دراما رمضان

جاء رمضان، وجاءت معه الإنتاجات الدرامية التي أصبحت تمثل سباقا سنويا بين كبار النجوم وخاصة بعد ركود سوق السينما بتراجع نسبة إنتاجها في المنطقة بما في ذلك مصر. وفي هذا العام سيكون أمام المشاهدين العرب أكثر من 200 مسلسل بمختلف اللهجات، حيث تكون الريادة كالعادة لمصر والخليج وسوريا بأعمال سيثير بعضها جدلا بين النقاد والجمهور بينما يمر أغلبها مرور الكرام، وهذا الأمر بات معتادا، إذ في دراما رمضان يكرم الفنان أو يهان.
والمنافسة في دراما رمضان ستكون بين المؤلفين وبين المخرجين، وبين نجوم التمثيل ونجماته، وبين الأصوات التي ستؤدي "التيترات"، وطبعا بين القنوات التي ستبث الأعمال والتي يقاس علوّ كعبها في جلب المشاهدين بنسبة عقود الإعلانات التي تحصل عليها، وكذلك بين المنصات الرقمية التي باتت تفوز بقصب سبق بث المسلسلات، ثم بين منصات القرصنة التي تختطف الحلقة حال عرضها من قبل أصحاب الحق الحصري لتجلب بدورها نسب مشاهدة عالية باشتراكات متواضعة أو بصفة مجانية.
ومما بات واضحا للعيان، تشكل ظاهرة المسلسلات القصيرة التي بدأت تحصد نجاحا لدى الجمهور العربي بدءا من تجربة المنصات الرقمية التجارية في هذا المجال، لاسيما بعد أن لوحظ تراجع إقبال المشاهدين على المسلسلات الممططة التي يتم عرضها في ثلاثين حلقة أو أكثر لتغطي كل أيام رمضان وأيام العيد، والتي كان من الممكن اختصار أحداثها في عشر حلقات مثلا.
أما عن مسلسلات الأجزاء، فقد تخلى الفنان أحمد مكي عن مسلسل "الكبير" بعد فشل جزئه الثامن وسيتولى بطولة مسلسل "الغاوي" في أول تجربة مع الدراما الشعبية مع عائشة بن أحمد وعمرو عبدالجليل، وأحمد بدير وآخرين، وسيعود الفنان حمادة هلال بالجزء الخامس من "المداح" الذي أكد أن الجمهور العربي شديد التعلق بأجواء السحر والجن والتعاويذ والقدرات الخارقة، فيما سيخرج الممثل ياسر جلال على المشاهدين بالجزء الثاني من مسلسل "جودر" المستوحى من "ألف ليلة وليلة" وهو كذلك محسوب على دنيا الخوارق والأساطير، بالإضافة إلى "العتاولة" مع أحمد السقا وشركائه و"أشغال شقة جدا" الذي تم تقديم جزئه الأول في رمضان الماضي في 15 حلقة من بطولة هاشم ماجد وأسماء جلال وحقق نجاحا كبيرا رغم بساطته نتيجة ما يقدمه من كوميديا خفيفة غير متصنعة.
من بين ما اكتشفته مؤخرا أن المسلسل التركي ذا المئة حلقة هو في الأصل ذو 25 حلقة فقط، ويتم تقديمه في سهرات أسبوعية في بلاد العم أردوغان، وبعد أن يتم بث الحلقة في إحدى القنوات التركية تتسلمها شركات الدبلجة في البلاد العربية وتقوم بتقسيمها إلى أربع حلقات لتبثها على المنصات الإلكترونية أولا قبل العرض التلفزيوني، وهو ما يضمن تحقيق عائد مالي محترم وخاصة من الإعلانات ونسب مشاهدة عالية.
والمسلسلات في تركيا صناعة لا تخص شهر رمضان كما هو الشأن في بلاد العرب وإنما هي صناعة وطنية ذات أبعاد إستراتيجية، ففي عام 2024 مثلا، صدّرت أكثر من 300 إنتاج محلي إلى حوالي 150 دولة، مما ساهم في تحقيق إيرادات تجاوزت 600 مليون دولار، إلى جانب دورها كقوة ناعمة متقدمة في الدعاية الثقافية والسياحية.