقترن بأوضاع الأسواق الدولية
عمر باكو: توقيت تفعيل الإجراء مقترن بأوضاع الأسواق الدولية

وشكل هذا الدعم تأكيدا على أن الإصلاحات الهيكلية تمهد الطريق تدريجيا نحو اقتصاد أكثر شمولا خاصة مع إبقاء ستاندرد آند بورز على التصنيف الائتماني السيادي للبلد دون تغيير عند بي.بي+/بي مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وربط الخبير الاقتصادي عمر باكو في حديث مع اقتصاد الشرق من بلومبرغ توقيت تفعيل الإجراء الأخير للبنك المركزي بأوضاع الأسواق الدولية مؤخرا.

وقال “شهدت الأسواق أزمة بنك عريق مثل كريدي سويس، وبنك مقرض لشركات التكنولوجيا الناشئة مثل سيليكون فالي، وتدخل الدول والبنوك المركزية لتخفيف آثار هذه الأزمة لتفادي استفحالها”.

وأوضحت الحكومة في بيان عقب المصادقة على المرسوم أواخر الأسبوع الماضي، أن الضمان الذي تمنحه الدولة للبنك المركزي المغربي بشكل استثنائي في إطار الحفاظ على الاستقرار المالي، يهدف إلى الحفاظ على المتانة المالية له بعد توفير السيولة الطارئة للبنوك.

وأشار باكو إلى أن هذه الخطوة “استباقية ووقائية” من قبل الدولة والبنك المركزي، حيث يسعيان بكل جهد من أجل ضبط بوصلة نشاط الاقتصاد دون أن تتأثر بالصدمات الخارجية التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم

وقال “حاليا لا وجود لأي مؤشرات على أزمة في القطاع المصرفي، من قبيل عمليات سحب ضخمة للأموال أو انخفاض في الودائع أو ارتفاع كبير في الديون المتعثرة التي قد تؤثر على الوضعية المالية للبنوك، لذلك يبقى تفعيل هذا الإجراء أمرا استباقيا.. وهو مطلوب”.

وتحاول السلطات النقدية بكل الطرق من أجل بناء حصن أمام منغصات التضخم الذي بلغ 9.4 في المئة بنهاية الربع الأول من هذا العام مقابل 4 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي حسب المندوبية السامية للتخطيط.

وازداد التضخم مع الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات الغذائية نحو 18.2 في المئة في شهر رمضان الذي عادة ما يرتفع فيه مستوى الاستهلاك.

ويُضاف إجراء منح سيولة عاجلة للبنوك إلى التدخلات العادية للمركزي التي تُتيحها السياسة النقدية، سواء عبر التمويلات الأسبوعية أو شراء سندات الخزينة التي لجأ إليها المركزي بشكل كبير بداية العام الجاري.

الخطوة ستدعم ثقة الفاعلين الاقتصاديين بالقطاع المصرفي أكثر كونه يُمثل حجر الزاوية في الاقتصاد المغربي

وقال يونس عصامي مدير العمليات النقدية والصرف في المركزي حينها إن البنك “يعتزم شراء سندات خزينة من البنوك في السوق الثانوية بما قيمته نحو 25 مليار درهم (2.5 مليار دولار)، وذلك بهدف ضخ سيولة من دون التأثير في أسعار الفائدة”.

ولجأ المركزي إلى هذا الأمر للمرة الأولى من خلال عمليتين، إذ اشترى في الأولى ما قيمته 1.6 مليار دولار من السندات لدى البنوك لأجل 6 أشهر ونصف الشهر وبعائد 3.34 في المئة، فيما اشترى في الثانية سندات لأجل 3 أشهر وبعائد 3.16 في المئة.

وجاء هذا التحرك بعدما رفع البنك العام الماضي سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2.5 في المئة، وهي المرة الأولى التي لجأ فيها إلى زيادة الفائدة منذ عام 2008.

وكان مجلس إدارة البنك قد ثبت سعر الفائدة منذ شهر يونيو 2020 عندما خفّضها بمقدار 50 نقطة إلى 1.5 في المئة لدعم اقتصاد البلاد الذي تضرّر من جائحة كورونا.

ومن وجهة نظر باكو فإن “تفعيل الإجراء الجديد سيدعم ثقة الفاعلين الاقتصاديين بالقطاع البنكي كونه يمثل حجر الزاوية في الاقتصاد المحلي”، وهذه “إشارة من الدولة بدعم البنوك في حال مواجهة أي أزمة محتملة على مستوى السيولة”.

ولمنح ضمان الدولة لفائدة المركزي بهدف توفيره سيولة عاجلة للبنوك يجب أن تتوفر عدّة شروط، مثل أن يكون الأمر مرتبطاً بالاستقرار المالي، وأن تكون المؤسسة المصرفية معنية بمواجهة مشاكل سيولة تؤثر على ملاءتها. وبالإضافة إلى ذلك كله استنفاد جميع الوسائل الأخرى الممكنة لإعادة التمويل قبل طلب ضمان الدولة من قبل البنك المركزي، وفقاً للمرسوم الجديد.

ويوضح المرسوم كذلك أن ضمان الدولة مدّته ثلاثة أشهر يمكن تمديدها بعد موافقة وزارة الاقتصاد والمالية، على أساس أن يمنح الضمان لكل حالة على حدة بعد طلب يقدّمه المركزي مع عمولة تتحمّلها المؤسسة البنكية المستفيدة من السيولة الطارئة.

هه

ويمكن أن يتوقف ضمان الدولة بانتهاء السيولة الطارئة أو بعد سدادها بشكل مُبكر. وفي دعم جديد من البنك الدولي بمساندة إصلاحات الشمول المالي والرقمي في المغرب وافق مجلس إدارة البنك الأسبوع الماضي على منح قرض بقيمة 450 مليون دولار، بهدف استفادة الأفراد والمؤسسات من الخدمات المالية والرقمية.

ويساعد الشمول المالي في الحصول على مجموعة متنوعة من الخدمات المالية مثل التحويلات المالية وعمليات الادخار والتأمين والائتمان للفئات السكانية الأكثر احتياجا.

وذكر البنك في بيان أن “مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الدولي أجاز تمويلا ثالثا لأغراض سياسات التنمية في المغرب، إضافة إلى التمويلين السابقين”.

وكان التمويل الأول للمغرب خلال يونيو 2020 بقيمة 48 مليون دولار، والثاني خلال يونيو 2021 بقيمة 450 مليون دولار.

وأوضح البنك أن “سلسلة تمويل مشروعات الحكومة المغربية ساندت في تنفيذ إصلاحات للارتقاء بمستوى الشمول المالي، وريادة الأعمال الرقمية، وإتاحة البنية التحتية والخدمات الرقمية للأفراد والمؤسسات”.

11