دعم مصر للبرلمان ومجلس الدولة يعكس موقفا سلبيا تجاه الانتخابات الليبية

تنظر مصر إلى البرلمان الليبي كورقة مهمة لا تريد خسارتها لذلك تؤيد تحركاته مع مجلس الدولة التي ينظر إليها كمماطلة وتسويف للانتخابات رغم الإصرار الدولي على ضرورة المضي قدما نحو الانتخابات لتجديد الأجسام المنتهية ولايتها وتشكيل حكومة دائمة تقطع مع المراحل الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ سقوط النظام السابق في 2011.
طرابلس - أكد موقف وزارة الخارجية المصرية الداعم لتحركات البرلمان ومجلس الدولة في ليبيا ما يتواتر من أنباء الفترة الماضية بشأن وقوف القاهرة خلف مماطلتهما للانتخابات بالإصرار على تشكيل حكومة جديدة وتجاهل إصدار القوانين الانتخابية.
وتسعى القاهرة للتأكيد أنها طرف رئيسي في معادلة ليبيا وأن سحب أي من أوراقها المهمة لن تصمت عليه طويلا، وهو ما كشفه بيان للخارجية المصرية، الجمعة، تمسكت فيه القاهرة بدور مجلس النواب (ومجلس الدولة) باعتباره الجسم الوحيد الذي يحظى بدستورية قانونية، حيث جرى انتخابه مباشرة من الشعب الليبي.
ومع الهدوء الظاهر في علاقة القاهرة مع حكومة عبدالحميد الدبيبة التي سحبت اعترافها بها بعد انتهاء ولايتها العام الماضي، إلا أن اعتراض مصر على تحركات رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي ورغبته في تحييد مجلسي النواب والدولة جاء موجها للدبيبة ويشي بأن الخلاف حول وجوده لم ينته تماما.
ويعني تأييد القاهرة خطة المجلسين لتشكيل حكومة مستقلة تشرف على إجراء الانتخابات أنها لا تزال تمانع استمرار الدبيبة، على الرغم من قيام الرجل بإيداع 700 مليون دولار في البنك المركزي المصري وأعاد النشاط الاقتصادي بين البلدين.
وأرسل تمسك القاهرة بمجلسين متهمين بالتورط في عرقلة عملية الانتخابات بإشارات سلبية، ففي وقت تريد فيه تسوية سياسية تعمل على استمرارهما بحجة أن لدى مجلس النواب شرعية دستورية ولدى مجلس الدولة أهمية مستمدة من اتفاق الصخيرات.
وأكد بيان الخارجية المصرية دعم الدولة الكامل لمسار الحل الليبي - الليبي، واحترام دور المؤسسات الليبية عند اضطلاعها بمهامها دون إملاءات أو تدخلات خارجية من أي طرف، في إطار متابعة تطورات الإعداد للاستحقاقات الانتخابية في ليبيا وجهود المؤسسات الليبية ذات الصلة والتفاعلات الدولية المرتبطة بذلك.
وأوضح البيان أن القاهرة تؤكد الدور المحوري لمجلسي النواب والدولة وفقا لصلاحياتهما في اتفاق الصخيرات من أجل استيفاء جميع الأطر اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في ليبيا في أقرب وقت.
وينزع تهميش دور مجلس النواب من القاهرة واحدة من أدواتها المهمة على الساحة الليبية، إذ ترتبط بعلاقات قوية مع رئيس البرلمان عقيلة صالح، وتمر علاقتها بحليفها الآخر قائد الجيش الليبي خليفة حفتر بدرجة عالية من التذبذب.
ودعت مصر جميع الأطراف الدولية إلى احترام إرادة الشعب الليبي، وعدم اتخاذ إجراءات تتجاوز دور المؤسسات الوطنية، تفاديا لتعقيد الموقف، وحرصا على استقرار ليبيا وسيادتها وتحقيقا لتطلعات الشعب الليبي.
وأثار تصريح الناطق باسم البرلمان عبدالله بليحق بنفي فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة استغراب المتابعين للشأن السياسي في ليبيا، حيث أن البعثة الأممية حذرت من «خطوات أحادية الجانب» في إشارة للسعي لتشكيل حكومة جديدة وهو ما تضمنته مراسلة رئيس البرلمان عقيلة صالح للجنة 6+6، ولم تتحدث عن ترشحات.
ونفى مجلس النواب الليبي، الخميس، حديث البعثة الأممية عن قيامه بفتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة تشرف على الانتخابات المنشودة في البلاد.
وأعلنت خمس دول غربية دعمها لجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا عبدالله باتيلي، في ما يتعلق بإشراك جميع الأطراف في معالجة النقاط المختلف عليها بقوانين لجنة 6+ 6 لجعلها قابلة للتنفيذ.
وأكدت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في بيان مشترك على معالجة جميع العناصر المتنازع عليها في الإطار الانتخابي لجعلها قابلة للتنفيذ.
ودعت سفارات الدول الخمس، وهم أعضاء مجموعة 3+2 الأعضاء الدائمون بمجلس الأمن، فضلا عن ألمانيا وإيطاليا، إلى أن ينصب تركيز قادة ليبيا على العمل للاستجابة لمطالب الليبيين المستمرة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن، ومشاركة جميع الأطراف بشكل بناء مع عبدالله باتيلي من أجل تأمين البيئة السياسية والأمنية والقانونية اللازمة لتلبية هذا الطلب.
وأكد الباحث في الشؤون الليبية كامل عبدالله إن البيان المصري جاء ردا على بيان الدول الغربية الخمس التي أعلنت “رفضها هيمنة مجلسي النواب والدولة واحتكارهما للعملية السياسية، على الرغم من عدم قدرة المجلسين حتى الآن على التوافق”.
وأضاف لـ”العرب” أن القوى الغربية وجهت رسالة إلى المجلسين عبر بيان أكدت فيه ضمنيا “هيمنتها على العملية السياسية في ليبيا عبر الأمم المتحدة التي تتولى قيادة جهود الوساطة وتيسير الحوار بين الأطراف الليبية”.
وشدد على أن القاهرة ومؤسسات ليبية، ممثلة فى مجلسي النواب والدولة، ترفض السيطرة الغربية على العملية السياسية وعدم إقرار أي ترتيبات في ليبيا من دون موافقتها، كما هو حاصل منذ انطلاق عملية الحوار الليبي قبل نحو ثمانية أعوام.
مجلس النواب الليبي، نفى الخميس، حديث البعثة الأممية عن قيامه بفتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة
وينبع الموقف المصري الداعم للمؤسسات الليبية من إدراك القاهرة لخطورة تقويض المؤسسات الوطنية والتأثير السلبي لذلك على الدولة الليبية، فإهمالها كان سببا رئيسيا لتقويض مخرجات عمليات الحوار التي جرت برعاية الأمم المتحدة السنوات الماضية.
واعتمد مجلس النواب في جلسة عقدها في بنغازي بشرق ليبيا، خارطة طريق تؤدي إلى الانتخابات، تحدد شروط وطريقة الترشح لرئاسة الحكومة التي ستشرف عليها، مصحوبة بملاحظات أُحيلت إلى مجلس الدولة.
وتعد هذه الخطوة من مخرجات لجنة 6+ 6 المشكّلة من ممثلين عن مجلسي النواب والدولة، التي انتهت منذ أسابيع من القوانين التي تجرى بموجبها الانتخابات المقبلة.
وأعلن المجلس الأعلى للدولة في الحادي عشر من يوليو اعتماد خارطة طريق تنص على إجراء الانتخابات بعد 240 يوما من الموافقة على القوانين الانتخابية، وأجّل مجلس النواب وقتها مناقشة الخارطة وإبداء موقفه منها إلى جلسة الثلاثاء الماضي.
وتأتي تحركات البعثة الأممية ضمن جهود حل أزمة الصراع على السلطة المنقسمة بين حكومة عيّنها مجلس النواب ثم أقال رئيسها فتحي باشاغا في مايو الماضي وتكليف وزير المالية أسامة حماد، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة التي انتهت ولاياتها منذ عام.
وقال جلال الشويهدي، رئيس لجنة 6+6 عن النواب، “المبعوث الأممي هو المعرقل الأول والرئيسي للانتخابات في ليبيا، لمحاولته التحكم في العملية السياسية”.
وشدد على ضرورة أن تكون هناك حكومة جديدة موحدة لأن “هدفنا الأساسي هو الوصول إلى انتخابات، ووجود حكومتين بالشرق والغرب لن يؤدي إليها”.