دراسة أوروبية ترجح تمركز سفن روسية في ميناء شرق ليبيا

روسيا تعزز تواجدها العسكري في شرق ليبيا بإنشاء مركز تدريب ببنغازي وزيادة عدد عناصر الفيلق الافريقي.
الأربعاء 2024/06/12
روسيا ترى في شرق ليبيا أفضل بوابة لتعزيز وجودها العسكري وشبه العسكري في افريقيا

وارسو - رصدت دراسة للمعهد البولندي للسياسة الخارجية العام، والتي تعد الأولى من نوعها التطورات الأخيرة في طبيعة الوجود العسكري والاقتصادي والمعلوماتي الروسي في القارة الأفريقية بعدما حل الفيلق الإفريقي مكان فاغنر في الشرق الليبي، كاشفة استمرار الاستعانة بالمرتزقة السوريين وإنشاء مركز تدريب بالقرب من بنغازي بقيادة مسؤولين سابقين عن العمليات في سوريا.

وحاولت الدراسة الأوروبية التي جاءت تحت عنوان "فيلق أفريقيا.. نسخة جديدة من الوجود العسكري الروسي" تقديم تفسيرات للتغييرات الجديدة وذلك إثر وفاة مؤسس الشركة يفغيني بريغوجين في أغسطس 2023، وتوقف نشاط المرتزقة الروس تأثرا بتغيرات الحسابات السياسية الروسية، لتُعيد السلطات في شرق ليبيا، في سبتمبر من عام 2023 عقد اتفاق عسكري جديد مع موسكو.

وأكدت أن وفاة مؤسس فاغنر لم تُضعف وجود روسيا في منطقة الساحل، بل عززته من خلال الفيلق الأفريقي، إذ سيطر جهاز المخابرات العسكرية في موسكو ودائرة الأمن الاتحادية للاتحاد الروسي ودائرة الاستخبارات الخارجية على عمليات المرتزقة وأسهمت في خلق الجهاز الجديد.

ورجحت مصادر اعتمدت عليها الدراسة أن يشمل الاتفاق تمركز السفن الروسية في ميناء طبرق عبر قاعدة يجري بناؤها حاليا، كما سعى قائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر إلى الحصول على أنظمة دفاع جوي وتدريب للطيارين والقوات الخاصة.

ووفق تحقيق أجراه المشروع الفرنسي "كل العيون على فاغنر"، وصل العسكريون الروس في ليبيا في أواخر أبريل وأوائل مايو من العام الحالي إلى 1800 عنصر، فيما كان عددهم في بداية العام نحو 800 مقاتل.

وحسب نفس الدراسة، وصلت في أبريل كميات كبيرة من الإمدادات العسكرية الروسية تقدر بستة آلاف طن إلى ميناء طبرق قادمة من طرطوس السورية، وهي عملية النقل الخامسة من نوعها خلال الأسابيع الأخيرة.

وتمت إعادة نشر بعض المقاتلين من الفيلق الأفريقي الذين وصلوا حديثا إلى ليبيا في النيجر، في حين وزع المرتزقة السوريين على عشرة مواقع على الأقل شرق ليبيا بما في ذلك الخروبة والخادم والجفرة وطبرق وأجدابيا وودان والمرج. كما أُنشئ مركز لتدريب الشركاء المحليين بالقرب من بنغازي، حيث يُعتقد أنه يقوده أربعة روس كانوا مسؤولين سابقين عن العمليات في سورية.

وتزامنت الزيادة في عدد القوات مع إطلاق مقاربة سياسية روسية جديدة في ليبيا، حيث كثفت موسكو الاتصالات مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، من أجل تحقيق المصالحة بين الأطراف المتناحرة وإعادة توحيد البلاد بحكم الأمر الواقع.

ويشير المعهد إلى أهمية ليبيا بالنسبة لروسيا، خاصة قاعدة الجفرة الجوية، واستخدامها كمركز لوجستي آخذ في النمو، ويسهل عملية نقل قوات الفيلق الافريقي إلى دول جنوب الصحراء الكبرى إذا لزم الأمر.

ومع خفوت النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية، عملت روسيا على استمالة المجالس العسكرية التي قادت انقلابات في بلدان مثل النيجر ومالي، وكلاهما استقبل يونس بيك يفكيروف نائب وزير الدفاع الروسي الشهر الماضي. كما قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأسبوع الماضي، بجولة أفريقية شملت 4 محطات، بدأت من غينيا ثم الكونغو برازافيل، فبوركينا فاسو وأخيرا تشاد.

واعتبر مراقبون أن هذا التحرك يهدف إلى تركيز موسكو لدورها وسط وغرب القارة الإفريقية، في ظل تراجع نفوذ فرنسا في المنطقة لإخفاقها في مكافحة الإرهاب.

وحذر خبراء من تنامي النفوذ الروسي داخل ليبيا والقارة الأفريقية، ووصوله إلى مستويات وُصفت بـالخطيرة، داعين القوى الغربية للتدخل بتدابير أكثر صرامة.

وأوضحت الدراسة أن الارتباط بالدولة يعطي رؤية طويلة المدى، حيث يشير مؤلفوها على سبيل المثال إلى الإعلان قبل عدة أسابيع عن انتشار الفيلق في النيجر، أو تعزيز قدراته في ليبيا.

وأشارت إلى تغيير آخر إذ لم يعد الأمر يتعلق بإنشاء شركات على الفور لاستغلال الموارد الطبيعية، ولكن دعم الشركات القائمة، لا سيما في قطاع التعدين، بينما لا تزال العلامة التجارية لفاغنر تُستغل للتواصل والتوظيف.

وكشف المعهد الهولندي عن نشر ستة آلاف مرتزق اليوم في القارة، ويسعى الفيلق إلى رفع الرقم في أفريقيا مستقبلا ليصل إلى 40 ألف متعاقد.

وإلى جانب استخدام ليبيا كبوابة للانطلاق إلى أفريقيا، أثار استخدام روسيا مدينة طبرق الساحلية كقاعدة للسفن البحرية العسكرية، الجدل. فقد اعتبر تقرير لجريدة اكسبريس البريطانية، أن ذلك سيمنح الكرملين قاعدة بحرية جديدة على البحر المتوسط تضاف إلى مناطق وجودها في اللاذقية وطرطوس، إضافة إلى فرصة ممارسة ضغوط على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو).