دعم إيران لروسيا يكشف التوسع العسكري المتزايد لطهران في أوروبا

النظام الإيراني يطمح للتوسع عسكريا خارج منطقة الشرق الأوسط.
الاثنين 2022/08/01
المسيرات الإيرانية تستعد للدخول في حرب أوكرانيا

واشنطن - يرى المحلل البريطاني كون كوفلن أن الانخراط الإيراني الذي يزداد تعمقا في دعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا يجب أن يكون بمثابة دعوة إلى القادة الغربيين لليقظة من أن التهديد العسكري الإيراني لم يعد قاصرا فقط على الشرق الأوسط.

وقال كوفلن إنه منذ أن بسط رجال الدين في إيران السيطرة على البلاد قبل أكثر من 40عاما، قصر الحرس الثوري، حامل لواء النظام، أنشطته العسكرية في الغالب على منطقة الشرق الأوسط، سواء كان يشن حربا ضد الدول المجاورة مثل العراق أو يهدد إسرائيل من خلال وكلائه في لبنان وسوريا.

وكانت المناسبات الوحيدة التي غامر فيها الحرس الثوري بالانطلاق إلى خارج منطقة الشرق الأوسط تهدف إلى تنفيذ عمليات إرهابية، مثل تفجير مركز لجالية يهودية في عام 1994 في الأرجنتين أدى إلى مقتل 85 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، أو الموجة الأخيرة من الهجمات الإرهابية التي تم تنفيذها في أوروبا.

الانخراط في دعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا يعكس أن التهديد الإيراني لم يعد قاصرا فقط على الشرق الأوسط

وأضاف كوفلن أنه بناء على ذلك فإن قرار النظام الإيراني تقديم مساندته للهجوم العسكري الروسي ضد أوكرانيا يمثل توسعا ينذر بخطر في الطموحات العسكرية الإيرانية خارج منطقة الشرق الأوسط.

ووفقا لمصادر أمنية غربية، هناك تصعيد ملحوظ في تورط طهران في النزاع منذ قمة حضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران الشهر الماضي، حيث التقى شخصيات رئيسية في القيادة الإيرانية، بمن في ذلك المرشد علي خامنئي ورئيس البلاد المتشدد إبراهيم رئيسي.

واختتمت القمة بإشادة خامنئي بالرئيس بوتين لقيامه بغزو أوكرانيا، وزعم أن روسيا كانت ستصبح ضحية لعدوان حلف شمال الأطلسي (ناتو) لو لم تكن قد أقدمت على اتخاذ الخطوة الأولى.

ويمكن القول إن التعليق الأكثر دلالة من جانب خامنئي خلال الزيارة كان دعوته بأن تزيد إيران وروسيا ما وصفه بـ”تعاون متبادل” بين الدولتين للتصدي لتهديد العقوبات الغربية. وتَمثل أحد المؤشرات الملموسة الأولى على التعاون الآخذ في التوسع بين موسكو وطهران في التوقيع على مذكرة تفاهم في قطاع الطاقة بين عملاق النفط الروسي غازبروم والشركة الوطنية الإيرانية للنفط بقيمة 40 مليار دولار.

وتتعاون روسيا وإيران بالفعل بشأن قضايا الطاقة، حيث تعرض طهران مساعدة روسيا في تجنب العقوبات الغربية التي تم فرضها عقب غزو أوكرانيا من خلال جعل شبكتها العالمية لتهريب النفط متاحة لها.

ويقول مسؤولون أمنيون غربيون إن القلق الآن يتمثل في أن العلاقات التجارية بين الدولتين سوف تؤدي إلى تعاون عسكري أوثق.

وهناك تقارير غير مؤكدة لجماعات المعارضة الإيرانية مفادها أن الحرس الثوري يعتزم إرسال قوات للقتال إلى جانب القوات الروسية، وستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر قوات إيرانية على الأراضي الأوروبية منذ ثورة 1979.

إيران تدخل على خط الحرب الأوكرانية
إيران تدخل على خط الحرب الأوكرانية

وأشار كوفلن إلى أنه من المؤكد أن يقوض إظهار إيران دعمها لروسيا الافتراض القائم منذ فترة طويلة من جانب صانعي السياسة الأميركيين والأوروبيين بأن التهديد الإيراني، من خلال السماح لطهران بامتلاك أسلحة نووية غير محدودة، يتعلق فقط بالشرق الأوسط، وبصفة خاصة بإسرائيل.

وأضاف كوفلن أن الدعم النشط من جانب إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، التي تتلقى دعما عسكريا من حلف الناتو، يدحض تلك الحجة، ويجب أن يدفع المفاوضين الأميركيين والأوروبيين إلى أن يراجعوا بجدية نهجهم بشأن المفاوضات، بوصف ذلك مسألة تخص أمنهم القومي.

ومن المؤكد أن الشراكة العسكرية الآخذة في الاتساع بين روسيا وإيران أخبار سيئة لإدارة بايدن التي استثمرت قدرا كبيرا من رأس المال السياسي في إحياء المحادثات النووية، ولكنها تجد نفسها الآن تحاول أن تتفاوض مع بلد يساند بنشاط خصمها في النزاع الأوكراني.وزاد انكشاف الموقف المرتبك للرئيس بايدن من جانب رئيس وكالة الاستخبارات البريطانية “إم.آي 6” الذي أبلغ الشهر الماضي منتدى أسبن للأمن بولاية كولورادو الأميركية أنه من وجهة نظره، أظهرت إيران اهتماما ضئيلا بالتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد.

وقال رئيس جهاز “إم.آي 6” إنه “لا يعتقد أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية خامنئي يرغب في إبرام اتفاق”، مضيفا “لا أعتقد أن الإيرانيين يرغبون في التوصل إلى اتفاق”.

ومن المؤكد أن يكون مثل هذا التقييم الصريح من جانب رئيس أحد أجهزة الاستخبارات الرئيسية في أوروبا، والذي لديه علاقات وثيقة مع المؤسسة الأمنية الأميركية، بمثابة قراءة محرجة لإدارة بايدن التي لا تزال تعتقد أن النظام الإيراني مستعد لإبرام اتفاق، رغم كل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك.

ويختتم كوفلن بالقول إن حقيقة الأمر هي أنه أصبح من الصعب تماما الدفاع عن سياسة بايدن بشأن إيران، وكلما أدرك عاجلا أن سياسة التودد لطهران محكوم عليها بأن تنتهي بالفشل الذريع، كلما كان ذلك أفضل لكل من يهمهم الأمر.

5