دستور تونس يغلق قوس المنظومة السابقة بدخوله حيز التنفيذ

دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ يمثل انتكاسة للمعارضة وفي مقدمتها حركة النهضة التي عملت على إفشال الاستفتاء والتشكيك في نتائجه.
الخميس 2022/08/18
دستور يحظى بتأييد 94 في المئة من المشاركين في الاستفتاء

تونس- أصبح دستور تونس الجديد ساري المفعول بمجرد الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء الشعبي مساء الثلاثاء، ما يعني أن تونس دخلت رسميا في مرحلة جديدة أنهت منظومة استمرت 10 سنوات ودستور 2014 الذي تعرض لانتقادات بسبب دوره في تشتت مؤسسات الدولة وإضعافها.

وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس مساء الثلاثاء عن اعتماد مشروع الدستور الجديد بنسبة 94.6 في المئة من الأصوات بعد رفض القضاء كافة الطعون في نتائج الاستفتاء الذي نُظم في الخامس والعشرين يوليو الماضي.

وسيختم الرئيس قيس سعيد الدستور قبل نشره بالجريدة الرسمية في أجل لا يتجاوز أسبوعا.

ويرى مراقبون أن دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ يمثل انتكاسة للمعارضة وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية التي عملت على إفشال الاستفتاء والتشكيك في نتائجه من خلال الطعن فيه.

وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي “تصرح الهيئة بقبول مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية”.

وأضاف بوعسكر “يدخل الدستور الجديد حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ إعلان الهيئة عن النتائج النهائية وختمه من رئيس الجمهورية ونشره” في الجريدة الرسمية.

فاروق بوعسكر: القضاء الإداري أكد سلامة العملية برمّتها

ورفضت المحكمة الإدارية في مرحلة الاستئناف صباح الثلاثاء الطعن الوحيد المقدم من حزب آفاق تونس، بعد أن رفضت في المرحلة الابتدائية ثلاثة طعون.

وجاءت النتائج النهائية للاستفتاء مماثلة للنتائج الأولية التي أعلنت في السابع والعشرين يوليو، وقد حصلت الإجابة بـ”نعم” على 94.6 في المئة من الأصوات (2.8 مليون صوت)، وشارك في الاستفتاء نحو 30.5 في المئة من إجمالي الناخبين الذين يناهز عددهم تسعة ملايين.

واعتبر بوعسكر أن “القضاء الإداري أكد سلامة العملية برمّتها، نزاهتها وشفافيتها”، وأردف أن قرار المحكمة “خير دليل على سلامة كل مراحل الاستفتاء (…) وفنّد كل الاتهامات للهيئة التي لها غايات سياسية”.

وشدّد رئيس هيئة الانتخابات على أن الأخيرة تعرضت إلى “موجة غير مسبوقة من التشكيك والاتهامات الباطلة (…) من بعض الأحزاب السياسية وحتى منظمات المجتمع المدني”.

ويكرس الدستور الجديد نظاما رئاسيا يعطي رئيس الجمهورية مزيدا من الصلاحيات على عكس دستور العام 2014 الذي أقام نظاما برلمانيا معدَّلا يعطي الرئيس أدوارا محدودة.

ولا ينصّ الدستور الجديد على آلية لعزل رئيس الجمهورية الذي يمارس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة ووزراء يشرف هو على تعيينهم.

كما ينشئ غرفة برلمانية ثانية باسم “المجلس الوطني للجهات والأقاليم” يهتم خصوصا بالمسائل الاقتصادية.

وقال فاروق بوعسكر إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستنطلق في الإعداد للاستحقاقات القادمة وأبرزها الانتخابات البرلمانية المقررة في السابع عشر من ديسمبر القادم، وذلك “في انتظار إصدار قانون انتخابي جديد وتقسيم جديد للدوائر الانتخابية”.

وكانت المعارضة أعلنت عن رفضها للاستفتاء وشكّكت في نتائجه، وندّدت باحتكار الرئيس قيس سعيّد الذي يحظى بتأييد شعبي واسع لكامل السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ الخامس والعشرين يوليو 2021.

وحظي الدستور بدعم من بعض الدول الصديقة لتونس، حيث أعربت مصر الأربعاء عن خالص تهنئتها لتونس حكومةً وشعباً بمناسبة ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بشأن قبول مشروع نص الدستور الجديد.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان صحافي الأربعاء إن قبول الدستور يعكس إرادة الشعب التونسي وتطلعه إلى استمرار مسيرة التقدم والازدهار بالبلاد.

وأضافت الخارجية المصرية أن مصر “إذ تأمل في تحقيق كل ما فيه خير تونس الشقيقة، تؤكد على مواصلة دعمها وتضامنها معها من أجل الاستقرار والرخاء للأشقاء التونسيين، وفي إطار ما يربط البلدين والشعبين الشقيقين من علاقات تاريخية ممتدة وروابط أخوية تجمعهما”.

ويرى خبراء أن الناخبين الذين صوتوا بـ”نعم” على مشروع الدستور الجديد كانوا مدفوعين قبل كل شيء بالأمل في تحسين وضعهم الاقتصادي.

وتمر تونس بأزمة خطيرة أبرز ملامحها انخفاض النمو الاقتصادي (أقل من 3 في المئة) وارتفاع معدلات البطالة (ما يقرب من 40 في المئة لدى الشباب) وزيادة الفقر (نحو أربعة ملايين شخص)، حيث يعتبر كثير من الخبراء أن الأزمة من مخلفات العشرية الماضية.

وتتفاوض تونس المثقلة بالديون منذ أسابيع مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة أربعة مليارات دولار يفتح إمكانيات للحصول على قروض أخرى من السوق الدولية بنسب فائدة منخفضة.

وتبقى الخطوة التالية من الخارطة السياسية التي أعلنها الرئيس سعيد منذ إعلانه عن التدابير الاستثنائية قبل عام، وهي تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة في السابع عشر من ديسمبر المقبل.

4