دبلوماسيون يرسمون صورة قاتمة لمساعي كبح برنامج إيران النووي

ليس لدى أميركا وحلفائها كثير من الخيارات المعقولة في مواجهة أنشطة إيران النووية.
الجمعة 2023/11/17
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدفع لعودة المفتشين الدوليين لمنشآت ايران النووية

باريس/واشنطن/فيينا - لا تملك الولايات المتحدة وحلفاؤها الكثير من السبل المتاحة لكبح أنشطة إيران النووية فقد توارت منذ فترة طويلة احتمالات نجاح المحادثات في إحراز تقدم كما يحمل تشديد الإجراءات بحق إيران في طياته خطر تأجيج التوتر في منطقة مشتعلة بالفعل بسبب حرب غزة.

ورسم أربعة دبلوماسيين حاليين وثلاثة سابقون صورة قاتمة لمساعي كبح البرنامج النووي الإيراني الذي تقول تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن تطوره مستمر.

ومع انتخابات أميركية مقررة العام المقبل، تحدث الدبلوماسيون عن تطورات تحد من المساحة المتاحة لدى واشنطن للمناورة في ما يتعلق بملف إيران النووي.

ووفقا لواحد من تقريرين سريين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصبت إيران الآن كميات من اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهو مستوى يقترب من درجة نقاء لأزمة لتصنيع أسلحة وتقول القوى الغربية إنه ليس له استخدام مدني، بما يكفي لتصنيع ثلاثة قنابل نووية. وجاء في التقريرين أن المخزون مستمر في الزيادة رغم أن إيران تنفي باستمرار رغبتها في امتلاك أسلحة نووية.

وبعد فشله في إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018، لا مجال الآن أمام الرئيس جو بايدن حتى لدراسة الوصول إلى "تفاهم" غير رسمي للحد من أنشطة طهران النووية في ظل احتدام الصراع وتصاعد التوتر في المنطقة.

وقال دبلوماسي أوروبي كبير "هناك نوع من الشلل خاصة بين الأميركيين... لأنهم لا يريدون صب الزيت على النار".

وأي مفاوضات بهدف الوصول إلى "تفاهم" مع إيران ستتطلب تقديم واشنطن تنازلات مثل تخفيف نظام العقوبات الصارمة المفروضة على طهران مقابل الحد من أنشطتها النووية.

ويبدو أن مثل هذه الخطوة غير واردة الآن بعد أن شنت حركة المقاومة الإسلامية حماس المدعومة من طهران هجوما في السابع من أكتوبر على إسرائيل حليفة الولايات المتحدة.

وقال البنتاغون، إن جماعات مسلحة مدعومة من إيران في المنطقة شنت منذ ذلك الحين عشرات الهجمات على القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق وسوريا.

وعلى الصعيد الداخلي، تقيد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي لم يبق عليها سوى عام واحد، إدارة بايدن. وقد يستغل ترامب الذي يبدو في الوقت الحالي أنه سيكون المنافس الأرجح لبايدن، أي تعامل مع طهران ويصوره على أنه ضعف.

وقال روبرت أينهورن المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية "في الأجواء الحالية من غير الممكن سياسيا السعي إلى تسوية مع إيران بشأن المسألة النووية"، مضيفا "الجدل السياسي لن يدور حقا حول التفاوض مع الجمهورية الإسلامية، بل سيكون حول مواجهة إيران".

ونشرت الولايات المتحدة حاملتي طائرات في المنطقة وطائرات حربية في شرق البحر المتوسط لأسباب منها تحذير إيران، لكن مسؤولين أميركيين أوضحوا أيضا أنهم لا يريدون التصعيد وطالبوا الجماعات المسلحة المدعومة من طهران بالتوقف عما تفعل.

وستركز الولايات المتحدة وحلفاؤها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا من أطراف الاتفاق النووي المبرم عام 2015 على اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المقبل.

وأظهر تقريران من الوكالة هذا الأسبوع أن إيران تحرز تقدما نوويا مطردا وأشارت إلى أن طهران تواصل عرقلة مراقبة الوكالة لعملها.

ولم يحظ اتفاق تم التوصل إليه في مارس لإعادة تركيب معدات مراقبة تشمل كاميرات أزيلت العام الماضي بطلب من إيران إلا بتنفيذ جزئي.

كما أغضبت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضا في سبتمبر بسحب تصاريح العمل من بعض أكثر مفتشي الوكالة خبرة بما منعهم عمليا من العمل داخل إيران.

وهددت قوى غربية في سبتمبر بإصدار قرار ملزم يأمر إيران بالتراجع عن مسارها، ويعد ذلك أحد أقوى العقوبات في جعبة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال أربعة دبلوماسيين إنه من المستبعد التوصل إلى قرار الآن لأنه من الضروري تجنب التصعيد الدبلوماسي والنووي مع إيران في الوقت الذي ينصب فيه الاهتمام على الصراع بين إسرائيل وحماس.

وذكروا أنه من المرجح أكثر في الوقت الحالي التحرك بشكل أقل صدامية، مثل إصدار بيان شديد اللهجة لكنه غير ملزم بما يهدد باتخاذ إجراءات أكثر صرامة في الاجتماع القادم لمجلس محافظي الوكالة في مارس.

وقال الدبلوماسي الأوروبي البارز "لا يمكننا أن نستصدر قرارا... إذا مررنا قرارا... سيخاطر ذلك بدفعهم (الإيرانيين) صوب الحافة للتخصيب إلى 90 بالمئة". وتبلغ درجة النقاء المطلوب تخصيب اليورانيوم إليها لتصنيع الأسلحة النووية نحو 90 بالمئة.

وذكر دبلوماسيان أن كل ما يمكن القيام به في الأشهر المقبلة هو دعم جهود رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لتعزيز الرقابة على برنامج إيران النووي. ويسعى رئيس الوكالة إلى إعادة إمكانية عمل المفتشين قبل نهاية العام.

وقال أحد الدبلوماسيين "من السابق لأوانه القول ما إذا كانت إيران ستصبح دولة نووية أم أنها ستبقى دولة على أعتاب ذلك كما هو الحال الآن... لكنها ستستمر في الوقت الحالي في التخصيب".