درب الحبيب ما أجملك

اشتهر الشريف الرضي الذي مات ولم يبلغ بعد سن السادسة والأربعين بجمع خطب وأقوال ورسائل الإمام علي بن أبي طالب. لولا الشريف الرضي لما كان هناك "نهج البلاغة".
غير أن الرضي كان أيضا شاعرا غزليا من طراز رفيع؛ "وتلفتت عيني فمذ خفيت/ عني الطلول تلفت القلبُ"، وهو ما يذكر بما قاله العراقي حضيري أبو عزيز "على درب اليمرون أريد أقعد وأنادي/ متى أحبابي يعودون متقلي يا حادي" وفيها يقول أبو عزيز "من عندي أمانة وياك قلبي/ أخذه وسلمه بيدين حبي".
جمع الطريق بين العشاق بكل أحوالهم. غير أن هناك جمهرة من العشاق قد اتخذت من الطريق عنوانا للانتظار والاشتياق وأيضا للضياع والتشرد كما لو أن الحب يُخرج المرء من بيته ويسلمه للشارع.
وكان "شارع الضباب" أشهر شوارع العشاق في عصرنا الحديث.
ففي أغنية "ضي القناديل" التي كتبها الأخوان رحباني ولحنها محمد عبدالوهاب، يقول عبدالحليم حافظ “ضي القناديل/ والشارع االطويل/ فكرني بالموعد الجميل/ بليالي اسهرناها/ وسهروا القناديل”.
وفيها يقول “يا شارع الضباب/ مشيتك أنا مرة بالعذاب ومرة بالهنا/ مشيتك وحبي/ يسأل على دربي/ بفراغ الليل والطريق وقلبي”، غير أن وردة الجزائرية تغلب الانتظار على اليأس وهي تمني النفس بأن يعيدها الطريق إلى حبيبها.
تقول “على مفرق درب الحبايب واقف مستني/ وحبيبي اللي بحبو غايب ولا ساءل عني”.
وفي طريق القطار لا يُنسى مشهد هند رستم وهي ترقص بين الفلاحين المسافرين على إيقاع أغنية فريد الأطرش “يا مقبل يوم وليله/ اطوي السكة الطويلة/ وديني بلد المحبوب”.
ومن جهتها تنظر صباح إلى الطريق باعتباره مكانا للوداع وتقول “يا مسافر وقف ع الدرب/ ودعني ولنه بنظرة/ ودعني وما تسأل قلبي/ الحبك من أو مرة”.
ولن يخطر على البال حينها ما قاله محمد فوزي “مال الحلو مالو/ مجيناش على بالو”.
ما ذهبت إليه صباح أكدته نجاة الصغيرة حين غنت “وفي وسط الطريق وقفنا وسلمنا وودعنا يا قلبي/ وارجعنا الطريق وحدينا ودموعنا في عنينا يا قلبي/ ودعنا الحبايب/ وفارقنا الحبايب/ ووصلنا النهاية من قبل النهاية/ يا عيني علينا يا قلبي”.
غير أن درب الحبيب يملك سحره الخاص بالنسبة إلى فيروز فهي غنت من كلمات وألحان زكي ناصيف “ع دروب الهوى مشاني حبيبي/ وع كرم الهوى وصلني/ وعنقوده استوى وناداني”. وكالعادة تختصر أم كلثوم كل شيء بجمل قصيرة فهي تقول “طريق حياتي مشيتو قبلك في ليل طويل”.