دبي عاصمة ثقافية ترسخ إستراتيجيتها في الاقتصاد الإبداعي

الصناعات الثقافية تخلق بيئة إبداعية متطورة مشرعة أبواب المستقبل.
الثلاثاء 2023/03/28
الإبداع ضمن نسيج المدينة

لم يعد العمل الثقافي حكرا على الدولة وأجهزتها، بل صار مجالا خصبا للاستثمار الخاص وتحول إلى صناعة متكاملة، تحقق التنمية المستدامة من جهة وتحقق البعد الحضاري الفكري والجمالي للأعمال الإبداعية من جهة أخرى. وهي معادلة نجحت دبي في تحقيقها، مستمرة في استقطاب المبدعين من شتى أنحاء العالم.

دبي - يمر قطاع الثقافة والفنون والإبداع في دبي بمرحلة تعد من أزهى مراحله، في الوقت الذي انشغل فيه العالم بمواجهة تحديات عديدة ربما جعلت الحراك الثقافي والسعي لتنميته والاعتناء به يتذيل اهتمامات الحكومات ومختلف شعوب العالم.

ويواصل هذا القطاع الحيوي في دبي ازدهاره وتطوره بجملة من الإنجازات المهمة التي باشرت على مدار السنوات الماضية تشكيل ملامح مشهد إبداعي جديد انطلاقا من رؤية وإستراتيجية شاملة لتحويل دبي إلى عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي بحلول العام 2026، وتحويل الإمارة إلى وجهة مفضلة للمبدعين والمستثمرين ورواد الأعمال من كل أنحاء العالم، بهدف تحقيق الريادة العالمية في مختلف المجالات بما في ذلك المجال الثقافي والإبداعي.

الصناعة الثقافية

"دبي للثقافة" تعمل على صون التراث الثقافي وتعزيز مكانة دبي وجهة ثقافية عالمية علاوة على دعم الاقتصاد الإبداعي
"دبي للثقافة" تعمل على صون التراث الثقافي وتعزيز مكانة دبي وجهة ثقافية عالمية علاوة على دعم الاقتصاد الإبداعي

يتم تنفيذ إستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي برعاية هيئة الثقافة والفنون في دبي، حيث تتولى الهيئة الإشراف على تنفيذ الإستراتيجية بالتعاون مع عدد من الشركاء الإستراتيجيين، لخلق حراك جديد في قطاع الاقتصاد الإبداعي في إمارة دبي.

وتركز إستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي على توفير المناخ الملائم والمحفز للمبدعين لخلق قيمة اقتصادية مضافة إلى إبداعاتهم، عبر دمج الإبداع برؤوس الأموال الباحثة عن فرص استثمارية ذات مردود مميز، بما يعزز مكانة دبي وجهة عالمية للثقافة والإبداع، ويثري دورها كمحرك رائد للاقتصاد الإبداعي في العالم، ويسهم أيضا في تشجيع نمو قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية ليصبح رافدا قويا من روافد المنظومة الاقتصادية المستقبلية المتنوعة لإمارة دبي والقائمة على المعرفة والابتكار والإبداع.

وقالت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي “دبي للثقافة” وعضو مجلس دبي “نُسخر كل الجهود والطاقات والإمكانات لجعل دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي، من خلال توفير بيئة داعمة ومرنة للمواهب المبدعة من مختلف أنحاء العالم، تلبي احتياجات تطوير القطاع الإبداعي في الإمارة”.

ويتمثل أحد الأهداف الأساسية لإستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي في تسهيل وتبسيط وتسريع الإجراءات التي تتيح للمبدعين تأسيس وإدارة مشاريعهم الإبداعية في دبي، ما يسهم في تحويلها إلى وجهة جاذبة لهم، وعاصمة للاقتصاد الإبداعي ومركز عالمي للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.

ولفتت رئيسة الهيئة إلى أنه من المتوقع أن تشهد خلال السنوات القليلة المقبلة ارتفاعا في نسبة مساهمة الصناعات الإبداعية في اقتصاد دبي بصورة أكبر، قائلة “نواصل تأسيس بنية تحتية قوية ومستدامة تعزز نمو وازدهار الاقتصاد الإبداعي في إطار حرص دبي على الإسهام بشكل إيجابي في صناعة المستقبل”.

وفي إطار إستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، أنشأت دبي بنية تحتية متطورة بهدف تهيئة البيئة التشريعية والاستثمارية اللازمة لازدهار قطاعات هذا الاقتصاد فيها، وزيادة جاذبيتها للمبدعين والمستثمرين ورواد الأعمال، وكذلك للاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية، وتوفير حِزم من المحفزات والحاضنات الإبداعية المتطورة، التي تواكب التطورات التكنولوجية السريعة، وتسخرها لإثراء القطاع الإبداعي، وقدرته على الحضور والمنافسة، فضلا عن توفير مناخ مناسب ومحفز للمبدعين لتوليد قيمة اقتصادية مضافة، من خلال دمج الإبداع مع فرص الاستثمار الرأسمالي ذات العوائد المتميزة.

وتهدف إستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي إلى مضاعفة مساهمة القطاع الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي، فضلا عن مضاعفة عدد الوظائف الإبداعية في الإمارة.

استقطاب المبدعين

Thumbnail

تشكل هيئة الثقافة والفنون في دبي محرك الدفع الرئيسي وراء الحراك النوعي الذي يتميز به المشهد الثقافي والإبداعي في هذه المدينة الطموحة التي تصل الليل بالنهار عملا وإبداعا وعطاء لتكون الأفضل في العالم للعيش والعمل والزيارة.

وتؤمن “دبي للثقافة” بقيمة وأهمية الشراكة مع القطاع الخاص، والتي تمثل إحدى الركائز التي قامت عليها نهضة دبي الحديثة على الصعيد الاقتصادي، إذ ترى دبي هذه الشراكة مقوما أساسيا من مقومات نجاح أي مجتمع يسعى إلى التميز عالميا. وفي إطار هذه الإستراتيجية الطموحة يحظى رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة المنضمة إلى المشهد الإبداعي من خلال منطقة القوز الإبداعية في دبي، برعاية كبيرة من قبل الجهات المعنية في دبي وعلى رأسها “دبي للثقافة”، وذلك لخلق قيمة اقتصادية مضافة إلى إبداعاتهم، من خلال تسهيل ممارسة الأعمال للمواهب الإبداعية، وتوفير بيئة مبتكرة ومرنة تساعد المواهب على إنشاء مشاريعها في إمارة دبي، ما يحفز نمو قطاع الاقتصاد الإبداعي.

وتعمل “دبي للثقافة” على تحقيق عدد من الأهداف الهامة، في مقدمتها صون التراث الثقافي وتعزيز مكانة دبي كوجهة ثقافية عالمية وتصدير الثقافة المحلية ومنتجها الإبداعي إلى العالم، وخلق منظومة اقتصادية تحفز قطاعات الإبداع وتستثمر فيها، ورعاية بيئة خلاقة لإطلاق المواهب ونموها داخل منظومة التعليم وخارجها، علاوة على استقطاب مجموعة واسعة ومتنوعة من المواهب العالمية والحفاظ عليها، ودمج الفنون والإبداع في فضاءات ومساحات الحياة العامة، وتشجيع التفاعل المجتمعي مع البيئة الثقافية والإبداعية.

إستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي تركز على توفير المناخ الملائم والمحفز للمبدعين لخلق قيمة اقتصادية مضافة لإبداعاتهم

وقد أدركت دبي منذ وقت بعيد أهمية الاقتصاد الإبداعي وتأثيراته الإيجابية على مجمل المنظومة الاقتصادية، إذ نجحت الإمارة في صياغة مفهوم جديد لريادة الأعمال الإبداعية حيث استثمرت في تأسيس المجمعات الإبداعية، وجذبت عددا كبيرا من الشركات التي تضم آلاف المبدعين من كافة أنحاء العالم، ما نتج عنه ارتفاع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي وظهرت الإمكانات الضخمة والواعدة لهذا القطاع بما يضمن لها دورا محوريا في خدمة أهداف التنمية المستدامة.

وبدأت دبي مسيرة الاقتصاد الإبداعي منذ عقود بتأسيس مجمعات إبداعية ضخمة ومتطورة في مختلف القطاعات؛ مثل مدينة دبي للإنترنت، ومدينة دبي للإعلام، ومدينة دبي للإنتاج، ومدينة دبي للأستوديوهات، وحي دبي للتصميم.

وتمثل منطقة القوز الإبداعية بداية انطلاق إستراتيجية الاقتصاد الإبداعي في دبي، حيث يهدف مشروع تطوير منطقة القوز الإبداعية إلى توفير بيئة إبداعية متكاملة تلبي متطلبات المبدعين ورواد الأعمال الثقافية والإبداعية، وتوفير مجموعة متنوعة من الخدمات والمرافق والمحفزات التي من شأنها أن تمكنهم من العيش والعمل ضمن هذه البيئة المتكاملة. وتستقطب المنطقة المواهب الإبداعية والراغبين في الاستثمار في مجالات الاقتصاد الإبداعي المختلفة، وتعزيز قيمة هذه المنطقة كمركز إقليمي وعالمي لاحتضان المصممين والمبدعين، للإنتاج والعيش والترفيه.

وتجمع المنطقة الإبداع والأفكار المبتكرة والأهداف المشتركة، ومنصة موحدة متكاملة لخدمة المبدعين، ومسارات التنقل المرن لضمان تسهيل عمليات التنقل في المنطقة عبر عدة خيارات للنقل والبنية التحتية والمرافق، إضافة إلى المرافق المتنوعة كمساحات التجزئة للمطاعم والمتاجر والمعارض الخارجية.

وفي خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم، منحت “دبي للثقافة” الإقامة الثقافية بهدف تمكين أصحاب المواهب ورواد الأعمال والمبدعين من جميع أنحاء العالم من الإقامة فيها وتشجيعهم على الاستقرار، وإتاحة الفرصة أمامهم للازدهار والانخراط في العملية التنموية في المنطقة.

Thumbnail

كما توفر “دبي للثقافة” للمواهب الناشئة وللمبدعين المحترفين ورواد الأعمال في الصناعات الثقافية فرصا تدريبية مجانية ضمن مختلف التخصصات عبر منصة “لينكد إن” من خلال أكثر من 16 ألف دورة تدريبية متخصصة ومعتمدة صممتها مجموعة من الخبراء الدوليين، وتشمل الدورات التدريبية مجالين رئيسيين، أولهما: مجال إدارة الأعمال الذي يتضمن دورات تعليمية حول التحول الرقمي للأعمال، وإدارة الأزمات، وتطوير الأعمال، والأمور القانونية والمالية. أما المجال الآخر فيشمل دورات متخصصة في تنمية باقة من المهارات الإبداعية، تضم التصوير الفوتوغرافي، والتصميم الغرافيكي، وتصميم الألعاب الإلكترونية، وتصميم المنتجات، والفنون التشكيلية، والأزياء وغيرها.

وعلى مدى السنوات الماضية نجحت دبي في جذب الآلاف من المبدعين والرعاة والمتخصصين، ومن بينهم رواد الأعمال الذين أسسوا مشروعاتهم في المناطق الحرة والمجمعات والأحياء المخصصة للشأن الثقافي، مستفيدين من البيئة المحفزة على الابتكار والإبداع، ما يعكس التنوع الثري الذي يتميز به المشهد الثقافي في دبي.

وفي هذا الإطار يُشكل “موسم دبي الفني” ركنا أساسيا من منظومة العمل الثقافي والإبداعي في دبي، إذ تضمنت أجندته السنوية مجموعة من المبادرات والفعاليات المميزة، تتخللها باقة غنية من الأحداث والفعاليات الإبداعية عالمية المستوى في جميع أنحاء دبي، إذ تتحول الإمارة خلال هذا الموسم إلى معرض فني مفتوح.

ومن بين فعاليات الموسم معرض “آرت دبي” الذي يشكل ملمحا رئيسيا من ملامح هذا الموسم الزاخر بالأنشطة، وخاصة لعشاق الفن، لمشاهدة الفنون المعاصرة والحديثة، وحضور العديد من ورش العمل والمحاضرات والفعاليات، حيث يسلط المعرض الضوء على أعمال فنية مبدعة من جميع أنحاء العالم. كما يندرج تحت مظلة موسم دبي الفني “مهرجان سكة للفنون والتصميم” ويركز على دعم الفنانين الإماراتيين والخليجيين والمقيمين على أرض الدولة، وفي منطقة الخليج.

كما يشكل معرض “فنون العالم دبي” وجهة مثالية لعشاق الفن وجامعي الأعمال الفنية لإرضاء شغفهم الفني، حيث يعزز هذا المعرض مكانة المدينة كمركز ثقافي وفني بارز يحتضن مزيجا فريدا من الفن والتعليم والترفيه.

12