دعامة إماراتية جديدة للنهوض بالتصنيع الفضائي

إيدج تعزز طموحات تنمية القطاع بإطلاق شركة تسهم في تطوير قدرات الدولة وترسخ مكانتها مستقبلا.
الثلاثاء 2024/09/24
من هنا طريق الصعود إلى القمة

قطعت الإمارات خطوة أخرى نحو زيادة زخم صناعة الفضاء الناشئ وترسيخ دعائمه ضمن مسارات التنويع الكثيرة، بتأسيس كيان جديد في تحرك يرى خبراء أنه سيزيد من زخم التنافس بين دول المنطقة وخاصة السعودية على هذا المجال في المستقبل.

أبوظبي - وسعت الإمارات من آفاق الابتكار والاستثمار في مجال الفضاء لترسيخ مكانتها كلاعب مهم بين البلدان المتقدمة في هذا المضمار، خاصة بعد أن وضعت أرضية قانونية متكاملة لجعل هذه الصناعة محركا للنمو الاقتصادي في العقود المقبلة.

وينظر المسؤولون إلى القطاع بأهمية بالغة باعتباره يُستخدم للأغراض العلمية والسلمية، خاصة وأنه محفز للاستثمار ويدعم المجالات الحيوية في الدولة ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة.

وفي تحرك جديد يدعم هذا المسار، أطلقت مجموعة إيدج الإماراتية العاملة في مجال التكنولوجيا المتقدمة والدفاع الاثنين، شركة جديدة أطلقت عليها اسم “فضاء” وهي متخصّصة في قطاع الفضاء، لكن لم تذكر كلفة إنشائها أو حجم الأموال التي ستستثمرها.

ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن وليد المسماري، رئيس قطاع تكنولوجيا الفضاء والأمن السيبراني لدى إيدج، قوله إنه “مع إطلاق فضاء تُعزز إيدج التزامها بريادة التكنولوجيا المتقدمة”.

وليد المسماري: شركة فضاء تؤكد التزامنا بريادة التكنولوجيا المتقدمة
وليد المسماري: شركة فضاء تؤكد التزامنا بريادة التكنولوجيا المتقدمة

وأضاف أن المشروع سيساعد في “إقامة شراكات محلية وعالمية تؤسس من خلالها مرافق من الجيل الحديث لتطوير أنظمة الأقمار الصناعية، بالتوازي مع بناء قوة بشرية عاملة مستدامة وماهرة تساهم في تطوير قطاع الفضاء الوطني”.

وتتمحور مهمة الشركة حول تطوير القدرات الفضائية السيادية في الدولة، والاستفادة من مزايا الشراكات المحلية والدولية، إلى جانب العلاقات الضرورية القائمة على التعاون المشترك والبنّاء عبر نقل التكنولوجيا والمعرفة.

وترمي فضاء إلى تأسيس قطاع سيادي مكتفٍ ذاتيا يُمكنه دعم الأمن وتأمين المتطلّبات التجارية، بما يدعم ريادة دولة الإمارات ودفع عجلة الابتكار والتكنولوجيا الفضائية.

ومن المقرر أن تُؤسس ضمن أهدافها مرافق متقدمة لتطوير وتصنيع وتجميع وتكامل واختبار مختلف أنظمة الأقمار الصناعية، ليصبح مركزاً مُوحّداً لجميع الأنشطة المتعلقة بالفضاء بهدف توفير حلول شاملة للعملاء المحليين والدوليين.

وجاء الإعلان بعد اختيار إيدج في شهر نوفمبر الماضي، كمتعاقد رئيسي ضمن شراكة إستراتيجية مع وكالة الإمارات للفضاء، لتنفيذ برنامج “سرب”.

ويتكون هذا البرنامج من ثلاثة أقمار صناعية ذات ملكية فكرية مملوكة بالكامل ومزودة بحمولات رادارية، وهو من أوائل مشاريع إيدج في مجال الفضاء.

ويهدف “سرب” إلى إطلاق أول قمر صناعي بحلول 2026، كما يشمل خططا لتوسيع التعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى في القطاع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة لتعزيز خبرات البرنامج وقدراته.

ويشكل اقتصاد الفضاء ركيزة أساسية في مسيرة الإمارات للخمسين عاما المقبلة، لبناء اقتصاد متنوع يعزز تنافسية الدولة، عبر تبني تقنيات التكنولوجيا المتقدمة.

كما أنه يدشن مرحلة جديدة من استدامة النمو، بما يرسخ مكانة البلد الخليجي مركزا عالميا للاستثمار والابتكار والمواهب المتخصصة في تطبيقات الفضاء وعلومه.

الأرقام تظهر أن حجم الإنفاق التجاري على اقتصاد الفضاء في الدولة ارتفع إلى (2.96 مليار دولار) خلال سبع سنوات بنهاية عام 2020

وفعليا، تعد الإمارات مركزا إقليميا لخدمات الفضاء والفعاليات والبرامج التعليمية المتخصصة، مع مواصلة تعزيز الاستثمار في العلوم والتقنيات العالية والتكنولوجيا المتقدمة.

وتظهر الأرقام أن حجم الإنفاق التجاري على اقتصاد الفضاء في الدولة ارتفع إلى 10.9 مليار درهم (2.96 مليار دولار) خلال سبع سنوات بنهاية عام 2020.

وتجاوز حجم استثمارات الإمارات في تكنولوجيا الفضاء 5.44 مليار دولار، وتشمل شركة الياه سات للاتصالات والأقمار الاصطناعية، وشركة الثريا للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، ودبي سات للاتصالات اللاسلكية، وفق وكالة الإمارات للفضاء.

ويشمل اقتصاد الفضاء الإماراتي 10 قطاعات توفر إمكانات الاستثمار الأكبر في الدولة، وتشمل تعدين الفضاء والمحطات الفضائية وشركات الفضاء والاستدامة وإعادة التدوير في الفضاء والمستوطنات والسياحة الفضائية والتصنيع وأكاديميات الفضاء.

وتقول وكالة الإمارات للفضاء إن القطاع يُعدّ من الأكثر تقدما في الشرق الأوسط، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات فيه نحو 10.87 مليار دولار، وفق البيانات المنشورة على منصتها الإلكترونية.

وأطلقت الوكالة برنامج مناطق الفضاء الاقتصادية، والذي يشمل تأسيس 6 مناطق اقتصاد فضائية في الدولة، لدعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وتحفيز الاقتصاد الوطني في قطاع الفضاء، من خلال توفير مبادرات ومحفزات اقتصادية.

من المتوقع أن ترتفع قيمة قطاع الفضاء العالمي إلى أكثر من تريليون دولار بحلول 2040 ما يمثل قفزة كبيرة في اقتصاد الفضاء الجديد

وبلغ عدد شركاء البرنامج 13 شريكا إستراتيجيا، في ما بلغ عدد الشركات المشاركة في البرنامج خلال العامين الماضيين أكثر من 180 شركة.

وأسست الوكالة في 2022 صندوقا إستراتيجيا متخصصا لدعم قطاع الفضاء بقيمة 820 مليون دولار يعمل على توفير الموارد المالية وحوكمة إدارتها، وبما يتواءم مع توجه الدولة نحو إيجاد حلول بديلة ومبتكرة، لتمويل المشاريع بمشاركة القطاع الخاص.

وسبق أن صرحت وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة مجلس الوكالة سارة الأميري، بأن بلادها “انتقلت من مستخدم لتقنية الفضاء الخارجي إلى مصنّع لها، وتفوقت على غيرها من الدول في سرعة تطوير قدرات القطاع الخاص والكفاءات العاملة فيه”.

ووفق الأميري، فقد انتقلت الإمارات من مستخدم لتقنيات الأقمار الاصطناعية والفضاء الخارجي في تسعينات القرن الماضي، إلى مطور لها في 2006، من خلال تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل وضعت الحكومة ضمن أجندة أهدافها تطوير منظومة نقل المعرفة والخبرات إلى الكوادر المحلية في تصنيع الأقمار الصناعية وتصميمها.

وأشارت إلى أن دخول الدول في صناعة الفضاء يكون عبر بناء قدراتها تدريجيا بدءا من الصناعات الصغيرة وصولا إلى استكشاف الفضاء الخارجي.

ولكن الأميري تطرقت إلى مسار آخر وهو استكمال ما وصلت إليه الدول الأخرى، وهو النموذج الذي اعتمدته الإمارات، إذ استفادت من التجارب السابقة وتعلمت منها، لاسيما وأن قطاع الفضاء تحدياته كبيرة.

وفي يونيو الماضي، تعاقدت مجموعة الياه الإماراتية للاتصالات الفضائية الاثنين مع شركة أيرباص للدفاع والفضاء، لتصنيع قمرين اصطناعين جديدين، في سياق خططها لنشر العديد من الأقمار في الفضاء خلال السنوات المقبلة.

وتأتي الخطوة في أعقاب منح الياه سات مزود حلول الأقمار الاصطناعية في الإمارات والمدرجة في بورصة أبوظبي تفويضا لعملاق صناعة الطائرات الأوروبية في الربع الثاني من 2023 بالمضي في بدء الأنشطة الأولية المتعلقة ببرنامج القمرين الياه 4 والياه 5.

ومن المتوقع أن ترتفع قيمة قطاع الفضاء العالمي إلى أكثر من تريليون دولار بحلول 2040 ما يمثل قفزة كبيرة في اقتصاد الفضاء الجديد.

10