درعا معضلة أمنية تجد الحكومة السورية صعوبة في معالجتها

درعا (سوريا) - تحول الوضع الأمني في محافظة درعا جنوب سوريا إلى معضلة حقيقية تجد حكومة الرئيس بشار الأسد، صعوبة حتى الآن في معالجتها. وباتت الجماعات المسلحة المنتشرة في درعا، والخلايا النائمة التابعة لتنظيمات لا يعرف لها حضور قوي في المحافظة، أكثر جرأة، وهو ما يظهر في استهداف موكب رسمي الأربعاء.
وأعلنت وزارة الداخلية السورية عن تعرض “ستة أشخاص لإصابات طفيفة (..) نتيجة انفجار عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية، وذلك أثناء عودة محافظ درعا ومسؤول في حزب البعث وقائد الشرطة من جولة خدمية في مدينة الحراك” في ريف درعا الشرقي. ولم تحدد وزارة الداخلية هوية المصابين، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن الجرحى من عناصر قوى الأمن الداخلي المرافقين لموكب المحافظ.
ويعتبر استهداف موكب المحافظ وأمين فرع حزب البعث هو أكبر عملية استهداف في درعا التي شهدت عشرات العمليات ضد القوات الحكومية السورية والموظفين الذين يعملون فيها أو الموالين لها . وجاء الهجوم في أعقاب حملة أمنية شنتها قوات “اللجنة المركزية” في درعا، استهدفت مواقع لقيادات وعناصر من “هيئة تحرير الشام” في منطقة حوض اليرموك بريف المحافظة.
وبحسب “تجمع أحرار حوران” المحلي، فقد ألقت اللجنة القبض على 17 شخصاً، من بينهم قياديان في الهيئة، موضحاً أن عمليات الاحتجاز تمت في بلدتي حيط وسحم الجولان. وذكر التجمع، وهو شبكة من النشطاء ترصد أخبار المنطقة الجنوبية، أن الحملة تأتي بعد ورود معلومات عن تورط قيادات في الهيئة بمحاولة اغتيال قيادات من اللجان المركزية عبر زرع عبوة ناسفة في منطقة السامرية.
◙ الهجوم جاء في أعقاب حملة أمنية استهدفت مواقع لقيادات وعناصر من هيئة تحرير الشام في منطقة حوض اليرموك
ومن المعروف أن وجود هيئة تحرير الشام يتركز في شمالي سوريا، ولم يسبق لها الإعلان عن وجود في جنوبي البلاد بعد عملية “التسوية” عام 2018. ويقول متابعون إن الكشف عن وجود خلايا للهيئة تنشط في حوض اليرموك يعد تطورا خطيرا بالنسبة للنظام السوري. ويلفت المتابعون إلى أن الخطر لا يتصل فقط بوجود خلايا لهيئة تحرير الشام بل وأيضا في وجود تنظيمات لا تخفي عدائها للحكومة، وسبق وأن هاجمت الشهر الماضي مقرات للجان الشعبية.
ويوضح المتابعون أن الأجهزة الحكومية تجد نفسها يوما بعد يوم محاصرة في المحافظة، مشيرين إلى أن الحكومة لم تحرص خلال السنوات التي أعقبت حصول “التسوية” على كسب قاعدة شعبية في المحافظة.
وتُعدّ محافظة درعا التي شكّلت مهد الاحتجاجات الشعبية ضد السلطات في دمشق عام 2011، المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها جميع مقاتلي الفصائل المعارضة بعد استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها في يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدّا للعمليات العسكرية وأبقى على وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة.
ولم تنتشر القوات الحكومية في كافة أنحاء المحافظة. ومنذ ذلك الحين، طغت الفوضى الأمنية وتفلت السلاح على المشهد في المحافظة. إذ تكرر وقوع تفجيرات وعمليات إطلاق نار طالت القوات الحكومية أو اغتيالات طالت موالين أو معارضين سابقين وحتى مدنيين عملوا لدى مؤسسات حكومية.
وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية تنفيذ عمليات عدة منها، وأيضا مجموعات مسلحة أخرى. وشهدت مدينة درعا وريفها صيف 2021 تصعيداً عسكرياً بين القوات الحكومية ومسلحين محليين، تم عقبه إخراج دفعة من المقاتلين الرافضين للتسوية بينما انضم آخرون الى صفوف الجيش.
ويقول مراقبون إن الهجوم الأخير من شأنه أن يدفع الحكومة السورية إلى التحرك بشكل أكثر صرامة تجاه التنظيمات الموجودة في المحافظة، لكن الأمر لن يكون بالسهولة المطروحة في ظل وجود حواضن شعبية للأخيرة.