دعم العاملات المرضعات ضرورة ملحة في المغرب

منظمة الصحة العالمية تدعو إلى ضرورة الدفاع عن حقوق الأمومة الداعمة للرضاعة الطبيعية.
السبت 2023/08/19
التوفيق بين العمل والأمومة

الرباط - تجد المرأة العاملة المرضعة ، بعد انتهاء عطلة الأمومة، نفسها عالقة بين متطلبات العمل وتبعاته، ومسؤولية رعاية طفلها وتمكينه من حقه في الرضاعة الطبيعية، خاصة في الأشهر الأولى من عمره التي تعد أساسية لنموه السليم وفق الأخصائيين في مجال الصحة.

تقول رئيسة المنظمة الديمقراطية للمرأة العاملة إيمان غانمي، بشأن الصعوبات التي تواجه النساء العاملات المرضعات، إن واقع الحال يثبت في الكثير من الحالات أنّ الرضاعة الطبيعية والعمل أمران لا يمكن التوفيق بينهما، خصوصا بعد انتهاء إجازة الأمومة حيث تتحتم على الأم العودة إلى عملها، وهو ما يحرم الطفل من الاستفادة من الفوائد الصحية العديدة للرضاعة الطبيعية، ويمنع المرأة العاملة من تحقيق التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية.

وأشارت إيمان غانمي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى ضرورة التمييز في هذا الصدد بين الحرص على ضمان الممارسة الفعلية للحق في الرضاعة أثناء فترات العمل، وبين مجرد الاعتراف بهذا الحق، مستحضرة العديد من الضغوط والإكراهات التي تعاني منها المرأة العاملة، في ظل “تنصل العديد من المؤسسات من المقتضيات القانونية ذات الصلة، واستخفاف بعض المشغلين بها لضعف العقوبات الزجرية والثغرات القانونية التي يُستوجب تداركها”.

ولئن كان المغرب قد التزم بهذا الحق واعتبره من أهم الحقوق المكتسبة للعاملة المرضعة أثناء عملها، بغض النظر عن طبيعة ومدة عقد عملها الذي يربطها بالجهة المشغلة، فإن ما يقوم به بعض أرباب العمل والمؤسسات المشغلة جعل “ممارستها (العاملة المرضعة) الفعلية لهذه الحقوق أمرا صعبا إن لم نقل مستحيلا”، حسب قول غانمي.

المرأة العاملة المرضعة تجد نفسها عالقة بين متطلبات العمل وتبعاته، ومسؤولية رعاية طفلها وتمكينه من حقه في الرضاعة الطبيعية

وحول مدى فاعلية النصوص الداعمة للعاملة المرضعة في مدونة الشغل الجاري بها العمل في المغرب، أبرزت غانمي أن المشرع نص على وجوب توفير قاعة خاصة للرضاعة داخل كل مؤسسة يتجاوز عدد الأجيرات فيها 50 أجيرة، موضحة أن هذا الشرط يؤدي في الواقع إلى حرمان العاملة المرضعة من الاستفادة من حقها في إرضاع طفلها في الحالة التي لا يصل فيها عدد الأجيرات إلى 50.

وفي ما يخص الحلول المقترحة الكفيلة بحماية حقوق الأمومة والطفولة أبرزت غانمي أن الآليات التي من شأنها تذليل الصعوبات التي تحول دون ممارسة العاملة لحقها الطبيعي في الرضاعة تتراوح بين نوعين؛ ردعية وطوعية، موضحة أن الآليات الردعية تتجسد في تقوية دور جهاز تفتيش مواقع العمل في الحرص على احترام وتطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بعلاقات الشغل الفردية والجماعية، سواء من خلال شكايات النساء العاملات المرضعات أو من خلال ما يكتشفه من خرق لهذا الحق أثناء الزيارات التفقدية لأماكن العمل.

أما الآليات الطوعية، حسب المتحدثة، فيمكن تلخيصها في تبني مفهوم “المؤسسة الصديقة للأسرة”، لكون المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة تفرض عليها تخصيص فضاءات للحوار والتنسيق مع العاملة المرضعة وتوزيع فترة الرضاعة بما يتناسب مع ظروفها ويخدم مصلحة الطفل. هذا إلى جانب العمل على تجويد النصوص القانونية ذات الصلة، وتمديد مدة استفادة الأم العاملة المرضعة من وقت الإرضاع إلى سنتين كاملتين، وتجاوز تحديد المشرع لعدد 50 أجيرة في المادة 162 من مدونة الشغل، والاكتفاء بإلزام المؤسسات بإنشاء قاعات خاصة بالإرضاع بغض النظر عن عدد الأجيرات العاملات.

وتدعو منظمة الصحة العالمية إلى تبني إستراتيجية للدفاع عن حقوق الأمومة الداعمة للرضاعة الطبيعية، من خلال سن تشريعات تنص على إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة لا تقل عن 18 أسبوعاً، ويُستحسن أن تزيد على 6 أشهر.

15