دخول الجيش الجزائري إلى غزة يزيد من تفكك الإخوان

الانتخابات الرئاسية تعيد تصفية الحسابات السياسية بين رموز التيار إلى الواجهة.
الاثنين 2024/08/26
خلافات الإخوان في الجزائر لا تكف عن الظهور

أثارت تصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال حملته الانتخابية، بشأن جاهزية الجيش لدخول غزة، تأويلات بين أبناء تيار الإخوان في الجزائر، في خطوة يرى مراقبون أنها قد تعيد تصفية الحسابات السياسية بين رموز التيار.

الجزائر - وصف رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة بأسلوب مبطن تأويل الرئيس السابق لحركة حمس عبدالرزاق مقري، لتصريح المرشح تبون حول جاهزية الجيش لدخول غزة على أنه بغرض عسكري، بـ”المتهور والغبي والانتحاري”، ولم يستبعد قيام الجهات الرسمية بتقديم توضيحات للطرف المصري، حول ما يكون قد حمل من لبس عن فتح الحدود بين مصر وغزة في وجه مختلف أشكال الدعم.

وهاجم رئيس حركة البناء الوطني الجزائرية، الداعم لترشيح الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، لولاية رئاسية ثانية، رفيقه السابق عبدالرزاق مقري، حول تأويله لتصريح المرشح الأوفر حظا للانتخابات الرئاسية المقررة بعد أسبوعين، في أول خروج له خلال حملته الانتخابية.

ومع اختياره الأسلوب غير المباشر، إلا أن رسالة الرجل كانت واضحة للرئيس السابق لحركة “حمس”، والطامح للمشاركة في الانتخابات المنتظرة، قبل أن يسحب منه البساط في آخر المطاف من طرف الحركة، وتفضيلها للقيادي الجديد عبدالعالي حساني شريف، وكانت شديدة اللهجة لما وصفها بـ”المتهورة والانتحارية”.

الإعلام الجزائري شنّ حملة مضادة للتأويلات التي اعتبرت تصريح عبدالمجيد تبون دعوة إلى مشاركة الجيش في حرب غزة

وكان مرشح السلطة، قد أطلق في أول خروج له خلال الحملة الانتخابية الجارية، من مدينة قسنطينة بشرق البلاد، تصريحا أثار جدلا واسعا في مختلف الأوساط السياسية والإعلامية، فرغم أن فكرته حملت ترتيبا طبيعيا لمفرداتها، إلا أن التجزئة التي تعرضت لها حملت تأويلات متضاربة.

واستغلت التأويلات معلنة الأمزجة والتوجهات السياسية والأيديولوجية، حتى بين منتسبي التيار الواحد، على غرار ما هو جار في صفوف الإخوان، ففيما رحب به عبدالرزاق مقري، المتحمس للمقاومة الحمساوية في قطاع غزة، واعتبرها “رسالة شديدة وقوية من الرئيس تبون، وتنطوي على الاستعداد في مد العون العسكري المطلوب للمقاومة”، فإن رفيقه السابق عبدالقادر بن قرينة، شدد على أن “الرسالة كانت واضحة وهي استعداد الجيش الجزائري لتقديم المساعدة الإنسانية للقطاع وليس العون العسكري”.

ورغم أن صفحة التصريح تكون قد طويت، خاصة في ظل الحديث عن تقديم السلطات الجزائرية توضيحات لنظيرتها المصرية، حول ما يمكن أن يطرأ من لبس حول المواقف الرسمية للبلدين خاصة في المجال السيادي، إلا أن خلافات الإخوان في الجزائر لا تكف عن الظهور في مختلف المناسبات، في إطار تصفية حسابات سياسية داخلية، تترجم حالة الهشاشة داخل التيار.

ومنذ انشقاقه عن الحركة الأم “حمس”، لم يتوان عبدالقادر بن قرينة، في التنصل من الخلفية السياسية والأيديولوجية الإخوانية في حركته الجديدة “البناء الوطني”، وظل يشدد على عقيدتها القومية، ويبرر ذلك بكون وعائها الشعبي والهيكلي هو من عقيدة سياسية جديدة لا علاقة لها بالجذور الاخوانية لشخصه أو لبعض مقربيه، لكن في المقابل لا زال الرجل يحتفظ بتمثيل التيار العالمي في الجزائر.

وشن الإعلام الجزائري حملة مضادة، ضد التأويلات التي اعتبرت تصريح تبون، دعوة واستعداد لمشاركة جيش بلاده في حرب غزة، وشدد على أن ما جرى الترويج له في بعض الأوساط الإعلامية العربية والدولية، هو “وليد مزاج سياسي وافتقاد للمهنية من خلال تجزيء التصريح لعبارات متقطعة”.

وكان المرشح عبدالمجيد تبون، قد أكد في تصريحه، بأن “الجزائر لن تتخلى عن فلسطين عموما، ولا عن غزة خاصة، وأن الجيش جاهز لتشييد ثلاثة مستشفيات في قطاع غزة، وأنه لو فتحت أمامنا الحدود بين مصر والقطاع، سترون ماذا نفعل”، وهو ما اعتبر إحراجا للنظام السياسي المصري.

وأكد بن قرينة، في تصريح صحفي، بأن “تصريح تبون، يلزمه كمرشح وليس كرئيس للجمهورية، وأن الرجل الآن في حملة انتخابية وذكر ذلك في تجمع انتخابي”، وهو اعتراف مبطن بأن الخطاب الدعائي حاد عن خطه، وهو ما برره بالقول: “لا أملك معلومات دقيقة أو رسمية، لكن ليس مستبعدا أن تكون المصالح المختصة قد قدمت التوضيحات اللازمة للطرف المصري عن محتوى التصريح، من أجل طمأنتهم والتأكيد على العلاقات الطيبة بين البلدين”.  

لكن عبدالرزاق مقري، كان قد ذكر في منشور له على صفحته الرسمية في الفيسبوك، بأن “التصريح الكبير والمهم لرئيس الجمهورية الذي أشاد به كثير من العرب والمسلمين، وإذ أشيد بهذا الموقف الرئاسي الكبير، وفي انتظار فتح الحدود المصرية ليستطيع الجيش الجزائري التدخل المباشر في غزة، فإني أدعو رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون إلى اتخاذ القرارات التالية التي لا تتطلب فتح الحدود”.

وفصّل ذلك بالقول: “دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والمقدرات التكنولوجية وهم يعرفون كيف يستفيدون منها كما استفادوا من الزواري، ودعم المقاومة الفلسطينية بالمال وهم يعرفون كيف يأخذون المال كما كان يفعل مجاهدونا مع مساعدات الأشقاء أثناء الثورة التحريرية”.

وأضاف: “دعوة الجزائر للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لاتخاذ موقف جماعي لتتحرك الجيوش العربية والإسلامية لدعم غزة والضغط على مصر لفتح الحدود، وإن لم يقبلوا فتكون الحجة قد قامت، والسماح بتنظيم (تليطون) رسمي وشعبي جزائري لجمع المال من أجل شراء المساعدات الإغاثية من مصر وحسب الخبرة والتجربة الحاصلة فإن مرورها إلى غزة سهل في هذه الحالة”.

وتابع: “السماح بتنظيم مسيرات شعبية في الجزائر ليرى أهلنا في غزة دعمنا لهم فترتفع معنوياتهم وليرى الصهاينة وحلفاؤهم بأنهم لا يستطيعون الاستفراد بغزة، والسماح بتنظيم وقفات احتجاجية أمام السفارة الأميركية ليعبر الجزائريون سلميا عن سخطهم عن مشاركة الولايات الأميركية المتحدة في الجريمة”.

 

اقرأ أيضا:

4