دخول بوعلام صنصال في إضراب عن الطعام يعقّد الأزمة الجزائرية - الفرنسية

مصير الكاتب الموقوف يحتّم على السلطات الجزائرية سجنه أو إطلاق سراحه.
الثلاثاء 2025/02/25
مواقف صنصال تزعج الجزائر

الجزائر - دخلت الأزمة السياسية المندلعة بين الجزائر وفرنسا منذ عدة أشهر منعطفا جديدا بدخول الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال، الموقوف في الجزائر منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي، في إضراب عن الطعام، خاصة وأن الرجل المتواجد في قسم المساجين بمشفى حكومي بالعاصمة، يعاني من متاعب صحية خطيرة.

وأفادت مصادر حقوقية في فرنسا بأن الكاتب بوعلام صنصال، المتابع في الجزائر بتهم تندرج في إطار البند 87 مكرر الذي يعالج قضايا الإرهاب، قد قرر الدخول في إضراب عن الطعام، احتجاجا على وضعه الحقوقي، الأمر الذي سيلقي بالمزيد من التعقيد على الأزمة الجزائرية – الفرنسية، خاصة وأن باريس لا تتوانى في توجيه الاتهام للجزائر بتوقيف الرجل لتصفية حسابات سياسية لا غير.

وذكر المحامي فرانسوا زيمراي بأنه حصل على معلومات الإضراب من مصدر قضائي، بما يوحي بفرضية إبلاغ السلطة القضائية الجزائرية فريق الدفاع، بدخول بوعلام صنصال في الوضعية المذكورة، رغم خطورتها على وضعه الصحي.  

متابعون يرون أن الخطوة الجديدة لبوعلام صنصال ستشكل ضغطا على الجزائر وتضفي عليها المزيد من الحرج

وصرح المحامي لوسائل إعلام فرنسية بأنه “قلق بشأن صحته، وكذلك بشأن إمكان حصوله على محاكمة عادلة، وأن بوعلام صنصال، اتخذ هذا القرار بسبب الضغوط التي مورست عليه لتغيير محاميه، كونه لم يحصل على تأشيرة للسفر إلى الجزائر لمقابلة موكله.”

وأضاف “لا يبدو أن التوازن في الدفاع، ولا ضبط النفس في مواجهة الحملة المسعورة التي تعرضت لها في بعض وسائل الإعلام الجزائرية، ولا احترام الإطار القضائي في هذا البلد، قد تم تقديرها من قبل نظام يصر على رفض منحي تأشيرة دخول دون سبب وجيه، ما يحرم بوعلام صنصال من الدفاع الذي اختاره.”

ولفت إلى أن “بروتوكول العلاج الذي كان يتبعه بوعلام صنصال قد انقطع، في حين يعاني الكاتب مرض السرطان،” لكن مصادر محلية تحدثت عن أن الرجل يتواجد في قسم المساجين بمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة لمتابعة علاجه.

وكان المحامي فرانسوا زيمراي، قد كشف في وقت سابق، بأن الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال الموقوف في الجزائر منذ ثلاثة أشهر، مصاب بمرض السرطان، ملمحا إلى أن يكون سرطان البروستات.

وأوضح أن “بوعلام في المستشفى ويتلقى العلاج لكن تمنع السلطات أن يلتقيه محاميه بشكل مباشر، وأن هذا في حد ذاته يمثل مشكل بالنسبة إلى هيئة الدفاع.”

ويرى متابعون للملف بأن الخطوة الجديدة لبوعلام صنصال ستشكل ضغطا على السلطات الجزائرية، وتضفي عليها المزيد من الحرج، سواء بإحالته للقضاء ومحاكمته بموجب البند المذكور، لأن الخطر سيكون كبيرا على صحته وحياته، أو بإطلاق سراحه، لأنه حينها ستظهر في موقف ضعف وخضوع للفرنسيين أمام أنصارها ومؤيديها.

وأثارت قضية الكاتب اهتمام رئيسي البلدين ونخب ثقافية وأدبية في البلدين، في إطار سجال مشتعل بينهما منذ عدة أشهر، حيث ذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “الجزائر بقرار توقيف بوعلام صنصال، تسيء إلى نفسها،” وهو ما اعتبرته الجزائر تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية.

من جانبه صرح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في كلمة مرتجلة في خطاب له، بأن “فرنسا أرسلت لصا، مجهول الهوية، مجهول الأب، يزعم بأن نصف البلاد هو ملك لبلد آخر،” وهو ما أثار انتقادات شديدة واعتبرت انتهاكا لحقوق سجين مسلوب الحرية، وتأثير غير مباشر على سلطة القضاء، مما اضطر مصالح الرئاسة إلى حجب المقطع من موقعها وصفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي.  

إيمانويل ماكرون: الجزائر بقرار توقيف بوعلام صنصال، تسيء إلى نفسها
إيمانويل ماكرون: الجزائر بقرار توقيف بوعلام صنصال تسيء إلى نفسها

وكان الكاتب المناهض لتيار الإسلام السياسي والذي شغل في وقت سابق منصبا ساميا في وزارة الصناعة الجزائرية، قد شبّه ثوار حرب التحرير بالنازيين، وطعن في تاريخ وهوية البلاد، كما زعم في تصريح أخير له قبل توقيفه بأن محافظات بالغرب الجزائري كوهران وتلمسان وسيدي بلعباس هي ملك للمغرب، وهو ما اعتبرته السلطات الجزائرية تهديدا لسلامة ووحدة التراب الوطني.

ويلاحق بوعلام صنصال قضائيا بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري التي تنص على أنه “يعتبر فعلا إرهابيا أو تخريبيا، في مفهوم هذا الأمر، كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي.”

وفي سياق التوتر القائم بين البلدين، استغل وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، حادثة الاعتداء المسلح على مواطنين فرنسيين في إقليم ألزاس، لاتهام الجزائر بسبب عدم استعادة الجاني المزعوم في الهجوم.

ونقلت قناة “تي إف 1” التلفزيونية عن ريتايو أن الجاني المزعوم، الذي ذكر الوزير أنه من أصل جزائري، كان يجب أن يغادر فرنسا لكن الجزائر لم تستقبله، وأن طاقم وزارة الداخلية حاول التواصل مع القنصلية الجزائرية عشر مرات لكنه لم ينجح.

وحذر ريتايو من أن فرنسا يجب أن تغير أسلوبها في مواجهة قضايا مثل التأشيرات ودخول الجزائريين دون تأشيرة، وقال إن “الحكومة الفرنسية كانت لطيفة لغاية، لكنها يجب أن تحقق توازنا الآن.”

4