دعم البنوك للوقود الأحفوري يقوض وتيرة إزالة الكربون

باريس- كشف تقرير حديث الاثنين أن البنوك العالمية الكبرى تمعن في تمويل استثمارات قطاع الوقود الأحفوري، الأمر الذي يقوض جهود إزالة الكربون في خضم الزيادات السريعة في الظواهر الجوية المتطرفة وتأثيراتها.
ويؤكد معدو التقرير أن الأموال المخصصة لقطاع النفط والغاز تعمل على تأخير التحول إلى انخفاض الكربون، ولذلك يبدو الأمر كما لو أن المؤسسات المالية تعتمد على الفوضى المناخية.
وأقرضت المؤسسات المصرفية العالمية العملاقةُ، على رأسها شركات أميركية ويابانية، قطاعَ الوقود الأحفوري أكثر من 700 مليار دولار خلال العام الماضي، في منحى يتجه نحو التراجع لاسيّما بين البنوك الفرنسية، وفق ما أفاد به تقرير لتحالف منظمات غير حكومية.
وقالت لوسي بينسون مؤسسة ومديرة منظمة ريكلايم فاينانس، التي شاركت في إعداد تقرير “المراهنة على فوضى المناخ”، إنه “يجب على البنوك التوقف بشكل عاجل عن تمويل التوسع في قطاع النفط والغاز ومنح أفضلية لتمويل الطاقة المستدامة لإنتاج الكهرباء”.
ومنذ توقيع اتفاق باريس حول المناخ في 2015 للحد من احترار المناخ من خلال تحديد هدف 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية، حصلت شركات النفط والغاز والفحم على مليارات الدولارات في شكل قروض وإصدارات أسهم وسندات.
وخلال السنوات السبع التي تلت اعتماد اتفاق باريس، قام أكبر ستين بنكا خاصا في العالم بتمويل الوقود الأحفوري بمبلغ 7.1 تريليون دولار.
وذهب ما يقرب من نصف التمويلات نحو التوسع في استخدام الوقود الأحفوري، على الرغم من اعتراف وكالة الطاقة الدولية بأنه لا يوجد مجال للوقود الأحفوري الجديد في مسار تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050.
ويحلل التقرير السنوي الخامس عشر للأعمال المصرفية المتعلقة بالفوضى المناخية دعم البنوك للوقود الأحفوري، كوسيلة لقياس دعم النظام المالي للمناخ أو في الكثير من الحالات دعم تدمير البيئة.
ويغطي التقرير أكبر 60 بنكا في العالم تقدم قروضا واكتتابا لأكثر من 4200 شركة للوقود الأحفوري، ويتضمن تمويل الشركات التي تسببت في تدهور منطقة الأمازون والقطب الشمالي.
وبلغت الالتزامات المالية للبنوك الستين تقريبا التي شملها التقرير 705.8 مليار دولار العام الماضي بتراجع نسبته 9.5 في المئة على أساس سنوي. وخُصص مبلغ 347 مليار دولار للشركات التي لديها مشاريع توسّعية.
ويُعدّ بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان أكبر مموّل للوقود الأحفوري بحيث استثمر 41 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 5.4 في المئة على أساس سنوي.
وبحسب بيانات جمعتها ثماني منظمات غير حكومية شاركت في إعداد التقرير فإن جي.بي مورغان متقدم على مؤسسة ميتسوبيشي فاينانشل غروب المصرفية وبنك ميزوهو اليابانيين.
وأسوأ ممول للتوسع في الوقود الأحفوري منذ اتفاقية باريس هو سيتي بنك، حيث قدم حوالي 220 مليار دولار منذ عام 2016.
وتعكس الأرقام كذلك انسحابا تدريجيا للبنوك الفرنسية من الاستثمارات في الوقود الأحفوري منذ عام 2020.

وقالت ريكلايم فاينانس إن “أحد التطورات الملحوظة” المسجلة في عام 2023 “هو تراجع التمويل الذي تقدمه البنوك الفرنسية لهذه الشركات”.
وبلغت حصة البنوك الفرنسية الكبرى الستة بي.أن.بي باريبا وكريدي أغريكول وسوسييتيه جنرال وبي.بي.سي أوه وكريدي موتوييل والبنك البريدي، حوالي 40 مليار دولار العام الماضي وفق التقرير، بتراجع بلغ 10 مليارات دولار عن 2022.
وقال ديفيد تونغ، مدير حملة الصناعة العالمية في شركة أويل شانج أنترناشيونال وأحد مؤلفي التقرير “يظهر العلم أن أكثر من نصف الوقود الأحفوري في الحقول والمناجم الحالية يجب أن يبقى تحت الأرض للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية”.
وخلص تحليل لمنظمة رياليتي تشيك إلى أن أيا من شركات النفط والغاز الكبرى التي تم تتبع نشاطها لا تخطط للقيام بأي شيء حتى ولو كان قريبا مما هو مطلوب للحفاظ على ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.