دبي تضيف المزيد من العقارات الفاخرة لجذب أثرياء العالم

يراقب خبراء صناعة التطوير العقاري باهتمام تسارع خطط إمارة دبي لاستقطاب المزيد من أثرياء العالم من خلال بناء منازل جديدة فاخرة وسط حالة من الازدهار في تنفيذ المشاريع، مما يعطي فكرة عن المكاسب الكبيرة المتوقع أن يحققها القطاع هذا العام.
دبي - تنوي الحكومة في دبي إضافة مجموعة جديدة من القصور الفاخرة ومنازل بنتهاوس فارهة، بعضها مزود بصالات سينما ومنتجعات صحية ومصاعد خاصة، مع استمرار المطورين في استقطاب الأثرياء من جميع أنحاء العالم.
وستُطرح هذه المنازل فائقة الفخامة بأسعار تتراوح بين 60 مليون دولار وأكثر من 120 مليون دولار، في ظل تدفق الباحثين عن العقارات من أوروبا وآسيا والأميركتين. وتزداد ميزات هذه العقارات بذخا حتى وفقاً لمعايير إمارة تُعرف بشغفها بالفخامة.
ونقل أحد المطورين جدارا زجاجيا عملاقا عبر آلاف الأميال حتى يضمن لمالكه الإطلالة البحرية التي اختارها. في حين أضاف آخر ردهة ومصعدا خاصا لمشتري بنتهاوس ضخم يمتد عبر برجين.
ووسط ذلك صمم مطور آخر أرضية متحركة لحوض سباحة بمنزل لأحد الزبائن، بحيث تكون مرتفعة لتندمج مع بلاط الحديقة أثناء الحفلات.
وتمر سوق العقارات المزدهرة في دبي بقدر من الهدوء بعد الارتفاع الحاد في الأسعار منذ عام 2021، لكن ذلك لم يمنع المطورين من إضافة منازل جديدة فاخرة، في أغلى المواقع المطلة على الشواطئ في المدينة.
وساعدت حماسة الروس لشراء العقارات في الإمارة على دفع أسعار العقارات لتسجيل مستويات قياسية مرتفعة منذ العام 2022.
وقال مارك فينيكس الرئيس التنفيذي لشركة سنكاري بروبرتيز التي تبني برجا فائق الفخامة بقيمة تقدر بنحو مليار دولار إن “قطاع العقارات الفاخرة هو الأكثر ربحية.”
وأضاف في تصريح لوكالة بلومبيرغ، “إذا تم تنفيذ المشروع بشكل صحيح، يمكن للمطورين تحقيق أعلى الأسعار الممكنة.”
وتخالف السوق العقارية في دبي الاتجاه العالمي، حيث تتباطأ أسعار العقارات الفاخرة أو تنخفض في العديد من الأسواق الدولية.
وبحسب تقرير لشركة الاستشارات نايت فرانك، فإنه في العام الماضي، تم بيع 435 منزلا بقيمة تجاوزت 10 ملايين دولار لكل منها في دبي، مسجلة رقماً قياسياً ومتجاوزة نيويورك وهونغ كونغ.
وتشير تقديرات شركة الأبحاث العقارية إلى أن أسعار العقارات فائقة الفخامة في الإمارة سترتفع بواقع 5 في المئة على الأقل هذا العام بعد أن قفزت بنحو 67 في المئة منذ عام 2021.
ولا تزال العائلات الثرية التي تبحث عن منازل ثانية أو ثالثة حول العالم تجد في دبي مساحات أكبر مقابل المبلغ نفسه.
ومن حيث سعر القدم المربعة، تبلغ الأسعار في دبي ثلث أسعار نيويورك وخمس أسعار لندن، وفقا لمهدي أمجد، مؤسس شركة أمنيات المتخصصة في تطوير الشقق الفاخرة.
وقال أمجد، الذي يتوقع إضافة 100 وحدة فائقة الفخامة هذا العام، “مبانينا تضاهي تلك الموجودة في نيويورك، ونجد أنه مقابل الأسعار نفسها، أو حتى أقل، يحصل العملاء على مساحات أكبر بكثير، بالإضافة إلى مزايا وتجارب أكثر بكثير.”
ويُضطر مطورو العقارات في دبي إلى بذل جهود استثنائية لمنافسة المدن العالمية.
العائلات الثرية التي تبحث عن منازل ثانية أو ثالثة حول العالم لا تزال تجد في دبي مساحات أكبر مقابل المبلغ نفسه
وخلال زيارة لموقع بناء، رصدت بلومبيرغ إنشاء قبة زجاجية ضخمة في قلب قصر، صُممت لتغطية حوض سباحة ومنتجع صحي، مع إمكانية سحبها عند رغبة المالكين في الاستمتاع بأشعة الشمس.
وفي مواقع أخرى، تم تصميم مسابح متعرجة تتيح للسكان السباحة من البار إلى المنتجع الصحي في الطرف الآخر من الحديقة.
وتعد الجزر الاصطناعية من بين المواقع المفضلة. فتلك التي تتخذ شكل فرس البحر، والمعروفة باسم “جزيرة المليارديرات”، تضم قصوراً فخمة عادة ما تأتي مع شواطئ خاصة وطاولات دوارة لمواقف السيارات، تتيح للسيارات الدوران تلقائياً إلى الاتجاه الصحيح.
وكانت شركة الاستشارات المالية هينلي آند بارتنرز قدّرت أن 6700 مليونير سيأتون إلى الإمارات في عام 2024، متجاوزة جميع الدول الأخرى.
لكن تلبية رغبات الأثرياء حول العالم ليست رخيصة، ولا سهلة. إذ تعني إضافة وسائل الراحة الفاخرة “تكاليف بناء أعلى بكثير بسبب التكاليف الأولية للتصميم، وهذا ما يخيف العديد من المطورين،” وفقا لما قاله مارك فينيكس.
وبالنسبة لبسام دمعة، مؤسس شركة التطوير العقاري بالاس غروب، فقد تعامل مع عميل رغب في أن يكون أحد جدران غرفة المعيشة الفسيحة لديه مصنوعاً من لوح زجاجي واحد.
بعض القصور التي تتراوح قيمتها بين 60 و120 مليون دولار مزودة بصالات سينما ومنتجعات صحية ومصاعد خاصة
وكان حجم الجدار 17 متراً في 4 أمتار (55 قدما في 13 قدما)، أي بحجم بعض أحواض السباحة. لم يكن دمعة متأكداً مما إذا كان بالإمكان العثور على لوح زجاجي بهذا الحجم، ناهيك عن تركيبه.
والأسوأ من ذلك، أراد العميل أن يختفي الجدار الزجاجي تماماً بمجرد الضغط على زر، ليحصل على إطلالة مفتوحة على البحر.
وعندما تواصل دمعة مع أحد أكبر مصنّعي الزجاج في ألمانيا، استغرقت الشركة 45 يوماً لتقرر ما إذا كان بإمكانها تنفيذ المواصفات المطلوبة. وفي النهاية وافقت، لكن بشرط أن تقوم شركة سويسرية أخرى بتصنيع النظام الميكانيكي لتحريك الجدار الزجاجي.
وكان ذلك يتطلب إنشاء غرفة تحت الأرض لينزل فيها اللوح الزجاجي العملاق عند خفضه، ثم تطلب الأمر تصاريح خاصة لنقله عن طريق السفن والشاحنات بسبب حجمه. في النهاية، حصل العميل على الإطلالة التي أرادها.
قال دمعة “معظم عملائنا يمتلكون منازل متعددة في مدن مختلفة حول العالم، وهم دقيقون جداً في ما يفضلونه ويتوقعونه.” وأضاف أن “الشركة تعمل على إنشاء 15 قصرا جديدا، إلى جانب مبنى يضم 70 شقة، بإجمالي قيمة تبلغ 16 مليار درهم (4.4 مليار دولار).”
ورغم استمرار الاندفاع نحو البناء، يقول السماسرة والمطورون إن بعض الحماسة التي ميزت السنوات الأخيرة بدأت في التراجع. فارتفاع الأسعار يتباطأ، ويجد بعض المطورين صعوبة في العثور على مواقع متميزة للبناء عليها.
وقالت هوني ديلامي، الشريكة التنفيذية في دبي سوذبيز إنترناشونال ريالتي، إن “المشترين الأثرياء بدأوا في مقاومة ارتفاع الأسعار بعد سنوات من الزيادات، لكن الطلب لا يزال يفوق العرض في الوقت الحالي.”
وأوضحت ديلامي، التي باعت عقارات بقيمة 2.7 مليار درهم العام الماضي أن “السوق لا تزال تعاني من نقص المعروض من العقارات الفاخرة الجاهزة للسكن.”
وأشارت إلى أن ثمة الكثير من المشاريع قيد التنفيذ أو التخطيط، لكنها ستحتاج إلى 3 إلى 4 أعوام قبل أن تصل إلى السوق.